حوارات عميقة وجادة تقودها و تجريها الحكومة من أجل ترجمة بيانها على أرض الواقع بما يدفع العملية الانتاجية بكافة مكوناتها خطوات حقيقية و مدروسة إلى الأمام , باستخدام كافة الإمكانيات المتاحة و الكامنة عبر استنهاض المنظمات و النقابات و القطاع الخاص و المصارف و كل الأطراف التي يمكن أن تكون شريكاً حقيقياً في دفع الانتاج و توجيه الأموال نحو الاستثمار المجدي المدعوم برغبة حكومية حقيقية بخلقه و تقديم كل مقومات ظهوره بشكل سليم ولو كان بالشراكة معها .
في "الأحد الاقتصادي "  الذي بات يشكل منصةً هامةً للحوار في مختلف القضايا التي من شأنها تطوير العمل الحكومي وجعله أكثر فاعلية  و تأثيراً بما ينسجم مع استحقاقات المرحلة و انعكاسات ظروف الحرب الصعبة و الحصار الأصعب المستمر منذ ما يقارب الست سنوات , صار الوضع الاقتصادي صعبا للغاية و تراجع الانتاج و المؤشرات بشكل حاد الأمر الذي يتطلب استهاض الامكانيات و ابتداع الحلول التي تتوافق مع الخفاظ على "الدور الاجتماعي للدولة " والذي لم تتخل عنه رغم كل الصعوبات التي مرت طوال سنوات الحرب , و لكن لا بدّ من قيادة هذا الدّور بطريقة مختلفة  وبناءً على حسابات جديدة تأخذ بعين الاعتبار وقف الهدر وقيادة الترشيد بتوجيه كل ليرة يتم توفيرها نحو الاستثمار و تحريك العملية الانتاجية بكافة مكوناتها و أشكالها و حجومها بما يساعد على  خلق حالة مجتمعية قادرة على السير باتجاه الانتاج و خلق فرص العمل الذاتية تحت مظلة المشاريع الصغيرة و المتناهية الصغر و حتى المنح الانتاجية التي يمكن توفيرها من شركاء محتملين و من الدولة نفسها عبر وزارة الزراعة .  ..
بالمقابل لا بد من أن يكون للترشيد وجها آخر أكثر فاعلية ونجاعة عبر ترميم النقص الحاصل في كفاءة الموظفين و التأكيد على تأهيل الكوادر على قاعدة أنّ المؤسسات بحاجة الى كوادر مؤهلة و لا ينقصها موظفين  , و هذا يمكن أن تتم إدارته بطرق وحلول مبتكرة ومختلفة لعلها تحتاج الى إرادة و شجاعة و قدرة على إعادة التعامل مع الكم الكبير من الموظفين المتواجد في الكثير من المؤسسات يأخذون راتب مقابل دوام و تحويلهم إلى كوادر مؤهلة و مدربة لمن رغب واستطاع منهم و إلا فاللجوء ربما إلى حلول التقاعد المبكر أو إعطاء نسبة من الراتب مقابل الجلوس في المنزل وغيرها من الحلول التي تبدو متحققة آجلا أم عاجلا عملا و اقتداءاً بكثير من الدول التي أرادت فعلا الخروج من أزماتها الاقتصادية و الحفاظ في نفس الوقت عى دورها الاجتماعي لأن النهوض بالاقتصاد ينعكس على الحالة المجتمعية لجهة توفير فرص العمل و تبني برامج الرعاية الصحية و الاجتماعية و الحفاظ على مجانية التعليم و إطلاق المشاريع الصغيرة و المتناهية الصغر و غيرها ..
و من هنا كان تأكيد السيد رئيس مجلس الوزراء المهندس عماد خميس : بشكل مستمر على توجيه الواردات نحو الانتاج بما فيها عملية الترشيد نفسها المتبناة من الحكومة و التي يجب أن يكون أحد أوجهها دعم الاستثمار و الانتاج  .
و هو ما يحاول ويسعى اليه المهندس خميس فعلا ليكون خلاصة عمل كل مجموعات و فرق العمل التي شكلها منذ توليه قيادة الحكومة وصولا الى وضع رؤى تكون قابلة للتحقق على المدى الآني و المنظور , و في الوقت نفسه تحمل بعداً استراتيجيا تكمله الحكومات القادمة و لا تنسفه حفاظا على العمل المؤسساتي و حرصا على الوقت و الجهد الذي يبذل من أجل تطوير العمل . 
في جلسة الأحد الاقتصادي الأخيرة  : كان حديث رئيس الحكومة واضحا و مباشرا عندما قال : "لا بدّ من الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة و كل ليرة لا يتحقق انتاج  من صرفها لن تصرف "  ..
رئيس الحكومة الذي يفسح المجال للتحاور حتى في  الطروحات  الأكثر تطرفا و إيلاما مُصّر على تحقيق قفزة حقيقية في العمل الحكومي بما ينعكس قرارات سليمة و مدروسة بشكل كاف لقيادة عملية الترشيد و التوفير بالتوازي مع اطلاق حقيقي للمشاريع الاستثمارية التي يتأكد فاعليتها وجدواها .
الاقتصادية في المناطق و المحافظات الآمنة السبعة  الى حين تحرير باقي المناطق ووضع خرائط استثمار و تنمية و إعادة اعمار خاصة بها .أي التهيأ منذ الآن للجهد الكبير الذي  ستفرضه عملية اعادة الإعمار حين استكمال النصر و تحرير البلاد من الإرهاب . .
مع الإشارة هنا إلى أنّ جلسة الأحد الاقتصادي و التي شهدت نقاشات مهمة للغاية على صعيد الترشيد و البحث عن موارد و أيضاً  على صعيد الاستثمار و دعمه و تحريره من المعيقات التي تمنع تقدم  بعض المشاريع نحو مرحلة العمل و الانتاج وبناء عليه وجه السيد رئيس المجلس بمعالجة كافة المعيقات من قبل الوزرات و المحافظين المعنيين مباشرة
أما فيما يخص قيادة عملية الترشيد فقد كلف الوزراء باعتبارهم الأعلم بالأماكن التي يكون الترشيد فيها ممكنا بتقديم اقتراحاتهم لذلك .
وفي كل ما شهدته الجلسة من تبادل للأراء فإنّ المهندس خميس حاول و كعادته التركيز على استنهاض روح الحوار بشكل أوسع وقال " علينا أن نفرد كل شيء على الطاولة و نتحدث في كل شيء مهما كان صعبا حتى نتمكن من بناء الصورة بشكل أفضل و أسلم  , داعيا الى التمسك بروح الفريق و العمل بشكل جماعي من أجل بناء القرارات و الرؤى التي تخدم الناس و المجتمع و الاقتصاد .
و في كل ذلك بدت الرؤى الاستثمارية بمكوناتها و أطرافها أوضح بعد عرض الخارطة الاستثمارية التي تضم نحو 280 مشروعا في المحافظات السبع الآمنة و التي يجب أن تتلاقى مع طيف آخر من المشاريع السياحية و الصناعية بالاضافة الى مشاريع يجري التحاور حولها مع مغتربين و رجال اعمال محلين ,  و بطبيعة الحال الاستمرار في العمل على خلق قاعدة حقيقية وواضحة للمشاريع الصغيرة و المتناهية الصغر و البحث عن امكانيات التمويل و التدريب و التسويق لها .  .
كل ذلك يجعل كما يقول المهندس خميس "  ترتيب العمل الحكومي فيما يخص دفع الانتاج و قيادة الترشيد بكثير من الحكمة و الدراية يسير في الاتجاه الصحيح , و يقرب من القيام بخطوات تنفيذية لم تعد بعيدة من أجل صياغة متطورة و منطقية لإعادة هيكلة النفقات الحكومية ومواجهة المخاطر القادمة وتزايد أعباءالمديونية الخارجية و الداخلية التي وصلت بسبب الحرب و الحصار الى مستويات غير مسبوقة مما يؤكد ضرورة اتخاذ الاجراءات الملائمة لتأمين مصادر بديلة لتمويل العجز في الموازنة و تخفيف الانفاق العام وخاصة الانفاق الجاري و التخفيف قدر الامكان من الاعتماد على طباعة النقد
وكان الدكتور دريد درغام حاكم مصرف سورية المركزي : عرض خلال الجلسة لجملة من المقترحات و بجرأة في الطرح لجملة من الأمور يرى أنّ من شأنها المساعدة على إعادة هيكلة النفقات الحكومية و تحقيق موارد أكبر و أسرع من بينها التركيز على تمويل ودعم الانتاجية و التصديرية ذات القيمة المضافة العالية فعلا و عدم إكمال المشاريع التي لها أكثر من بديل و خلق مطارح ضريبية جديدة أكثر فاعلية والابتعاد عن  الضرائب النوعية لجهة تحقيق المزيد من العدالة كما اقترح تعميم برامج قياسية موحدة لأنشطة القطاع العام بما يوفر الورقيات و التصوير و الاحبار و الخزن و المراسلين ..
كما طالب درغام بإعادة النظر في سياسة الاستيراد و التصدير وتطبيق ترشيد حاد فعلا يعتمد مبدأ الاستيراد الضروري فقط و عدم استيراد كل ما ينتج محليا  .
و ايضا دعا إلى ايجاد حلول لتمويه اسماء التجار الحقيقيين والتأكيد على محاربة الفساد والتهريب .. و ايجاد منظومة معلومات قابلة للاستفادة منها في الزمن الحقيقي قدر الامكان ومنها منظومة منح اجازات الاستيراد حيث يتم ادخال جميع النصوص بشكل حر مما النقطة الاكثر جدلا كانت في دعوة الحاكم الى وقف التوظيف كتوظيف و لغاية الدوام فقط  بحيث يتم التركيز على رفد المؤسسات بالكوادر المؤهلة و القادرة على الانتاج و بالمقابل يتم معالجة وضع الموظفين غير المنتجين عبر تدريبهم وتأهيلهم تمهيدا لرفد المؤسسات التي هي بحاجة بهم . و في هذه النقطة كانت هناك أراء مختلفة لكنها بالمجمل ركزت على الدور الاجتماعي للدولة و بالتالي ضرورة أن يتوجه الحل نحو تأهيل الموظفين و طالبي فرص العمل .   

سيريا ديلي نيوز


التعليقات