جلسة التوعية تلك، لم تعرض أفلاماً قصيرة عن زواج القاصرات فحسب بل كانت حواراً مفتوحاً شرحت الأمهات فيه كيف حرمن من حق التعليم وأجبرن على ترك مقاعد الدراسة بسبب العادات والتقاليد والاقتناع بعدم الجدوى من تعليم الفتاة لأنها بعد سن الحادية عشرة ستكون الزوجة والأم والمسؤولة عن الأسرة.
ظاهرة زواج القاصرات لا تقتصر على مجتمعنا فحسب، فهي منتشرة في جميع أنحاء العالم حيث وصل عدد المستهدفات بالبرامج التوعوية إلى أكثر من 11 مليون فتاة حول العالم تتراوح أعمارهن بين 10 و19 سنة ليحصلن على معلومات خاصة بالصحة الإنجابية والجنسية، بهدف إنهاء زواج اليافعات والحد من حمل المراهقات وفقاً للمسؤول عن عيادات تنظيم الأسرة الدكتور غسان شحادة.
طفلة تنجب طفلاً
أجمعت الأمهات الصغيرات وهن في عمر الورود على أنهن ما زلن صغيرات في العمر والتجربة، وأن الأمومة أثقلت كاهلهن بحمل ثقيل، ولاسيما اللواتي يعشن تحت وطأة الفقر في المناطق النائية، ومنهن «فدوى خطار» مهجرة من حلب تقول: «الزواج في حلب يكون قبل أن تبلغ الفتاة الثامنة عشرة حتى لا تعد عانساً، لذا يضطر الآباء لتزويج بناتهم تأميناً لمستقبلهن، تزوجت بعمر الرابعة عشرة وأنا نادمة لأني كبرت على هموم الحياة بشكل مبكر جداً».
الحرب كانت الشماعة التي علقت عليها بعض الأمهات الصغيرات فشلهن وتجربتهن في الزواج المبكر، فالخوف على «شرف بناتهم» جعل بعض الأهالي يجبرون الفتاة على الزواج في سن مبكرة، غير مدركين أن جسم القاصر غير مهيأ للزواج والولادة ما يعرضها لأمراض جمة، وهو ما عرضه دكتور النسائية غسان شحادة خلال محاضرته عن الصحة الإنجابية من حيث الأثر الفيزيولوجي والنفسي للقاصر نتيجة جسمها الغض الذي لا يتحمل أعراض الحمل والولادة وإصابتها بالإجهاض المتكرر أو تأخر الحمل نتيجة الرحم الطفيلي غير المكتمل.
نادمات ولكن!
رغم وجودهن في عيادة صحية هدفها تقديم الخدمة الصحية والإنجابية لهن، لكن التعليم الذي حرمن منه بقي قابعاً في جوارحهن، مسبباً ندماً وحرماناً، فحين وزع القائمون على الفعالية أوراقاً صغيرة كي تكتب كل امرأة ما هو الحق الذي يجب أن تتمتع به كل فتاة، لم تكن صحتهن أول ما تبادر إلى أذهانهن، بل كان الحق الأول هو التعليم ثم الحياة والأمان، لذا أخذت الأمهات وعداً على أنفسهن ألا تتكرر التجربة مع بناتهن في الحرمان من التعليم، تقول سمر محمد بتأسف: «الله يسامح من حرمني من التعليم ومن حلمي، لن أحرم بناتي من التعليم تحت أي حجة أو ضغط».
عنف اجتماعي
الضغط الاجتماعي الاقتصادي، التهجير- الفقر وغيرها من المعوقات التي تكون ضحيتها الفتاة لابد من تخطيها والتصدي لها، حيث أكدت الاختصاصية الاجتماعية والنفسية غدير العوض أهمية توعية المرأة وعرض ما يمكن من الأفلام القصيرة من عيادات تنظيم الأسرة، التي قد تغير في الرأي العام للحد من انتشار ما يسمى «العنف القائم على النوع الاجتماعي» في المجتمع وهو التفريق بين الذكر والأنثى في الحقوق والواجبات.
مشيرة إلى أن رأي الفتاة في التخلص من هذا العنف ينطلق من نفسها لتكون صاحبة القرار في أن تقول لا بما يخص حياتها الشخصية كرفض الزواج المبكر والمطالبة بحق التعليم وحق تمكينها في مجتمعها ومساهمتها إلى حد كبير في بنائه.
اقتراح
من الصعب أن تحصل الفتاة وإن كانت في المدرسة على المعلومات الأساسية عن صحة الفتاة وحقوق الإنسان وحقوقها في الصحة الإنجابية.. لذا يقترح الدكتور غسان شحادة تعاون وزارة التربية عبر تخصيص كتاب مدرسي يجمع هذه المعلومات ويدرس في الصف الإعدادي حتى تدرك الفتاة حقوقها ولا تصبح يوماً ما عرضة للمرض أو الإصابة أو الاستغلال.
سيريا ديلي نيوز
2016-07-16 11:47:39