بدايات حزيران هي ذروة حصاد القمح في سورية عموماً وفي سهل الغاب تحديداً، إلا أن الجو مختلف في المنطقة هذا العام.. فموسم الحصاد يشارف على نهاياته وقت الذروة! وهذا غير مستغرب فالمساحات والغلة في السهل الممتد بين جسر الشغور شمالاً وحتى حدود مصياف جنوباً، شهدت خساراتها الكبرى في الموسم الحالي.. السادس في ظل الأزمة!.

قاسيون في استكمالها لاستطلاع أوضاع موسم القمح في 2016، وبعد استنتاج تراجع المساحات في الجزيرة بمقدار الربع، استطلعت من المزارعين والمختصين في منطقة سهل الغاب أجواء موسم القمح من حيث المساحات والغلة وتفاصيل أخرى ليتبين بأن تراكم الخسارات والإهمال خلال الأعوام الماضية وجد أثره في العام الحالي..


زراعة القمح في سهل الغاب مروية وبعلية، حيث الجزء الأكبر منها مروي بنسبة 92% من المساحة المزروعة في عام 2011، مقابل 8% بعلية، بمساحة إجمالية 55 ألف هكتار، وإنتاج إجمالي 250 ألف طن تقريباً، في العام الأول من الازمة.
خسارة 14 ألف هكتار!
اليوم تراجع إجمالي المساحات المزروعة إلى 41 ألف هكتار، بخسارة 11 ألف هكتار عن العام الماضي، حيث بلغت المساحات المزروعة في موسم 2015: 52 ألف هكتار تقريباً. استطاعت منطقة الغاب أن تحافظ على زراعتها للقمح بنسب تراجع ضئيلة حتى موسم العام الماضي، حيث كان التراجع بين عام 2011 و 2015، لا يتجاوز 3000 هكتار، إلا أنه في العام الحالي تراجع بمقدار 11 ألف هكتار!..
أي أن الغاب خسر مساحة إجمالية بين 2011-2016، حوالي 14 ألف هكتار، 3 آلاف منها خلال أربعة أعوام، و 11 ألف هكتار منها في الموسم الحالي 2016.
 المساحات التي تم خسارتها هذا العام هي 84% من خسارات المساحات منذ بداية الأزمة.
وبشكل إجمالي فإن المنطقة خسرت ربع مساحات القمح التي كانت تزرعها في عام 2011.
كانت مساحة بعلية تقارب 4700 هكتار في الغاب، تزرع بالقمح وتراجعت في الموسم الحالي إلى 2096 هكتار، أي خسارة 56% أكثر من نصف مساحة القمح البعلية، والتي استبدلت بغالبها بزراعة النباتات العطرية، مثل الكمون، الكزبرة، الحبة السوداء، والشمرى وغيرها، حيث العائدية أعلى بكثير، نظراً لانخفاض التكاليف، وعدم تأثرها بشكل حاد بتراجع الأمطار، كما في حالة القمح، فيقول المزارعون بأن عدم سقوط الكميات الكافية من الأمطار في شهر نيسان الحالي كان لها أثراً سلبياً كبيراً على المحصول.
أما المساحات المروية المزروعة بالقمح في هذا الموسم في منطقة الغاب فقد بلغت: 38,9 ألف هكتار مروي، بتراجع  9,8 ألف هكتار، بنسبة 20% عن موسم العام الماضي، حيث بلغت 48,7 ألف هكتار مروي!
466 ألف ليرة لسقاية أربعة أيام!
حافظت المساحات المروية على مساحاتها خلال الأزمة، لتنخفض بمقدار 2,7 ألف هكتار فقط بين 2011، و 2015، ولكنها تراجعت تراجعاً كبيراً في هذا الموسم، لتنتقل من 48,7 ألف هكتار في 2015، إلى 38,9 ألف هكتار في العام الحالي، لتخسر 9,8 ألف هكتار وتتراجع بنسبة 20% في عام واحد!..
حيث تكاليف الري أصبحت قياسية على المحصول، وأصبحت تدفع المزارعين للمفاضلة بين هذه الزراعة وزراعة الخضار، التي جدواها أعلى.
فالمحروقات في الغاب لم تنخفض بحسب المزارعين عن سعر 225 ليرة للتر، ولعشر ساعات تشغيل للمحرك، فإنك تحتاج إلى 200 لتر من المازوت، أي إلى 45 ألف ليرة، ويضاف إلى ذلك تكاليف زيوت المحركات، التي أصبح الكغ من الزيت المحروق بـ 1000 ليرة سورية، ويتم تبديل زيت المحرك حوالي 16 كغ، عندما يدور المحرك لمدة 100 ساعة.
أي عند تشغيل المحرك لمدة 100 ساعة، أي سقاية لمدة أربعة أيام تقريباً، فإن المزارع يدفع مبلغ: 466 ألف ليرة سورية، 450 ألف للمازوت، و 16 ألف للزيوت.
الفطور تأكل أكثر من نصف الغلة!
الملفت في هذا العام ليس فقط تراجع المساحات بشكل كبير، بل الغلة المتراجعة، يقول المزارعون في المناطق البعلية أن بعضهم حصل على غلة في الدونم لا تتجاوز 60 كغ، ويقدر المزارعون والمختصون بأن وسطي الغلة في الأراضي البعلية يبلغ في هذا الموسم 90 كغ في الدونم، وهو الذي يسجل وسطياً رسمياً في عام 2011: 350 كغ قمح في الدونم في منطقة الغاب، أي خسارة 74% وفق الوسطي، وهذا يعني خسارة ثلاثة أرباع كمية القمح المنتجة في وحدة المساحة.!.
أما في المناطق المروية فيقدر المزارعون بأن وسطي الغلة، لا يتجاوز 250 كغ في الدونم في عام 2016، بينما الوسطي الرسمي للغلة في مناطق الزراعة المروية كانت تبلغ 450 كغ في الدونم، بخسارة 44% من الغلة في المساحة!.
السبب الرئيسي بحسب المزارعين هو نوعي الفطور الذين أصابا المحصول في هذا العام، الأول هو الطفر التاجي، والذي ضاعف أثره في هذا العام، موجة حر عالية في شهر نيسان، وعدم سقوط الأمطار الكافية، ما سرّع في نمو الفطر.
أما الثاني،  وهو الأخطر: يسمى الفوزاريوم الذي يصيب التربة، وتشير المعلومات إلى أنه فطر سام لحبات القمح. يقول المزارعون بأن الوحدات الإرشادية والجهات التابعة للوزارة لم تتنبه للمسألة، ليتم معالجة التربة، في الأراضي المصابة، حيث أن المعالجة لا يمكن أن تكون بشكل إفرادي، بل تحتاج إلى معالجة عامة نظراً للارتفاع الكبير في أسعار أدوية معالجة الفطر.
يقول المزارعون بأنهم استشرفوا وجود فطر الفوزاريوم في المنطقة منذ سنتين تقريباً، إلا أن أحداً لم يبحث الموضوع حتى أثر على تآكل الغلة.. حيث عدد الحبات انخفض، والأهم هو وزنها، فحبات الحنطة المنتجة في هذا الموسم ناعمة جداً وصغيرة، حيث يقول المزارعون لقاسيون متهكمين: (إذا غربلنا الحنطة السنة.. راحت الغلة كلها)!.

سيريا ديلي نيوز


التعليقات