لقد أثرت  الحرب  التي تعيشها سورية على قطاع الصناعة بعد أن تم استهدافها من قبل الإرهابيين و تدمير العديد من المنشآت الخاصة والعامة بلغت أضرارها مليارات  الليرات السورية  وتسببت بنزوح العديد من الصناعيين والفنيين وذوي الكفاءات  إلى الخارج ، وتراجع المنتجات الزراعية التي تشكل مداخيل  للصناعة كالقطن والقمح والشوندر والخضراوات والفواكه ، وتوقف العديد من المنشآت الصغيرة والمتوسطة والحرفية ، وارتفاع تكاليف الإنتاج بسبب الحصارالاقتصادي الجائر ورفع أسعار المحروقات ، وإغلاق بعض المعابر الحدودية ، وصعوبة تسديد الديون للمصارف ، وتوقف العمل في إنشاء وتجهيز وتشغيل المنشآت التي كانت قيد الإنشاء إضافة إلى توقف العمل بمشاريع التعاون مع الجهات المانحة والمنظمات الدولية وتراجع أوضاع القطاع العام الصناعي في كافة المجالات .

إجراءات عديدة للمعالجة

لقد قامت الجهات المعنية بعدة  إجراءات لمعالجة ما يمكن من المشاكل التي يواجهها الصناعيون في عملية إعادة تأهيل وتشغيل منشآتهم ، كاعتماد آلية التعويض ، وإعادة جدولة القروض والالتزامات المالية ، وتخفيض فئات و نسب الرسوم الجمركية لتصبح ضمن خمس فئات جمركية وتعديل مطارح ونسب رسم الإنفاق الاستهلاكي على المواد والخدمات بما ينسجم مع التعرفة الجمركية الجديدة ، وتشكيل لجنة لحماية الإنتاج الوطني .

أن أهم المعوقات التي تواجه الصناعة حالياً تتمثل  في التأخر في تحديد وتقرير وصرف التعويضات للصناعيين المتضررين ، والبطء في إعادة تأهيل المرافق العامة من ماء وكهرباء وطرق وصرف صحي ، وعدم ايجاد معبر بري بديل للمعابر التي تم إغلاقها ، و استمرار صعوبات نقل العمال ومستلزمات الإنتاج وارتفاع تكاليفها ، واستمرار عملية تهريب المنتجات الصناعية وكذلك التلاعب في قيم وتصنيف المواد والمنتجات الصناعية الجاهزة، وعدم توفير التمويل اللازم سواء لإعادة التأهيل أو تشغيل المنشآت الصناعية، ، و الارتفاع المستمر لأسعار المحروقات وأسعار القطع الأجنبي، إضافة إلى عدم اعتماد سعر محدد للقطع الأجنبي الممنوح للصناعيين وتثبيته لفترة محددة تكفي لشراء ونقل مستلزمات الإنتاج المستوردة ، وعدم التعاون  بين ممثلي القطاع الخاص الصناعي والتجاري  وبين الجهات الحكومية  المعنية حول العديد من القضايا الأساسية التي تساعد في تحريك عجلة الإنتاج الصناعي والنشاط التجاري وترفد بالتالي خزينة الدولة بموارد إضافية سواء من الصادرات أو من خلال خفض المستوردات .

ويؤكد  الصناعيون أنه من الممكن قيامهم برفد موارد الحكومة من خلال الاستجابة لمطالبهم  الضرورية وذات الأولوية.

المقترحات

من أهم المقترحات التي من شأنها تحسين وضع الصناعة السورية وتعافيها هي معالجة مشاكل القطاع الصناعي وإعادة تأهيله في المرحلة الراهنة ومرحلة إعادة الإعمار والبناء المرتبطة بانتهاء الحرب  على  سورية , والحفاظ على وحدة البلاد ,و متابعة العمل على تأمين مواقع بديلة آمنة للمنشآت الصناعية التي تم تدميرها، والإسراع في إصلاح وإعادة تأهيل البنية التحتية والخدمات اللازمة، و توفير التمويل اللازم لإعادة تأهيل وتشغيل المنشآت الصناعية،  والإسراع في تنفيذ القرار الخاص بتقديم قروض قصيرة وبشروط ميسرة للمنشآت الصناعية المتعثرة حالياً لاستخدامها كرأسمال عامل ، و إطلاق حملة وطنية أهلية شاملة لتشجيع وحث المواطنين على دعم الصناعة الوطنية،  وإعطاء عناية خاصة للصناعات الضرورية لعملية إعادة البناء حاضراً ومستقبلاً، وإقامة دورات تدريبية للمهجرين والمهجرات داخل القطر لسد النقص الحاصل في العمالة الفنية، وتقديم الدعم الفني اللازم للمنشآت الصناعية في المجالات الإدارية والتنظيمية والتسويقية والمالية والإنتاجية،  والاستفادة من عملية إعادة تأهيل وتشغيل المنشآت الصناعية العامة والخاصة ,وتحديث وتطوير هذه المنشآت من خلال  إقامة وتوسيع مناطق صناعية جديدة بعيداً عن المناطق الزراعية وتشجيع المنشآت للانتقال إليها ، مع مراعاة أن تتم هذه العملية قدر الإمكان وفق منظور أوسع وأشمل يتمثل بإعادة النظر بالتوزع الجغرافي للمنشآت الصناعية من ناحية ومراعاة التخطيط الاقليمي والحفاظ على الأراضي الزراعية.

أما المقترحات الواجب تنفيذها على المدى القصير   فتتضمن  البدء بإعداد ملفات الفرص الاستثمارية ذات الأولوية للمشاريع الصناعية الضرورية التي تتطلبها عملية إعادة البناء والإعمار، و تهيئة البيئة التشريعية والمالية والتنظيمية اللازمة  لتحفيز الاستثمار الصناعي واستعادة رؤوس الأموال والمنشآت والخبرات التي نزحت، وإعداد وتنفيذ برنامج وطني متكامل لإصلاح القطاع العام الصناعي وإعادة بناء وتنشيط الصناعة السورية بشكل منسق ومتكامل مع كافة الجهات المعنية، وتشجيع إقامة شركات متخصصة لتسويق المنتجات الوطنية ، والتركيزعلى بناء الخبرات الوطنية في مجال التحديث والتطوير الصناعي في كافة الاختصاصات وإفساح المجال أمامها للمساهمة بشكل أكبر وأفضل في هذه العملية، وتخصيص أراض مناسبة في المدن الرئيسية وحولها لإقامة تجمعات صناعية ,وأخيراً إعداد وتنفيذ برامج تدريب وتأهيل للعاملين الحاليين والجدد في كافة المجالات والاختصاصات التي تتطلبها عملية إعادة البناء  وخاصة الصناعات ذات الأولوية مع ضمان توفير الحوافز اللازمة لهم لتشجيعهم على الاستمرار في العمل وتطوير قدراتهم ووضع الخبرات التي يحصلون عليها موضع التنفيذ في إداراتهم ومؤسساتهم .

أخيراً

 إن المطلوب ليس إعادة الصناعة السورية لما كانت عليه قبل الأزمة فقط  ، بل الوصول إلى ما كان يمكن أن تكون عليه لولا حدوث هذه  الأزمة  بمعنى تعويض ما فاتها من فرص وإمكانيات في اقرب وقت وأنجع السبل .

العروبة - مها رجب

 

 

 

سيريا ديلي نيوز


التعليقات