انعكست الأزمة العميقة على الواقع الاقتصادي والاجتماعي في سورية بمؤشرات سلبية كبيرة فتضاعف أعداد العاطلين عن العمل و سقط أغلبية الشعب في مستنقع الفقر و تضاعف أعداد المهاجرين لينضموا إلى قافلة النازحين داخلياً و اللاجئين خارجياً و لكن الملفت للنظر استمرار النهج الحكومي الذي كان المدخل للأزمة السورية عبر حكومة العطري و الدردري وما نجم عنها من آثار اجتماعية واقتصادية هشمت البنيان و جعلت الأجواء مؤاتية لتقبل الفيروسات و لتقوية البيئة الحاضنة للجهل و الفقر والتي استثمرت عبر التضليل الإعلامي و عبر إفاضة الدماء لقتل سورية و تقوية الفساد , و كان لافتا للنظر خلال الأزمة فرض نفس النهج و ببرامج لم يستطع الدردري فرضها لممانعة المجتمع السوري لها تعبيرا عن تمسكه بالامتيازات التي حصل عليها من خلال النهج الاشتراكي و الذي حصن المجتمع السوري بمجتمع قل به الفقر والبطالة و أنعشت البنى التحتية و ووصلنا لتنمية شبه متوازنة و انعكست الهجرة به من المدينة للريف و سيطرت الدولة على مختلف تفاصيل الحياة وعندما اقترح نهج الاقتصاد السوق الاجتماعي ليستثمر الإمكانات السورية ضمن تنافسية وتشاركية وفق رؤية صحيحة ولكن الذي حصل خروج كامل عن هذا النهج ليفرض نهج يحابي القلة و يهشم ما وصلنا له و كان استمرار قدري جميل بهذا النهج دليل على محاولة البعض تحييد النهج الاقتصادي عن الصراع وعرقلة أي محاولة لفرض نهج اقتصادي يراعي الخصوصية السورية أو الأزمة السورية لأن الاقتصاد بوقت الأزمات له برامج خاصة و سياسات و استراتيجيات معينة و عندما تكبر الأزمة لتصبح حرب شاملة يصبح العنوان اقتصاد الحرب ولكن للأسف لم نر أي شيء أو اهتمام لهكذا وضع أو ظروف , فالاستمرار وفق النهج الذي راعى تجار الأزمة وأس الفساد برر بالأزمة وتبعاتها هذه الأزمة التي أصبحت شماعة الفساد و الإرهاب و الالتفاف على القوانين وتبرير كل شيء ولكن أخطر ما لعب به كان الدولار و الأسعار وفق سلبية علنية من المصرف المركزي ووزارة حماية المستهلك في الأداء وإنما أكثر من ذلك في سلوكيات وأدوات تعاكس ما يجب فعله وهذا ما أدى لظروف معاشية خانقة و لمعاناة شعبية كبيرة لبيئة صمدت وصبرت و قدمت أكثر ما هو متوقع من صبر وإرادة و انتماء هذا الانتماء الذي حافظ على سورية ووحدة شعبها بمساندة المؤسسة العسكرية و التي كانت الحامي و الحافظ للبلد وحتى الحامي لمآسي السياسة الاقتصادية وما نجم عنها من سلبيات كبيرة وحتى في ظروف الأزمة استمر سرطان الفساد في نهش البنية وحتى الخطوط الائتمانية لم تترك من قبل أس الفساد و زلمتهم وهو ما قوض من أهدافها مع ملاحظة عدم المساعدة المرجوة من الدول الصديقة في هذا الإطار من خلال توفير السلع أو حتى العمل لحماية الليرة السورية و تقويض الإرهاب الاقتصادي الذي أصبح الهدف بعد الفشل العسكري

وبشكل عام لم يكن الأداء الحكومي يتناسب مع واقع الحال الاقتصادي والاجتماعي وبما تملك من إمكانيات و إنما استمر يحابي نهج معين و شخصيات محددة وهو ما قوض جزء من المعنويات الكبيرة للشعب السوري الصامد و زاد معاناتهم و إن لم يكسرهم و هنا يجب لفت الانتباه إلى أن من يلعب على وتر التهشيم الاقتصادي لا يقل خطورة و مشاركة بقتل سورية و تدميرها عن من يقاتلنا بالسلاح وأن قتل سورية اقتصاديا هي الخيار الأخير و أن دم الشهداء السوريين أطهر من الطهارة ولن نستطيع مكافئته إلا من خلال نصر سورية و شعبها عبر نهج يحابي الفقراء و يوصل للعدالة الاجتماعية و يعيد دور الدولة والمؤسسات لقيادة العملية الاقتصادية و الاجتماعية و يكافئ أصحاب القضية ويحاسب الخونة و الفاسدين و التابعين و العملاء بشتى أنواعهم , وأخيرا نقول لن يسامح أي شخص لعب بسورية و قتلها ومنهم من خان خصوصيتها و اقتصادها .

سيريا ديلي نيوز - الدكتور سنان علي ديب رئيس جمعية العلوم الاقتصادية


التعليقات