بنتيجة سوء الأوضاع الاقتصادية وتردي الواقع المعيشي لدى الشرائح الأوسع من المجتمع، اضطر الكثير من المواطنين للاستغناء عن الكثير من السلع، والحد من استهلاك ضروريات الحياة الأخرى، وذلك نتيجة ضيق ذات اليد أمام ارتفاع الأسعار الجنوني للسلع والخدمات، بالمقارنة مع الدخول المتناقصة يوماً بعد آخر، بسبب تدني القدرة الشرائية لليرة، وجشع الكثيرين، والتراجع المتعمد لدور الدولة الاقتصادي والاجتماعي.


مازوت التدفئة حاجة وليس للاستهلاك

ومن مواد الاستهلاك التي استغنى عنها المواطن، وتدنى معدل استهلاكه منها، كانت مادة مازوت التدفئة، ليس بسبب تدني مستويات الحاجة لها، بل بسبب السعر الذي لم يعد بإمكانية المواطن تكبده، بعد إجراءات التحرير الحكومية على تلك المادة، وغيرها من المواد، تحت شعار عقلنة الدعم المزعوم، الذي كان المواطن ضحيته.

فاعتباراً من مواسم الشتاء القريبة المنصرمة، وخاصة بظل واقع الأزمة والحرب، ظهر وبوضوح اعتماد المواطنين على الوسائل البديلة للتدفئة، اعتباراً من الكهرباء مروراً بالغاز وليس انتهاءً بالحطب، حيث كان هناك العديد من الأسر السورية التي باتت تستعمل كافة المواد المتاحة والقابلة للاشتعال في مواقدها ومدافئها، من بقايا الأقمشة والعبوات البلاستيكية، وحتى أكياس النايلون، مع كل ما تخلفه تلك المواد من سموم عند احتراقها.

كما لم تخف البيانات الرسمية ذاك التدني من معدلات الاستهلاك، وامتناع الكثير من المواطنين عن استلام مخصصاتهم من مادة المازوت، بسبب ارتفاع سعرها وعدم تمكنهم من تسديد قيمتها.

حيث ووفقاً للكمية المخصصة لكل أسرة وهي 400 ليتر على دفعتين، تكون قيمة الدفعة الأولى وهي 200 ليتر بالسعر النظامي مع الاكراميات بحدود 35000 ل.س، وذلك بعد الرفع الأخير لسعر المادة الذي حدد بـ 155 ل.س لكل ليتر، والذي حرر سعرها كلياً لتصبح أعلى من سعرها العالمي.

بدائل عديدة ولكن؟!

مع الأخذ بعين الاعتبار أن الوسائل البديلة أيضاً باتت كلفها مرتفعة جداً، ناهيك عن أن الكهرباء بظل التقنين وارتفاع سعرها لم تعد بديلاً لا على المستوى الاقتصادي ولا على مستوى استمرار التيار، كما هو حال الغاز المرتفع سعراً، مما عزز دور الحطب، الذي بات بدوره سعره مرتفعاً بشكل جنوني هذا العام، بسبب ندرته وصعوبة نقله، حيث باتت تكلفته لاتقل عن تكلفة المازوت بالسعر الحالي.

مناطق أكثر تضررا

ومع واقع أن الكثير من المناطق أصلاً لايمكن أن تصل إليها سيارات المازوت، مثل جادات ركن الدين والمهاجرين، والكثير من الحارات بالعشوائيات المحيطة بدمشق بسبب ضيق فسحاتها، (الدويلعة ومخيم جرمانا وغيرها)، مما كان يضطر قاطنيها للاعتماد على الكهرباء كوسيلة وحيدة متاحة للتدفئة، والحال كذلك فقد غدا أمر الدفء بالنسبة للقاطنين بتلك المناطق من الصعوبة بمكان، خاصة مع انقطاع التيار الكهربائي شبه المستمر فيها.

مزيد من المعاناة والشقاء

ومع الغياب المتعمد والمقصود لدور الدولة، عبر استمرار الحكومة بسياسات رفع الدعم عن مستحقيه، ستزداد الأسر التي ستعاني قسوة ومشقة الشتاء، كما وستزداد معدلات حرق الأقمشة والبلاستيك والنايلون في مدافئ الأسر السورية، مع كل مخلفاتها السلبية صحياً وبيئياً، ولتبقى حكومتنا العتيدة تنعم بالدفء مع شركائها من التجار والفاسدين، كبيرهم قبل صغيرهم.

وختاماً تأكد أيها المواطن الفقير؛ أن من خذلك ليس وطنك، بل حكومتك وشركاؤها.

سيرياديلي نيوز


التعليقات