شهدت الفترة الأخيرة التي نعيشها في بلدنا سوريا سياسات حكومية جديدة في ما أسمته عقلنة الدعم ورفع الأسعار للمواد الأساسية التي يحتاجها المواطن السوري والتي خنقته لأخر نفس ليصبح المجتمع السوري مهمش يعاني من تضخم كبير وارتفاع نسبة الفقر لمستويات عليا جدا كان  لموقع سيريا ديلي نيوز هذا الحوار مع الخبير الاقتصادي الدكتور سنان علي ديب رئيس جمعية العلوم الاقتصادية في اللاذقية الناشط في المجتمع المدني

سيريا ديلي نيوز :بالبداية دكتور سنان هل التضحم الذي حصل في الفترة الماضية نتيجة طبيعية للظروف التي تعصف ببلدنا السوري ؟؟

أكيد كان للأزمة الخانقة التي مرت على سورية أثر كبير في الوصول لهذه النسبة من التضخم والتي خنقت أغلبية الشعب وهشمت البنيان ولكن عندما نتكلم ذلك هذا لا يعني أن الأزمة بعواملها المتداخلة الداخلية والخارجية هي فقط من أوصلت الأسعار والمستوى المعيشي إلى هذه الدرجة وإنما هناك تضخيم مبرمج مفتعل من بعض ضعفاء النفوس وبعض تجار الأزمة و بعض الأدوات لبلدان كان الإسقاط الاقتصادي للجسد السوري هدفها ..أكيد إن المعروض من السلع قد تقلص لكميات كبيرة نتيجة الحصار الاقتصادي من جهة ونتيجة فقدان السيطرة على مناطق تحو هي ثروات نفطية وغازية و مواد غذائية ولكن بدأنا بالتكلم عن التلاعب ندما كانت المخازين متوفرة سابقاً وكان هناك فلتان كبير بالأسعار يترافق مع كل لعب بالدولار وتغييب كامل للمراقبة التموينية و للأدوات المالية و النقدية السليمة مما أدى لهذا التضخم والتضخيم المتراكم فكان هناك عقلية همها فرض سياسات اقتصادية عجزت عن فرضها من خلال حكومة العطري والدردري التي سبقت الأزمة فما لم ينفذ بقرار كان هناك مجموعات مسلحة تنفذه وخاصة تدمير معامل القطاع العام و المدارس والمستشفيات وكأن هناك من أراد أن يخصخص و يسحب سيطرة الحكومة عن العملية الاقتصادية حالياً ومستقبلاً وهو ما لاحظناه من خلال ضعف أداء مؤسسات التدخل التي تستقدم بضائعها من نفس تجار المواد بالسوق المحلية و كان هناك تثبيط لعمل مؤسسات التجارة الخارجية وضعف في أداء الخطوط الائتمانية لدول كان يجب أن يكون موقفها أقوى

سيريا ديلي نيوز : دكتور ما هي السياسات التي أدت إلى زيادة حجم التضخم كما تتكلمون ؟؟

 النهج الاقتصادي قبل الأزمة الهادف لسحب سيطرة الحكومة عن العملية الاقتصادية والخدمية و سحب كل آليات السياسات الهادفة للتوازن الاجتماعي وتحقيق نوع من العدالة .أهم السياسات ضعف دور الرقابة التموينية على الرغم من تشكيل وزارة لهذا الخصوص ...ضعف المراقبة و المتابعة والمحاسبة ...اللعب بالدولار بعواصف هبوط ونزول وعدم محاولة الإحاطة بسعر الصرف وكلنا تكلمنا عن أدوات أعطت نتائج عكسية ولم تكن موجات الهبوط إلا بتدخلات مؤسساتية بعيدة عن الواقع المالي والاقتصادي وكل هذا كان في بدايات الأزمة وكلنا يعلم أن احتياطي النقد الأجنبي قبل الأزمة يفوق 20 مليار عدا ما كان يكتنز بأيدي المواطنين وكانت لعبة الدولار و الأسعار من أكثر الأدوات إساءة للبيئة الحامية للوطن السوري و للطبقة الوسطى المهشمة أصلا قبل الأزمة....سلب روحية المؤسسات القادرة على لجم هكذا أمور بسبب فيتو خفي يريد السير بنهج يحابي البعض وكذلك كان لتدمير مؤسسات القطاع العام وعدم الاسراع بإصلاح بعضها بشكل مقصود ..وعدم إعطاء الدور الصحيح لمؤسسات التجارة الخارجية فكيف تكون هذه المؤسسات فعالة ومن يورد لها ولمؤسسات التدخل نفس التجار المحتكرين للسلعة بالسوق .رفع الرسوم و الضرائب و أسعار الطاقة بشكل يفوق كل الدول المحيطة مما أهاج الأسعار الهائجة أصلاً وأدى لرفع أجور النقل بشكل جنوني مضافاً للتكلفة الناجمة عن الوضع الأمني أصلاً .....الفساد المستشري و الذي تضاعف خلال هذه الأزمة وكل هذه الأمور جعلت الأسرة المكونة من 5 أشخاص التي كانت بحاجة لأحوالي 30 ألف قبل الأزمة بحاجة لحوالي 6 أضعاف أي ما بين (150_180) ألف ليرة سورية و السؤال المحير كيف يعيش ما بقي من شعب سوري ويؤمن معيشته من خلال هذه المعطيات ...ولمن ينظر الآثار الأكبر وخاصة سعر الصرف يجب أن تظهر بعد الأزمة وليس خلالها لأن وظيفة الاحتياطي النقدي هي خلال الأزمات

سيريا ديلي نيوز : ما هي الانعكاسات الناجمة عن هذا التضخم الكبير ؟؟

اندثار الطبقة الوسطى الموازن الأهم لأي بنيان وحاملة الثقافة و جسر التحولات الهادئة لي مجتمع ارتفاع الأسعار حوالي 6 أضعاف ارتفاع معدلات الفقر لدرجات غير مسبوقة و تحول أكثر من نصف الشعب السوري لبطالة سافرة وهجرة الكثير من الكفاءات و التقنيين وسهولة الانجرار والانقياد للبعض لمشاريع لا تخدم الوطن

سيريا ديلي نيوز : برأيك الطبقة الوسطى ما هو دورها في سوريا الحديثة ؟؟

الطبقة الوسطى في أي بلد هي حامية المجتمع من خلال الحفاظ على التوازن وكلما كبرت وانسجمت زادت صلابة البلد ومناعته ضد أي محاولات خارجية للنيل منه وللطبقة الوسطى معيارين أخلاقي ومالي ..قبل الأزمة نصحنا من انهيار الطبقة الوسطى لأنه انهيار للبلد وهو الهدف من خلال السياسات التي سيق بها وحاول البعض فرضها ولكن مناعة و صلابة الإرث الفكري التاريخي و العقلية السورية المتجذرة عاندت هذه السياسات التي كانت النواة والمدخل لتهشيم المجتمع السوري و لصناعة بؤر و مناطق من البطالة والفقر وكذلك كان هناك تفسيد مبرمج لقتل روحيتها علماً أن البعد الأخلاقي مرافق للبعد المالي في رسم حدود هذه الطبقة وقد كان هدف السياسات الخصخصة سحب إدارة العمليات الاقتصادية من الحكومة سحب ما سمي الدعم رفع الضرائب و الرسوم وأسعار الطاقة و عدم التعيين على أساس الكفاءة وإنما القبول بالسير بهكذا سياسات

سيريا ديلي نيوز : دكتور سنان برأيك ما هي السياسات التي خلخلت الطبقة الوسطى في سوريا ؟؟

في بلدنا دائما كنا نقول إن تواجد النية يتواجد أي شيء أكيد ما خسرناه من خلال هذه الأزمة ومن خلال ما أرتكبه الفاسدين والتجار المرتبطين بهم أي تجار الأزمة كبير وضخم ولا يمكن أن تتحمله أي دولة ولكن سورية من خلال تنوع ثرواتها وعمق تاريخها ووجود عمق اجتماعي همش بفترة وما زال مغيب وعقول نيرة

سيريا ديلي نيوز : هل من نظرة تفاؤلية بالوضع الاقتصادي السوري بالفترة المتوسطة والطويلة ؟؟

الموضوع يحتاج لخطط مرحلية و إستراتيجية تأخذ بأسلوب الأهمية و الأولوية الضرورية وكذلك لسياسات تعيين تعتمد على الكفاءة و التقنية وعلى السير بنهج يراعي الخصوصية السورية والابتعاد عن سياسات تحابي البعض و إن لم يعاد النظر بسياسات الأسعار التي فرضت خلال الأزمة وخاصة لحوامل الطاقة و للوقود ولم يحاسب فاسدي وتجار الأزمة و نصل لسلطة القانون فوق الجميع وإن لم تعاد الروح للمؤسسات الضابطة والناظمة للمجتمع فأكيد لن يكون هناك تجاوز .دولة مثل سورية بش عب عميق متجذر تسارع الدول لجذبه قادر على العودة القوية في ظل الثروات المتوفرة ولنا أسوة بما حصل باليابان وألمانيا بعد الحرب العالمية وخروجهم مدمرين وما وصلوا له نتيجة ثقافة متراكمة و متجذرة الأفق جميل إن عرفنا استثماره

سيريا ديلي نيوز- حاوره سليمان أمين


التعليقات