مهما حاول أيّ شخص منا أن يشعر بمعاناة الأخرين، وما يشعرون به من ضغوط ومشكلات ومصاعب في حياتهم لا يستطيع أن يشعر بالوجع نفسه، إلا إذا وضع نفسه مكانهم وعاش بظروف حياتهم. الطامة الكبرى التي نعاني منها في هذه الأيام، أن المسؤولين من وزراء و مدارء في مؤسساتهم هم أبعد كل البعد عن مايشعر به المواطن السوري من معاناة وصعوبات في حياته اليومية فاقت كل التوقعات وأثقلت كاهله وحمّلته أعباءً جسيمةً تزداد يومياً عن يوم.
 

هل المواطن يليّ فيّ بكفيّ

بيّن الفينة و الآخرى، يخرج الوزراء بتصريحات إلى الشارع السوري تكون فيّ بعض الأحيان خارجةً عن الواقع وعن علم المنطق وعن جميع المسلمات و البديهات. وكأن كل واحد منه يعيش على جزيرة وحيداً بتبريرات غير منطقية متلونه بالاستخاف بعقل المواطن السوري لأيّ قرار يتخده في وزارته، التي تكون في نهاية المطاف سبباً في زيادة المعاناة النفسية و المادية للمواطن السوري.

"لو ظل ساكت كان أحسن"

خرج وزير حماية المستهلك والتجارة الداخلية جمال شاهين منذ يومين بتصريح خطير وناري، بغية أعطاء مبرراً منطقياً يهدئ به الشارع السوري ويعزز الثقة بينه و بين المواطن، ويدخل السكينة في قلبه على ضوء إصدار قراره برفع سعر مادة المازوت والغاز المنزلي و مادة الخبز. والذي انعكس بشكل مباشر على أسعار المواد الأساسية في سورية. و كان مفاده كالتالي:" أكد وزير التجارة الداخلية جمال شاهين بأن القرارات الجديدة الخاصة برفع سعر المازوت والغاز المنزلي، تأتي تماشياً مع سياسة الحكومة في تطبيق سياسة عقلنة الدعم واعادة توزيعه على الفئات الأكثر حاجة". وأشار الوزير شاهين إلى أن الارتفاعات التي طرأت على أسعار النفط عالمياً تحتم تحريك الأسعار، وعلى الرغم منّ ذلك فإن دعم المازوت مستمر، وإسطوانة الغاز مازالت مدعومة بـ 300 ليرة مقارنة بالكلفة الفعلية، كما أن ليتر المازوت مدعوم بـ 17 ليرة سورية.

وشدد شاهين على أن كل قرار حكومي ينبع بالضرورة من مرتكزين أولهما مصلحة المواطن، وثانيهما مصلحة البلد ككل، مشدداً على أن نتائج إعادة هيكلة الدعم قد لا يتلمس المواطن نتائجها الإيجابية بشكل آني ولكن على المدى المنظور سيجد انعكاساتها على شكل دعم يستهدف الفئات الأكثر حاجة، وتحسناً في الخدمات العامة. وأن القرار يأتي متابعة لسياسة الحكومة في تطبيق سياسة عقلنة الدعم واعادة توزيعه على الفئات الاكثر حاجة.

محمد أبو القاسم: الحكومة بقرارتها ستوقع المواطن في مستنقع التسول

في تصريح خاص إلى شبكة عاجل الإخبارية قال الأمين العام لحزب التضامن، محمد أبو القاسم حول قرار وزير التجارة الداخلية برفع الأسعار:” يهدف الوزير من رفع الأسعار أرفاد خزينة الدولة من مال المواطن،  غير آبه بالواقع المرير الذي يعانيه من ضغوط الحياة خلال الازمة و ضعف دخل الفرد الذي يتزايد ضعفه يوما بعد يوم مع ارتفاع القطع الاجنبي أمام الليرة السورية فقد أمسى مدخول الراتب الشهري للموظف أقل من 100 دولار شهرياً،بعد أن كان يتقاضي ما يعادل 300 دولار .فالقيمة الشرائية للرواتب في انخفاض و الرواتب في ارتفاع مستمر و اذا استمرت الحكومة بسياستها الحالية ستدفع المواطن في مستنقع التسول.فقررات الحكومة الرشيدة تخدم مصالحها وتدعم استراتيجيتها المستقبلية، و ليست في خدمة المواطن بحسب تصريح السيد الوزير.


هيكلة الحكومة في رفع الدعم ستثير سخط الشعب  

وأكد أبو القاسم أن استمرار الحكومة في هيكلة رفع الدعم عن المواد الأساسية، سيثير السخط الشعبي و يعزز الفجوة بين الحكومة و المواطن، و بفقد الثقة بالحكومة التي وجدت لخدمة المواطن ، لأن الأخير  لم يعد يشعر بأن حكومته تعمل لأجله و للمصلحة العامة.

وأنهى أبو القاسم حديثه : "ستكون هنالك مطالب شعبيه بإسقاط الحكومة بوزرائها إذا استمرت الحكومة بقرارتها الأنانية التي لا تأبه للمواطن ولا لظروفه و أوضاعه المعاشية. فالحكومة لا تتحمل عبء المواطن لاتستحق أن تبقى في موضعها".

أنس الشامي "تصريح الوزير لم يرتقي إلى مستوى معاناة المواطن السوري"

وأكد عضو مجلس الشعب أنس الشامي في تصريح خاص إلى شبكة عاجل الأخبارية قائلاً: "أن تصريحات الحكومة اليوم هي بعيدة كل البعد عن واقع و معاناة الشارع السوري، و دورها مقتصر على التصريحات الرنانة و غيابها على أرض الواقع، فالحقيقة الأسعار ترتفع للأسباب قاهرة خارج عن إرادة الجميع في ظل الظروف الراهنة، و لكن السؤال الهام أين دور الحكومة في مراقبة الأسعار و محاربة الفساد و استعلال المواطن الذي أصبح اليوم لقمة سائغة من قبل التجار الحروب. والذين يلعبون بقية يومه واحتياجاته الأساسية التي لا يستطيع الاستغناء عنها ليكون مبرر هؤلاء الكلمة المعتاده "كلو عم يغلى، لحنا مادخلنا الحكومة رفعت الأسعار" ليضيع غريم المواطن و يكون الحلقة الأضعف في نهاية المطاف. فعندما يصرح أحد وزار الحكومة بمثل ذلك التصريح الذي يفتقد إلى حس المسؤولية ولا برتفع إلى مستوى معاناة المواطن تكون كارثة بكل معنى الكلمة”.

على الحكومة أن ترحل إذا استمرت بسياستها الحالية اتجاه المواطن

وأشار الشامي على ضرورة أن تغير الحكومة سياستها اتجاه المواطن الذي لم يعد يتحمل أعباء و ضغوط الحياة و أنهك من صراعه الدائم مع ارتفاع الأسعار، و إذا لم تكن قادرة أن تقدم العون و المساعدة و تلعب دوراً فعلاً على أرض الواقع في الشارع السوري، و تضع استراتيجات و هيكليات تخدم المواطن و تدعمه بدلاً من زيادة واردات و عائدات الوزارات فمن الجدير بها أن تحمل حقائبها وترحل.

"أضعف الإيمان"

وبهذا انتهى الحديث والتصريح، الذي خرج تعقيباً على قرار الوزارة برفع الأسعار ليوسع الفجوة بين الوزارة و المواطن، ويعززعدم الثقة بين الشارع والمسؤول. فعندما يبرر الوزير قراره بأنه يتماشي مع سياسة الحكومة بعقلنة الدعم و إعادة هيكلته منّ جديد. ولكن الوقائع يعكس استمرار الحكومة بقرارتها برفع الدعم عن المواد الأساسية، والذي سبب بارتفاع المعيشه و دخول المواطن بمتاهة لايعرف متى يخرج منها. فعلى أي عقلانية يتحدث في تصريحه. ومن ثم يؤكد الوزير  أن القرار يصب في مصلحة المواطن والوطن.وينعكس إيجابياً على المواطن في المستقبل. فعلى أيّ مستقبل وعن أيّ منظور يتحدث عنه السيد الوزير، إذا كان الراتب الشهري لا يكفي مصاريف المواطن أيام قليلة و"الله يعلم كيف بقضي باقي الشهر" . فشغل الشاغل للشارع السوري حياته اليومية وليست المستقبلية.
وفي نهاية المطاف نجد أن تصريحات الوزير للأسف بعيدة  كل البعد عن الموضوعية و الواقع، وتفتقد للتحليل المنطقي فكان من الأجدر به أن ينزل إلى الشارع ويضع نفسه مكان ذلك المواطن الذي لم يعد يحتمل أعباء جديدة. أو يتحدث إلى الشارع بواقعية من غير تجميل الحقائق و بعفوية خالصة "بلغة الشارع"  بعيدة عن التصاريح الرنانة وهذا.... أضعف الإيمان.

سيرياديلي نيوز


التعليقات