الجميع يؤكد ان لبنان هو الاكثر تأثرا بالحرب السورية. وقد تراجع اقتصاده الى 2 في المئة من 7 في المئة. لكن البعض يشير الى ايجابيات رغم ذلك...؟

تراجع الاقتصاد اللبناني منذ انطلاق الأزمة السورية في العام 2011 من نمو 7 في المئة سنويا الى نحو 2 في المئة. فارتباط الاقتصاد اللبناني بالاقتصاد السوري الذي خسر حتى اليوم ما بين 70 و80 مليار دولار اميركي عميق جدا، والاكثر ارتباطا بين دول المنطقة. فالاقتصاد الاردني الذي كان له نصيب ايضا في التأثر السلبي يبقى في وضع افضل من لبنان على هذا الصعيد.

ويرى خبراء ان الاقتصاد السوري تراجع بنحو 35 الى 40 في المئة، ويتجه الى التراجع ايضا الى نحو 60 في المئة، حتى ان البعض يقول ان لكل تراجع في النمو في سوريا نسبته واحد في المئة يتراجع الاقتصاد اللبناني تلقائيا بنسبة 0.2 في المئة. وبالتالي، ومع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي في سوريا، فان المزيد من الركود الاقتصادي في لبنان سوف يؤدّي اذا ما استمرّت الأزمة السورية في العامين المقبلين الى نمو اقتصادي سلبي لبناني.

وتواصل الأزمة السورية تأثيرها السلبي على لبنان على مستوى القطاع السياحي بالدرجة الاولى ثم على مستوى التجار وتبادّل البضائع وعلى مساعدات دول الخليج، وحتى على حجم التحويلات من اللبنانيين العاملين في الخارج. كل ذلك، بالاضافة الى التأثيرات السلبية الداخلية الناتجة عن الوضع السياسي المتوتّر على الساحة الداخلية.

كما ان النزوح السوري الى لبنان، والذي يحمل معه اعدادا كبيرة من اليد العاملة الرفيعة، من شأنه ان يخفّض متوسط الاجور بنحو 14 في المئة بحسب بعض التقديرات مع ارتفاع العرض مقابل الطلب الضعيف. ومع اعتراف حاكم مصرف لبنان بتأثير الوضع السوري على لبنان، لكنه ما زال يتمسك بتوقعاعته حول نمو يقارب الـ 2 في المئة لهذا العام.

اذا كان للأزمة السورية ان تستمر لسنوات ايضا، فان الوضع لن يعود في خانة التدهور الاقتصادي، بل سوف يتطوّر الى مستوى النكبة والكارثة الاقتصادية والانسانية. يأتي كل ذلك في ظروف مالية لبنانية صعبة جدا، مع تنامّي الدين العام والعجز في الموازنة.

وتتحضّر البلاد لمواجهة تداعيات اقرار سلسلة الرتب والرواتب والتي تبقى غير واضحة تماما حتى اليوم. كما ان ذلك يحصل قبل ان يستطيع اللبنانيون من الافادة من الثروات النفطية اللبنانية مع مطلع العام 2015.

الوجه الآخر للأزمة السورية اذا ما وجدت مخرجا وحلا في المدى القريب، سوف يكون داعما للاقتصاد اللبناني. ويرتبط ذلك بمرحلة إعادة الاعمار التي سوف تأتي بعد انتهاء الأزمة مع الحاجة الى اعادة اعمار نحو مليون ومئتي الف منزل، اضافة الى البنى التحتية ومع ما يستدعي ذلك من كميات كبيرة من الاسمنت والمياه بأحجام لن تستطيع المصادر السورية الداخلية توفيرها. فاللبنانيون الذين تأثروا كثيرا بتداعيات الأزمة السورية، سوف يكونون الاكثر افادة في مرحلة ما بعد الأزمة وذلك على المستوى الاقتصادي خصوصا.

اما من الناحية الاخرى، فيقارن البعض بين التداعيات التاريخية الايجابية للحرب السورية في الخمسينات على الاقتصاد اللبناني والتي أوصلت الى لبنان عائلات ثرية كبرى ويقولون ان التاريخ يعيد نفسه خصوصا ان العائلات المذكورة احدثت تطورا تاريخيا ومهما في الخمسينات من القرن الماضي على الوضع في لبنان ماليا واقتصاديا.

 

سيرياديلي نيوز


التعليقات