وزارات الحكومة المتخصصة في الإنتاج الصناعي والزراعي والخدمي، اجتهدت في وضع خطط لإعادة إقلاع قطاعاتنا المنتجة الرئيسية، وبغض النظر عن مضمون هذه الخطط ومدى جديتها وقابليتها للتنفيذ، في ظل الأوضاع الناتجة عن تداعيات الأزمة والحصار الاقتصادي، لكن جميع هذه الوزارات تجاهلت الوجه الآخر لعملية الإنتاج، وهو الاستهلاك.

من سيستهلك هذه المنتجات؟! جماهير الشعب السوري ترزح اليوم تحت وطأة ضائقة معيشية هي الأسوأ في تاريخها، ففي الوقت الذي تتعملق فيه الأسعار وتحلّق أعلى فأعلى، تتقزّم أجور الطبقة العاملة وجميع  العاملين بسواعدهم وأدمغتهم، ومداخيلهم.

لقد أصدرت العديد من الجهات النقابية وشبه الرسمية والخاصة دراسات مدعمة باستطلاعات ميدانية أكدت فيها استحالة تشجيع أي قطاع منتج أو تحفيزه، دون الأخذ بالحسبان رفع القدرة الشرائية للفئات الفقيرة والمتوسطة.

ذكر أحد الباحثين الاقتصاديين المعروفين في سورية أن مستثمراً أجنبياً ألغى خطته للاستثمار في أحد القطاعات المنتجة في تسعينيات القرن الماضي، بعد أن قابل رئيس الوزراء آنذاك، وتباهى أمام هذا المستثمر الأجنبي برخص الأيدي العاملة السورية، وقال المستثمر بعد اللقاء:

(إن القدرة الشرائية الضعيفة للشعب السوري، وتدنّي أجور العاملين لا تشجّع المستثمرين الوطنيين والأجانب على الاستثمار).

وكيف ندعم صمود سورية أمام غزو الإرهاب التكفيري، إذا كانت الجماهير الشعبية، التي تُعدّ سند هذا الصمود وأداته، تئنّ تحت وطأة الضائقة المعيشية؟!

إن (عقلنة) الدعم أدت عملياً إلى حرمان المواطن من الرعاية الحكومية أمام (جنون) الأسعار، وفلتان الأسواق، وضعف الرقابة الحكومية، وتواضع مساهمة المجمّعات الاستهلاكية التي أصبح بعضها يجاري الأسواق الملتهبة، ورفع الحكومة لأسعار المواد الأساسية، كالمشتقات النفطية والخبز والعديد من الخدمات، ورفع نسبة الرسوم والضرائب غير المباشرة، كل ذلك جعل صمود أجور الفئات الشعبية ومداخيلها أمراً مستحيلاً.

فيا حكومتنا.. ما فائدة جميع خطط التطوير وبرامجه، إذا كان المواطن السوري سيقف في الأسواق متفرجاً؟!

جريدة النور

سيريا ديلي نيوز


التعليقات