في إطار الحل السياسي للأزمة السورية تسعى الدولة السورية بكافة مؤسساتها  للعمل الجاد في المضي قدما" باتجاه المصالحات الوطنية المحلية ممثلة بوزارة الدولة لشؤون المصالحة الوطنية .
سيريا ديلي نيوز  التقت مع محمد العمري من المكتب الإعلامي في وزارة الدولة لشؤون المصالحة الوطنية , وكان لها الحوار التالي :
س1 :سمعنا عن مناطق كثيرة تمت فيها المصالحات  ,وبعد فترة انتكست هذه المصالحات  , كقدسيا على سبيل المثال, مالأسباب وراء هذه الإنتكاسات ؟
أجاب محمد : بداية عندما نتكلم عن المصالحات يجب أن نقرق بين المصالحات المحلية التي تحدث على مستوى المناطق والأرياف , وبين المصالحة الوطنية  التي هي غاية العملية السياسية ,

فالمصالحات المحلية هدفها الأخير عودة الحياة الطبيعية إلى هذه المناطق ,وعودة الأمن والأمان إليها وعودة كافة خدمات الدولة للعمل فيها , وحصر السلاح بيد الجيش العربي السوري, هذه المناطق

التي تحدثتي عنها هناك مايقارب الخمسين منطقة أنجزت فيها المصالحات  بمراحل مختلفة  , فهناك مناطق أطلقنا بها مشروع المصالحة لكن لم تصل إلى البدء بهذه المراحل هيئنا الظروف المؤاتية

لهذه المصالحات , أنشأنا شبكة أمان  ,أنشأنا لجان أهلية تكون صلة وصل بين الأهالي في تلك المناطق ,وبين الوزارة لتفعيل الملفات التي نعمل بها من خلال  المراحل, قطعنا أشواطا" في بعض

المناطق ووصلنا إلى المراحل الأخيرة  في البعض , وفي البعض الآخر مازلنا في طور الإنتقال من مرحلة إلى أخرى , هذه المراحل قد نتعرض في إحداها إلى انتكاسة أو تأخير كما حدث في قدسيا

وبعض المناطق الأخرى , بالإضافة إلى ذلك الجميع يعلم أن قدسيا والمعضمية وغيرهما من المناطق على حدود خط تماس مع الممجموعات المسلحة التي ترفض المصالحات , ولاسيما منها

المجموعات الراديكالية التكفيرية التي تمول من الخارج وتحمل أفكارا" متطرفة  , ولهذا نشاهد الفتاوي التي تخرج من شيوخ الفتنة للدول التي تمول هذه المجموعات , وهذه الفتاوي تحرم إنجاز

المصالحات , وتستبيح دماء من يعمل في المصالحة  , واليوم لدينا المئات ممن عملوا في مجال المصالحة كعمل تطوعي استشهدوا واستهدفوا من قبل هذه المجموعات .
اليوم لدينا تجربة حية عن المصالحات المحلية , وهي منطقة الحسينية , التي تمكن الجيش العربي السوري من تحريرها من المجموعات المسلحة التي قامت بتهجير قسري للمواطنين السوريين في تلك

المنطقة , أي تهجير أكثر من 60 ألف نسمة من ثلاث سنوات.
رحلة العودة لمنطقة الحسينية تمت عبر ثلاث مر احل , ففي المرحلة الأولى تم إدخال أهالي الشهداء العسكريين وإعادتهم لبيوتهم , وقد بلغ عددهم مايقارب 2500 عائلة  , وفي المرحلة الثانية عودة

الأهالي الموظفين , والرقم كان مقاربا" كثيرا" ولاتزيد مدة كل مرحلة عن عشرة  أو أحد عشر يوما" فقط , بمعدل دخول 250 إلى 300 عائلة يوميا" , وفي المرحلة الثالثة تم إعادة الأهالي , ومازال

العمل مستمرا" لإعادة كافة المواطنين الذين يبلغون 60 ألف عائلة .
أيضا" تم تأهيل معطم البنى التحتية في تلك  المنطقة بجهود حكومية وبتعاون حثيث من الفعاليات الأهلية التي ساهمت بشكل  كبير في تسهيل العمل الحكومي , والتعاون معها لصيانة الطرق , وكذلك

العمل التطوعي,  أيضا" تم تأمين مقومات الحياة من خلال توزيع المساعدات والإحتياجات الأساسية للمواطنين , ووزعت مايقارب 3000 سلة غذائية بالإضافة للمواد الطبية , بعد عشرين يوما" من

إعادة المواطنين تم تأهيل 12 من أصل 16 مدرسة وبدأ فيها الدوام الرسمي وعاد الطلاب إليها , وبالتالي يمكننا القول بأن منطقة الحسينية في ريف دمشق تمثل نموذجا" حيا" للمصالحات المحلية ,

التي تهدف إلى عودة المواطنين لمناطقهم , وعودة الحياة الطبيعية إليها , وتحصينها ضد الإرهاب بجهود الجيش العربي السوري ,وستكون لها تأثيرات إيجابية على المناطق الأخرى سواء" في دمشق

أو في المحافظات الأخرى .

س 2 : الفترات السابقة الأخيرة شهدت طرح ملفات مصالحة محلية , ولكن ملف المفقودين والمخطوفين والموقوفين قد غاب عنها , مالسبب وراء  ذلك ؟
ضمن المراحل التي تنجز بها المصالحات هناك معالجة لمجموعة من الملفات , في إحدى هذه المراحل يتم معالجة ملف المفقودين بشكل عام , اللتي يندرج ضمنها ملفات المفقودين والمخطوفين ,

هؤلاء يندرجون ضمن العنوان العام وهوملف المفقودين , ونحن نعلم أن سورية تتعرض لحرب حقيقية , وموجة من الإرهاب المصدر لها من الخارج , وبالتالي كان من أحد أبرز الآثار الناجمة عن هذه

الحرب هو ملف المفقودين بعناوينه الثلاثة ,العنوان الأول هو الموقوفين فهذا الملف يعتبر من  الملفات الأكثر سهولة"  في تعاملنا كوزارة لأننا نتعامل مع جهات رسمية  أخرى فتكتشف أن هذا المفقود

هو موقوف من خلال البحث , بعد عدد من الأيام من خلال التواصل مع الجهات الرسمية نعرف أنه موقوف, فإذا كان مدانا" يحال إلى القضاء وإذا كان بريئا" يطلق سراحه .
أما الشق الثاني من ملف المفقودين , وهو ملف المخطوفين هنا إشكالية حقيقية في التعامل مع  معالجة هذا الملف , فنحن نتعامل  مع ملف يحمل الكثير من الحساسية  والهموم والآلام للمواطنين

السوريين , ونتعامل مع مجموعات مسلحة خارجة عن القانون , وفي كثير من الأحيان ترفض الكشف عن أسماء المخطوفين لديهم , وهنا تكمن الإشكالية الحقيقية في معالجة هذا الملف ,  ناهيك عن  

الأهداف التي تهدف لها هذه المجموعات المسلحة من الخطف  ,فهناك الخطف بهدف الإبتزاز المادي , والخطف لأسباب ساسية , وهناك الخطف بهدف خلق حالة من شرخ ثقة المواطنين  بالدولة عندما

تقوم هذه المجموعات المسلحة بالتواصل مع الأهالي وبخاصة أهالي العسكريين والموظفين المخطوفين , والقول لهم بأن أبنائكم لدينا ,وأن الدولة لاتسعى لإطلاق سراحهم لزعزعة ثقتهم بدولتهم , في

حين أن المجموعات الخاطفة ترفضن إطلاق هؤلاء المخطوفين  وهم في كثير من الأحيان يضعون شروطا تعجيزية أو أسماء وهمية مقابل إطلاق المخطوفين لديهم .
أما الملف الثالث من ملفات المفقودين هو ملف الذين يتحولون لضحايا الإرهاب الموجه على سورية ,  نكتشف ذلك بعد فترة من الزمن أي بعد قيام الجيش العربي السوري بتحرير تلك المناطق ونجدهم

قد تحولوا إلى ضحايا الإرهاب عن طريق قتلهم ودفنهم في مقابر جماعية من قبل المجموعات المسلحة .
هذه العناوين الثلاثة تعمل الدولة بكافة مؤسساتها , وزارة الدولة  لشؤون المصالحة الوطنية بشكل خاص  وفق تكليف حكومي وهي تعالج ملف المفقودين , ابتداء" من توثيق الحالة وانتهاء" بمعرفة

الظروف التي تم الفقد بها ومصير هذا المفقود .

 ,س3 : بحسب وزارة الدولة ماهو عدد المفقودين حتى الآن ؟
من ناحية العدد فإننا لانطرحه كثيرا" للإعلام  , فهو في حالة من التحرك والاستمرار   ونحن مازلنا في طور الأزمة أي ليس هناك عدد ثابت  والمفقودين في تزايد مستمر هذا من ناحية , ومن ناحية

أخرى فوزارة الدولة لشؤون المصالحة لا تخوض في الأرقام فما يهمها  معالجة ملفات السوريين وليس مجرد أرقام وحسب , إضافة إلى ذلك هناك من يقوم بدواعٍ  مماتسمى < منظمات إنسانية  >

تخدم أجندات خارجية , هذه المنظمات تستغل الأرقام وتقوم بمضاعفتها إلى عشرات المرات , لاستخدامها كأداة ضغط ملفقة في المحافل الدولية .
س4 :مالجديد في قضية التبادل بين الموقوفين والمخطوفين ؟
هناك مانسميه معالجة ملفين ضمن ملف واحد , تعلمون أن وزارة الدولة لشؤون المصالحة الوطنية تهتم بمعالجة ملف الموقوفين والمخطوفين , عندما تحدث استعادة المخطوفين لدى المجموعات

المسلحة مقابل إطلاق عدد من الموقوفين الذين لم تتلطخ أيديهم بالدماء , أو تكون جنحتهم بسيطة أو انهم أنهوا الكثير من مدة حكمهم , فالدولة تقوم بذلك بدافع إنساني ,وبدافع وطني وكواجب من

الدولة الأب الحنون الراعي لأبنائها الذين خطفوا بعد قيامهم بواجبهم الوطني .
س5 : سيادة الرئيس بشار  الأسد أصدر العديد من مراسيم العفو العامة والخاصة , بحسب إحصائيات الوزارة ما أعداد الذين سووا أوضاعهم استنادا" إلى هذه المراسيم ؟
هناك الكثير من الذين سووا أوضاعهم فمنهم من طلب بشكل مباشر من القيادة السياسية مرسوم عفو للعودة , البعض منهم حمل السلاح وغُرر به نتيجة اعتناقه لأفكار معينة أو إيديولوجية معينة , أو تم

الضغط عليه أو نتيجة انقطاع الخدمة فاضطر للبقاء في مسكنه ومعه سلاحه , هؤلاء تم إصدار العدد من مراسيم العفو التي تعيدهم إلى حضن الوطن  , بالإضافة إلى ذلك فهناك الكثير من المسلحين

نتيجة انسداد الأفق أمام مشروع حمل السلاح  ونتيجة الإنجازات التي حققها الجيش العربي السوري طلبوا مراسيم عفو مباشرةً من القيادة السياسية في الجمهورية العربية السورية, وقد أشار إلى ذلك

سيادة الرئيس بشار الأسد في لقائه مع المنظمات الشعبة والأهلية عندما تحدث عن الذين طلبوا مرسوم عفو للعودة إلى الخدمة .
نستطيع القول أن عام 2015 وخاصة في الأشهر الأولى تجاوز العدد 4000 مسلح ممن تم تسوية أوضاعهم .
س6 :ماسبب إهمال الوزارة لملف مفقودي اللاذقية , وقد علمنا أن الكثير منهم تم تهريبه إلى تركيا والبعض الآخر قتل في الأراضي السورية ؟
نحن نتعامل مع مجموعات تدار من الخارج , وهذه المجموعات تدار وفق أجندات خارجية الهدف منها الضغط على الدولة السورية بالدرجة الأولى  , المواطنون السوريون هم من يدفعون يوميا فاتورة

الحرب على سورية ,وهم ضحايا هذه الحرب الموجهة عليها , وليس هناك بيت سوري لم يعانِ من ملف الإرهاب وبالتالي فإن ملف مخطوفي اللاذقية وريف دمشق وكذلك عدرا وغيرها من المناطق هو

في صلب اهتمام الدولة السورية والقيادة السياسية في الجمهورية العربية السورية ,وجميعنا نذكر المرسوم التشريعي الذي أصدره السيد رئيس الجمهورية والذي وصل لحد الإعدام للجهة الخاطفة التي

تقوم بإصابة المخطوف بعاهة او أذى جسدي , بالتالي فلا يستطيع أحد القول بأن الوزارة لاتهتم بهذا الموضوع بل على العكس هناك اهتمام كبير من قبل الفريق الحكومي عموما" ووزارة الدولة

لشؤون المصالحة خصوصا" , لكن في كثير من الأحيان الخوض في التفاصيل على وسائل الإعلام دون وصول لنتائج لا يفيد , بل على العكس فهو يعرقل إنجاز هذا المف هناك دائما" محاولات فتح

قنوات للتواصل ومعرفة مصير هؤلاء المخطوفين , لكني أعود وأكرر أن تعمد المجموعات المسلحة رفض إفشاء ما لديها من أسماء هؤلاء المخطوفين من أهالينا السوريين في اللاذقية وغيرها هي

التي تعرقل إنجاز هذا الموضوع .

س5 : المصالحات الوطنية المحلية إلى أين ؟
المصالحات المحللية هي تعبير سياسي للقيادة السياسية في الجمهورية العربية السورية لحل الأزمة السورية , عندما أطلقتها الدولة السورية وأنشات وزارة الدولة لشؤون المصالحة الوطنية ولجنة

المصالحة ,كانت الفكرة غائمة لدى السوريين واليوم  بعد مرورو أربع سنوات على الأزمة السورية أصبحت ثقافة لدى المواطنين السوريين , وهم أصبحوا يرون في هذه المصالحات بوابة خروج من

الأزمة تمهيدا" لإطلاق المسار السياسي لحل الأزمة السورية وصولا" إلى مؤتمر شامل للمصالحة والحوار الوطني , كما تضمنه برنامج الحوار الذي أصدره السيد رئيس الجمهورية في السادس من

كانون الثاني للعام 2013 ,وبالتالي فإن المصالحات اليوم تمثل إرادة حقيقية لدى السوريين لزيادة التماسك الإجتماعي داخل المجتمع السوري في سبيل مكافحة الإرهاب والحفاظ على سيادة الدولة

السورية , أعتقد أن المصالحات في كلمة أخيرة هي ثقافة السوريين الذين يمتلكون حضارة عشرة آلاف عام من الحضارة والإنسانية والتاريخ والعلم وماقدمته للعالم ,
وسورية قدمت الإنسانية  والحضارة والسلام للعالم في حين أنه قدم لها الإرهاب , فنحن شعب  نحب السلام ونقدم هويتنا على أننا شعب له هوية مقاومة نعتز بها .

 

سيرياديلي نيوز- مادلين جليس


التعليقات