ويأتي العيد .. مفعما" بجراح سنوات خمس .. مترعا" بآمال وأحلام لوطن خالٍ من كل هم , يأتي العيد كما كل عيد , متحديا" كل الظروف , متجاوزا" كل الحواجز والأنفاق والإرهاب , وكما كل عيد يطرق جميع الأبواب فيفتح السوريون أبوابهم لاستقباله ، مستبشرين بقدومه خيرا" ، عله يحمل لهم جديدا" , ينسيهم ما حملته الأعياد الأربعة السابقة . مازال للعيد فرحه وابتساماته ، غير أنّها ابتساماتٍ ممزوجةً بغصّةٍ كبيرة, أحرقت القلوب وآلمت الأرواح.. هموم الناس تزداد يوما" بعد يوم ، فأوضاعهم على جميع الأصعدة تتراجع وتتدهور, بدءا" من الوضع الأمني الذي أصبح الشغل الشاغل لكل سوري , والذي جعل منه في حالة ترقب دائم لأي رصاصة أو تفجير أو قذيفة , فحدا بالكثير إلى إلتزام منازلهم , وإلزام أطفالهم الإمتناع عن الخروج و اللعب, حتى في العيد الذي يأتي قاصدا" الأطفال قبل الكبار . فإذا ما انتقلنا إلى الوضع الإقتصادي فسنصادف همّا" كبيرا" ووجعا" أكبر, ففي تلك السنوات البعيدة , حيث كانت البلاد تعيش أمانا" مطلقا" , وكان العيد عيدا" حقا", كان الطفل السوري ينام قبل ليلة العيد وملابسه الجديدة إلى جانبه كي تكون أول ماتراه عيونه حين يستيقظ , ويأتي صباح العيد فيستيقظ الطفل على أصوات الفرح , ويجوب شوارع المدينة وحدائقها لاعبا" ضاحكا" . أما اليوم , فأنّى للطفل هكذا أمنية, وقد أصبحت أسعار الملابس في السماء, وأصبح الأهل غير قادرين على تأمين كل متطلبات حياتهم كعائلة لها الحق في العيش الكريم ؟وأنّى له أن يتنقل في الحدائق ورصاص الغدر والتفجيرات قد تكون بانتظاره في أي لحظةٍ ؟ وأنّى لكل شخص أن ينعم بعيد كسابق الأعياد ؟ فالأسعار مثلها كمثل الرصاص كلاهما بات يتسابق في الوصول إلى المواطن وسلبه فرحة العيد بكل جديد . فملابس الأطفال أصبحت تضاهي ملابس الكبار في ارتفاع سعرها هذا إن لم تسبقها أيضا فقد سجل أقل سعر لها في الأسواق 2000 ليرة سورية وقد يرتفع ليقارب ال 6000 آلاف ليرة سورية .. أما الملابس النسائية فتتراوح بين 4000 آلاف ليرة سورية ولاتقف عند العشرة آلاف ليرة.. أما الملابس الرجالية فتراوحت بين.4000 آلاف ليرة وأيضا" كما الملابس النسائية فلم تتوقف عند العشرة آلاف ليرة سورية. فكيف لرب العائلة المكونة من أربعة أفراد على أقل تقدير أن يشتري ملابس العيد لأطفاله . سيريا ديلي نيوز جابت في الأسواق ، والتقت العديد من المواطنين الذين عبروا عن آرائهم بصراحة مطلقة , فقد قال محمد متسائلا" : إنني أجوب الأسواق منذ اكثر من ساعتين ، وإلى الآن لم أجد سعرا" مقبولا" فأين تحسن الوضع الإقتصادي الذي وعدت به الحكومة ؟ فإما أن يخفضوا الأسعار إلى النصف أو يزيدوا رواتبنا الضعف كي نستطيع تأمين كافة متطلباتنا . أما رائد فقال : إننا مخيرون بين حرمان أطفالنا من طعامهم واحتياجاتهم الأساسية وبين حرمانهم من فرحهم بملابس جديدة رواتبا أصبحت عاجزة عن كفايتنا إلى منتصف الشهر فكيف لنا بشراء ملابس العيد التي فاقت هذا الراتب ؟ منى كان لها رأي آخر فقالت : سأشتري لكل طفل من أطفالي الثلاثة قطعة ملابس واحدة، فمازلنا إلى الآن نقع تحت ديون اللوازم المدرسية والمونة التي أفرغت جيوبنا . المواطن السوري الآن يقع بين فكي كماشة ، فإما أن يحرم أطفاله فرحهم بالجديد في هذا العيد وإما أن يحرمهم من أشياء أخرى أساسية ، هذه حال أغلب المواطنين السوريين الذي مازلوا منذ مايقارب الخمس سنوات إلى اليوم يحاولون التأقلم مع جميع الظروف والأوضاع , وإن كان من اللغط في شيء أن نسميه تأقلما" فهو أقرب إلى التماشي مع الظروف الراهنة . سلال العيد هذا العيد فارغة من الألعاب والملابس والحلويات , فارغة من الأمان , ولكنها مترعة بآمال وأحلام لغد أفضل...غدِ آمن .

سيرياديلي نيوز- مادلين جليس


التعليقات