يتحدث مصطفى مستثمر كافتيريا لبيع العصائر والسندويش عن مأساته خصوصاً بالسنتين الأخيرتين حيث أصبح يعمل من أجل دفع أجرة المحل وفواتير الكهرباء التي تكسر الظهر، ولم يعد العمل إلا مجرد ألا يقال إنه عاطل من العمل في حين ما كان يمكن أن يكون ربحاً له يضيع بين رواتب العاملين وبعض الدفوعات الصغيرة التي تحميه من المخالفات الطارئة…. أما المطابع التي تشغل أقبية شارع خالد بن الوليد فتعمل على بوصلة التقنين والفواتير الضخمة التي تقصم الظهر فالكيلو بحسبة بسيطة يصل إلى 27 ليرة سورية بعد إضافة ملحقات الفاتورة وغراماتها.

الفاتورة الخرافية

يقول مصطفى: الفواتير التي ندفعها مخيفة، وتتجاوز أحياناً 50000 ليرة في الدورة الواحدة، والعمل لم يعد كما كان، والزبائن تتململ من رفع سعر السندويش والعصير، وهذا أيضاً هامش الربح الذي لا تحكم به فالزبون يهرب إلى المحل الأرخص.
يضيف مصطفى: هذا الرقم الكبير مع أن الكهرباء لا تأتي إلا في فترات قليلة خصوصاً في الأشهر الأخيرة فقد وصل التقنين في قلب العاصمة (البرامكة) إلى خمس ساعات.

ندفعها مرتين

أحمد مستثمر محل أنترنت أيضاً لا تخرج شكواه عما يقوله مصطفى، فالمحل كما يرى أحمد ويشير إلى (الأجهزة المشغولة) فارغ كما ترى، والزبائن قلوا كثيراً، والسبب انقطاع التيار كثيراً، وكذلك ضعف شبكة الأنترنت.

مصطفى وأحمد يدفعان ثمن بنزين أو مازوت المولدة بين 40-60 ألف ليرة سورية وهذا يضاف إلى المصاريف التي خلفتها الأزمة، وهي كانت أرباحاً صافية فأصبحت لدفع فاتورة جديدة لتأمين كهرباء تشغيل الأجهزة سواء في محل الانترنت أم الكافتيريا.

خيار وفقوس

يشكو أغلب العاملين في المحال سواء أكانوا مستثمرين أم أصحاب عمل من العلاقة مع موظفي الكهرباء من قراء العدادات وسواهم بأنهم يقومون بابتزازهم عبر التهديد بنزع العدادات وهذا يعين إعادة عداد الكتروني يقول عنه مصطفى بأنه يمرر التيار وهو مقطوع، وكذلك لدى هؤلاء بعض المدللين الذين تأتي فواتيرهم أقل قيمة، وحسب أحد العاملين الذي رفض أن يذكر اسمه فإن قراء العدادات يقومون بالعبث بالساعات لمصلحة البعض مقابل رشاوى شهرية دائمة في حين هم يحاسبون بالقرش وأكثر.

مصطفى يطالب وزارة الكهرباء بالرحمة، ومراعاة عملهم الطويل ومساعدتهم بدل أن يضطروا للهروب إلى مصالح أخرى يعيشون منها، وعلى الحكومة أن تشجع مهنهم التي تحول المكان إلى كتلة حياة نشيطة، وتؤمن الخدمات للزبائن الذين أغلبيتهم من الطلاب والمواطنين الذين يراجعون فرع هجرة دمشق.

أحمد يرى أنهم محسودون على لا شيء، وبالكاد المحل يؤمن القدر الأدنى من الدخل الذي يذهب كإيجار للمكان وأجور للعاملين، و(الشغلة مو جايبة همها)،

في خدمة المواطن… ولكن

أغلب المحال التي تنتشر في منطقة البرامكة تؤمن خدمات مختلفة للمواطنين، وتعتبر مركز العاصمة، وقريبة من أغلب الجامعات، وأغلب هذه المحال يعمل في تصوير الوثائق وخدمات الجوازات، ومطاعم وكافتريات ومقاهي انترنت، وهذا ما يجعلها ذات قيمة تجارية، وأعمالها تحتاج إلى التيار الكهربائي، وهذا ما يرتب عليهم المزيد من النفقات التي تكلفها المولدات البديلة المولدة للطاقة، ولهذا يرجو أصحاب هذه المحال النظر إلى طبيعة عملهم والحرص على أرزاقهم من الجهات المسؤولة خصوصاً الكهرباء فثمن استجرار الكيلو واط 25 ليرة سورية وهذا غال جداً كما يرون ويكسر الظهر.

المطابع متوقفة… إلا

حكاية أصحاب المطابع تتشابه في معاناتهم مع الفواتير التجارية الضخمة، والتي كما يقول عنها أبو عدنان أحد أصحاب المطابع في شارع خالد بن الوليد هي حكاية مهنة باتت على أبواب أن تتوقف كغيرها من المهن التي تعتمد على الكهرباء وعلى المستوردات المكملة للعمل مثل الأحبار والورق الذي تضاعفت أسعارها خمس مرات.

لا يمكن لآلات الطباعة كما يقول أبو ابراهيم أن تعمل على المولدة لتعويض انقطاعات التيار الكهربائي، وهذا يعني أننا نتوقف في الأسبوع ثلاثة أيام عن العمل، وهذا يعني أن الكتاب الذي كان يحتاج إلى يومي طباعة صار يحتاج بين 4-5 أيام.

الفواتير لا ترحم، وهي تأتي بالتقدير من المؤشر في أغلب الأحيان، وإن كانت التأشيرة صحيحة هذا يعني أننا سندفع ما بين 50-60 ألف ليرة سورية على حساب أن الكيلو سعره 25 ليرة يضاف إليه ليرتان غرامات وملحقات الفاتورة.

مدير إحدى دور النشر يقول إنه يدفع من جيبه أجر عمال المطبعة بعد أن توقفت أعمال النشر أولاً، وأسعار الأحبار قفزت خمسة أضعاف، وفواتير الكهرباء الكبيرة وحدها تأكل كل ما نربحه، وبتنا ندفع من جيوبنا كي نبقى موجودين في السوق الذي ينهار يوماً بعد يوم.
يجمع أصحاب المطابع على أن الدولة هي الأم الراعية لهذه المصالح، ولا تريد لها أن تتوقف، ولكن إن استمر الوضع على هذا المنوال فهم لديهم عائلات تريد أن تأكل فربما يتحولون إلى مهن أخرى ما زالت على قيد الحياة.

الوطن

 

سيريا ديلي نيوز


التعليقات