تفاءل العاملون في قطاع التعليم بدخول وزارة التربية ووزارة المالية في شراكة للتكافل الصحي عام 2010، وصفت الخطوة في حينها أنها خطوة تاريخية، بعد أن وقع وزيرا المالية والتربية أكبر عقد تأمين في سورية، الذي قدرت قيمة أقساطه للعام 2010 «2.8» مليار ليرة سورية، وكان من المفترض أن تغطي عقود التأمين الموقعة 360 ألف عامل لعام 2010 بقيمة تقديرية لأقساطه تعادل 2.880 مليار ليرة سورية ستتحمل منها الخزينة العامة للدولة ما يعادل 1.8 مليار .
المعلمة رانيا محمد. تقول: العمل بنظام الضمان الصحي هو أمر جيد ومفيد لنا نحن أصحاب الدخل المحدود، وخاصة ضمن الظروف الاقتصادية الصعبة التي نمر بها. حيث بتنا نؤجل أوجاعنا ونؤخر زيارة الطبيب، نتيجة ارتفاع تعرفه الكشف الطبي. فنحن مع الأسف نعاني وخاصة في منطقة ريف دمشق والمناطق التي يتواجد فيها معلمون تابعون لتربية القنيطرة من قلة الأطباء والصيادلة المتعاقدين مع شركات التأمين التي نحمل بطاقاتها.
وبالتالي بات يترتب علينا أن نقصد أماكن بعيدة عن أماكن سكننا الحالية، كي نحصل على خدمة طبية لائقة، أو نكتفي بمعاينة الطبيب الموجود حتى وإن لم يكن ذا الاختصاص المطلوب.
محمود غالب موجه تربوي. يقول: كانت خطوة الضمان الصحي خطوة جيدة جداً خاصة أننا بفضلها تخلصنا من الوصفات الطبية التي كنا لا نستفيد من قيمتها سوى بشراء الشامبوهات وبعض الأدوية البسيطة. لكن الظروف الحالية أدت إلى تراجع عدد الصيادلة و الأطباء والمخابر والمشافي المتعاقدة مع شركات التأمين، مما جعلنا عرضة لاستغلال بعض الصيادلة لهذا الواقع، حيث باتوا يفرضون علينا قيمة معينة للوصفة الطبية ويصرفون الأدوية التي تناسبهم، علماً أن الأطباء نادراً ما يكتبون وصفات طبية تحوي أدوية لا توافق عليها شركات التأمين. وهذا الأمر نعاني منه كوننا نسكن في مناطق تابعة لريف دمشق. فالزملاء المتواجدين في مدينة دمشق لا يعانون من هذه المشكلة. ويضيف نحن نتمنى أن يتم معالجة مشكلة قلة عدد الأطباء المتعاقدين مع شركات التأمين سواء في الريف أو في أماكن تجمع أبناء القنيطرة. فنحن اليوم وبسبب الظروف الاقتصادية الصعبة بحاجة شديدة لهذه الخدمة التي كنا نتمنى أن تشمل باقي أفراد العائلة.
الخدمة غير متوفرة
تعتذر الطبيبة ناهد عن تقديم خدماتها عن طريق بطاقة الضمان الصحي، وتقول: تنقلت بين عدد من المناطق وفقدت عدداً كبيراً من معداتي الطبية، كما لم أعد أملك انترنت سريع وغيره من مستلزمات التعاقد مع شركات التأمين، لذلك فسخت العقد مع الشركة.
تلقت قاسيون عدداً كبيراً من الشكاوى من المتعاقدين مع شركات التأمين لجهة رفع المخابر الطبية لتعرفة إجراء التحاليل. وتجتمع الشكاوى مؤخراً على عدم اكتفاء بعض مخابر التحاليل بتقاضي العشرة بالمائة من قيمة تكلفة التحليل لتطلب أكثر من نصف القيمة.
شركات إدارة فقط
قاسيون التقت الدكتور حازم تقي الدين مدير عام شركة ميد سير لإدارة النفقات الطبية التي تعتبر من الشركات المساهمة في إدارة بوليصة التأمين الخاصة بوزارة التربية السورية.
وقال نحن كشركة إدارة نفقات، نعمل على كيفية إدارة الإنفاق من حيث تأمين مزودي خدمة من أطباء وصيادلة ومخابر ومشافٍ، ولا نملك أية سلطة قضائية على المخالفين لتنفيذ العقود، لكننا في حال تلقينا شكاوى معينة نقوم بالتأكد من الشكوى، ومن ثم نتبع الإجراءات المناسبة كتوجيه الملاحظات للمزود خدمة التأمين وفي حال تكررت الشكوى أو كانت شكوى محقة، نبلغ النقابة المختصة وقد تصل الإجراءات إلى فك العقد وأحياناً تتخذ النقابات عقوبات مسلكية قد تصل الى الفصل من النقابة.
وأضاف تقي الدين أوجدت المؤسسة العامة السورية للتأمين بوابة الكترونية موحدة لجميع الأطباء والصيادلة المشافي والمخابر، ونحن كشركات إدارة ملزمين بالتعاقد مع تلك الجهات. وتابع: هناك عدد من الشروط يجب توافرها لدى الطبيب مزود خدمة التأمين، أهمها: حصوله على شهادة مزاولة المهنة والاختصاص والكفاءة، كما يجب أن يتوفر لديه معدات تساعده في عمل التأمين كوجود جهاز كمبيوتر متصل بالانترنت كي نؤمن سرعة خدمة العميل المؤمن لدينا.
وعن رفع المخابر لتكلفة الوحدة المخبرية، قال الدكتور نواف البشير مدير قسم الشبكة الطبية والعقود في شركة غلوب مد: إن الهيئة العامة للمخابر قررت في اجتماعها الذي أجرته في شهر شباط من العام الجاري، رفع سعر تكلفة الوحدة المخبرية بنسبة سبعين بالمائة، وأصبح هذا القرار نافذاً منذ ذلك التاريخ ويطبق على الزبائن غير المؤمنين، لكن الشركة العامة السورية للتأمين لم تقم برفع سعر التكلفة كون وزارة الصحة لم تقر رفع سعر التكلفة. لذلك وقع لغط كبير في هذا الخصوص، وتلقينا كشركات إدارة للنفقات الطبية شكاوى كثيرة بهذا الخصوص. ولكن لا يمكننا اتخاذ إجراءات بحق المخابر التي لا تعتبر مخالفة كونها تخضع لسلطة الهيئة العامة للمخابر التي أقرت الزيادة. وتابع البشير نظراً للواقع الموجود فقد قررت المؤسسة العامة السورية للتأمين دفع تكلفة إجراء التحاليل وفق الأسعار الجديدة متجاوزة قرار وزارة الصحة التي لم تقر الزيادة. وذلك ابتداء من مطلع الشهر القادم.
ويضيف سيتوجب علينا الانتظار إلى بداية العام الجديد وننتظر قرار وزارة الصحة حول تعديل السعر الجديد، أو سيترتب علينا إجراءات جديدة. ويتابع البشير نحن نأمل أن يكتب النجاح لتجربة الضمان الصحي الذي نحن حاليا بأمس الحاجة له وخاصة في الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها السوريون. وعن تراجع خدمة التأمين في عدد من المناطق وخاصة في الريف. يقول البشير: إن تأثيرات الأزمة التي تمر بها البلاد انعكست سلباً في بعض الجوانب على جودة خدمة التأمين وذلك بسبب نقص في عدد الكوادر الطبية في عدد من المناطق وتمركز المواطنين في مناطق معينة أكثر من أخرى مما خلق عدم توازن بين الطلب على الخدمة وتأمين الخدمة وخاصة في ظل انقطاع التيار الكهربائي وكذلك خدمة الانترنت التي يعتمد عليها عمل مقدم خدمة التأمين كثيراً من أجل التواصل مع الشركة وأخذ الموافقة وتقديم الخدمة للمواطن المشترك في خدمة التأمين.
شراكة رابحة
يتحدث المستفيدون من خدمة الضمان الصحي عن شراكة بين عدد من النقابات فيما بينها، بعيداً عن خدمة الشركات الخاصة لإدارة النفقات الطبية، لتأمين خدمة الضمان الصحي للمستفيدين بحيث يمكن خلق شراكة من نوع معين تضمن حقوق الجميع.
في ظرف كالظرف السوري، يمكن الاستغناء تماماً عن خدمات شركات التأمين الخاصة، في مجال التأمين الصحي مثلاً، لصالح شركات تساهم فيها النقابات المهنية بالتعاون مع الجهات الرسمية أو نقاباتها، وبالتالي يمكن قطع الطريق أمام شركات التأمين والاشتراطات المعقدة التي تصل إلى حد إذلال المعلمين أحياناً، التي توضع مثلاً أمام المرضى المشمولين بالتأمين الصحي.
الخبير الاقتصادي بدر كوجان قال لـ قاسيون «أرى أن سوق التأمين لا يزال في مرحلة التوسع ويمكن وصفه بالسوق البكر، وبالتالي لا نزال أمام حزمة واسعة من الاحتياجات التأمينية غير المغطاة بعد، والتي تمثل من جهة فرصة للتوسع وللشركات ومن جهة ثانية تحدَ للسوق بسبب الحاجة المتزايدة لاستكشاف فوائد التأمين من قبل المستفيدين وتوسيع هذه الشريحة ونشر ثقافة وأهمية التأمين»
إن تأسيس شركة تأمين بالاتفاق بين وزارة التربية وكل من نقابتي الأطباء والصيادلة، مباشرة - ودون وسيط لا ضرورة له ممثلاً الشركات الخاصة- سيعود بالفائدة المباشرة على هذه النقابات عموماً، ويخفض التكاليف التأمينة على المؤمن عليهم في الوقت نفسه، ومن الممكن أن تؤمن مثل هذه الخطوة إذا شمل التأمين أفراد أسرة الموظف أيضاً في تأمين الرعاية الصحية الكاملة لما يقارب مليون ونصف المليون من السوريين، ويمكن أيضاً أن تصبح تجربة، لتمتد إلى كل العاملين في قطاع الدولة، الأمر الذي يعني في نهاية المطاف تأمين الرعاية الصحية الكاملة لنصف السوريين.
جريدة قاسيون
سيريا ديلي نيوز
2015-08-13 02:07:27