لم يعد للازدحام في دمشق وقتٌ معين أو ساعةَ ذروةٍ, بل اصبحت الذّروة تمتدّ على مدارِ اليوم, حتّى في ساعاتٍ وايّام كُنّا نعتبرها اوقات مرتاحة, لم تقتصر هذه الازمة المروريّة على دمشق فقط بل امتدّت لتشمل ضواحيها القريبة والّتي باتت جزءاً منها.
هذا الازدحام أثّرَ بشكلٍ او بآخر في المدينة وسُكّانها, فالمسافة الّتي كانَ يقطعها المرء بغضونِ عشرِ دقائق في ايّام العُطل باتت تستغرق ساعةً في ايّام الدوام المزدحمة .
سنتناول في هذا التحقيق منطقة مساكن العرين المُحاذية ل قدسيا من جهة ومشروع دمر من جهة أخرى, فإذا أردنا احتساب الوقت الذي يستغرقه سرفيس (مساكن العرين_مشروع دمر) على سبيل المثال في يومٍ عاديّ وفي يومِ عطلة ليصل من آخر خطّه في جسر الرئيس إلى موقفه في مساكن العرين, ففي يوم الخميس الأكثر إزدحاماً بحسب تقديراتِ المواطنين و السائقين وشرطة المرور, إذا انطلقَ السّرفيس من جسرِ الرّئيس في السّاعة الواحدة ظُهراً فإنّهُ سيصل إلى المساكن في السّاعة الثّانية تقريباً, أمّا في يومِ العطلة فإذا انطلقَ السّرفيس من جسرِ الرّئيس في السّاعة الواحدة ظهراً سيصل إلى مساكن العرين في السّاعة الواحدة والثّلث بالرّغم من توقفه ليقلَّ ركاباً ويُنزل آخرين فما رأيكم ؟؟!!
أحد سائقي السرافيس في منطقة مساكن العرين يقول : في أيام العطلة لاتتطلّبُ المسافة حتى جسر الرئيس كما تتطلبه في أيام الدوام, الموظفون و طلاب الجامعات لهم دور كبير في هذه الأزمة, مشيراً إلى أنَّ تقيّد الجميع بالأنظمة المتعلّقة بالسير والمرور يُسهم في التقليل من حدة الازدحام ووقوع الحوادث التي قد كثرت في مابين منطقة مشروع دمر ومساكن العرين .
أما يزن "طالب في معهد الشام العالي فرع السيدة رقية الكائن في العمارة, ويقطن في مساكن العرين" يقول: المسافة بين منزلي وجامعتي طويلة جداً ودوماً أواجهُ الصعوبات في إيجاد وسائل النقل ضمنَ منطقتنا ف هي إمّا قليلة أو أنّ اغلب سائقي السرافيس يمتنعون أحياناً عن النزول ل حجج لانعرفها, وهذا يتطلب منّي انتظار طويل قد يمتدّ لساعة وأكثر في بعض الأيام , أتمنى إيجاد حلول سريعة ف هذه منطقة تكتظّ بالسكان خصوصاً مع ازدياد عدد المُهجّرين فيها .
حسين الذي يعمل في المزة ويقطن في حي الورود يقول: مشكلة الازدحام في هذه المنطقة كارثية بالنسبة لي, كثيرة هي الاوقات التي اتأخر فيها عن عملي لعدم تواجد سرافيس في المنطقة إلا في اوقات معدودة, وهذا مايضطرني لأن استغني عن العودة إلى منزلي ظهراً وابقى في عملي .
هدى تعمل ممرضة في المستوصف تقول: الحمدلله أن المسافة بين مكان عملي ومنزلي قريبة جداً حيث لا اعاني مثل غيري من مشاكل المواصلات, اسلك يومياً مسافة تمتد لعشر دقائق مشياً على الاقدام, فالسرافيس لاتعبر من الخط الواصل بين مكان سكني والمستوصف إلا نادراً, وإن أردتُ أن استقلَّ تكسي فإني أعرف مسبقاً بأن السائق سيطالب بأجر لايستحقه وقد يصل ل مئتي ليرة سورية أحياناً.
وفي ظلّ الفوضى البعيدة عن مِجهر الرّقابة, وازمة المواصلات الّتي باتت تؤرّق المواطن, لم تكن سيارات التكسي هي الحلّ الأفضل, ف مع غلاءِ أسعارِ البنزين و جشعِ العديد من السائقين وصلت تكلفة الطلب من مساكن الحرس حتى جسر الرئيس إلى ستَمئةِ ليرة سورية هذا إذا قلنا بأن السائق يمتلك القليل من الرحمة تجاه هذا المواطن " المعتّر".
سارة طالبة في كلية الآداب تقطن في مساكن العرين أيضاً , تقول  :أقطع شوطاً طويلاً يومياً فأنني أحتاج لركوب السرفيس مرتين في طريق ذهابي وكذلك عودتي ,وقد اعتدت الأمر لكن نرجو إيجاد حلول , خصوصاً من ناحية زيادة عدد السرافيس في منطقتنا فقد يتم معالجة هذه الأزمة .
اعتادَ سكّان مساكن العرين على الخروج قبل ساعةٍ او ساعتين من مواعيد عملهم, والانتظار الطويل تحتَ اشعة الشمس حتى ظهور أحد السرافيس حيثُ يصل الأمر أحياناً إلى درجة حدوث المشاجرات بين المواطنين الذين أهلكهم الانتظار, وقد ظهرت في الفترةٍ الماضية التي ليست ببعيدة تكاسٍ تقلُّ أكثر من راكب مقابل مئتي ليرة للراكب للمسافة مابين مساكن العرين وجسر الرئيس و تدعى "تكسي سرفيس", لكن لم يكن لهذه التكاسي دور كبير في التخفيف من أزمة المواصلات في المنطقة, فإذا احتسبنا أجرة الذهاب والإياب في هذه التكاسي فقد تعادل راتب موظف فئة خامسة مثلاً.
يقول أحمد وهو سائق تكسي : يعتبرنا الناس أننا ننهبهم ليلَ نهار, لكنّهم لا يدركون حالنا في هذا الازدحام التي تعيشه العاصمة, أنا شخصياً كرهتُ هذه المهنة خصوصاً في الاوقات الّتي يكون فيها الجوّ حارّ لايُحتمل, الناس لاتُقدّر أننّا ضمن هذا الازدحام نخسر وقتاً ثمينأ أيضاً.
الوقت الثمين .. لا بدّ أنّ لهذه الجملة وقعاً رناناً كانَ قد اختفى في ظلِّ مانعانيهِ, وفي ظل الأوقات التي تتسرب منّا ونحن ننتظر, أجزمُ أنّ أحداً من مسؤولينا لم يفكر قطّ في حل لضياع وقت هذا المواطن أو ذاك تحت لهيب الشمس و في شوارع الانتظار, وكأنَّ هذا المواطن لا يملكُ وقتاً ثميناً مهما كان عمله, لذلك ترانا نقضي وقتنا في الطريق إلى العمل أكثر من وقت العمل نفسه, فـ هل سنسمع صدىً لهذه المطالب البسيطة بحق مواطنين صمدوا في ظل معاناة هذه الحرب طيلة خمس سنوات !!
 نرجو ذلك ...

 

سيرياديلي نيوز - رهام علي


التعليقات