لقد بات أمراً طبيعياً جداً اليوم أنك حين تقرر الذهاب إلى مكان ما يحتاج الوصول إليه إلى وسيلة من وسائل النقل، من الطبيعي أن تخرج من منزلك قبل ساعتين على أقل تقدير.. قد يظن ظان أننا نشير إلى أن سبب هذا التأخير هو كثرة الحواجز التي نمر بها في الطريق والتفتيش ومعاينة الهويات وما إلى ذلك من هذه الإجراءات الأمنية...كلا.. ليس الأمر كما تظنون، فنحن حين نقف على أحد هذه الحواجز ونبرز هوياتنا نكون على يقين أن هذه الإجراءات تصب في نهاية المطاف في مصلحتنا وتهدف إلى الحفاظ على أمننا وحمايتنا.. ولكن هل من يستطيع أن يقول لنا حين ننتظر وسائل النقل ساعات فأين الفائدة من ذلك؟ وأي مصلحة تريدها وزارة النقل من هذا الأمر؟ وما العبرة في جعل المواطن يسب الساعة التي خرج فيها من منزله وانتظر كل هذا الوقت تحت شمس تموز المحرقة؟
ضع في الحسبان أن عدد ساعات الانتظار ليس ثابتاً، بل يتوقف على عدد المواقف التي ستضطر إلى الوقوف فيها، وعليك أيها المواطن السعيد أن تحسب ما يقارب الساعة إلى الساعة ونصف لكل موقف إلا إذا جاء (البساط السحري) السرفيس في أقل من هذا الوقت، وهذا طبعاً في القليل النادر..
سامر الطالب الجامعي الذي كان سبباً لكلامنا هذا لم يقبل أن يروي لنا قصته، ولكننا علمنا من أحد زملائه أنه حرم من تقديم أحد امتحاناته الجامعية بسبب تأخره عن الوقت نصف ساعة وخمس دقائق ولم تنجح توسلاته في إقناعه الموظفين أن تأخره كان بسبب الطريق... ليس سامر وحيداً في هذا الأمر فهناك الكثيرون ممن حرموا من امتحاناتهم وآخرون حُسم من رواتبهم، وغيرهم فقد وظيفته بسبب التأخير... ولوصول السرفيس حكاية أخرى... فيبقى أحدنا واقفاً على قدميه ساعات بانتظار هذا البساط السحري الذي سيريحه من الوقوف الطويل وسينقله إلى منزله، وما إن يلوح لنا هذا المنتظر حتى ترى جموع المنتظرين يركضون باتجاهه ويتدافشون ويتدافعون، وقد يصل الأمر بهم إلى الشجار أحياناً وكل هذا من أجل الحصول على الكنز وهو مقعد في سرفيس.. وهل هذا المقعد بقليل؟ فبعد ساعات عمل تصل إلى ثماني ساعات وانتظار هذا السرفيس ما يقارب الساعة أو الساعتين تحت لهيب الشمس الحارقة، أفبعد هذا كله ألا يعد هذا المقعد مباركاً ونعمة من الله؟ وكأننا نستشعر أن وزارة النقل والمواصلات تريد أن توصل رسالة إلى المواطن مفادها أنك إن كنت لا تملك سيارة فلا داعي لأن تجازف وتخرج من منزلك، فلن تعود إليه قبل انقضاء كامل النهار.. نحن نتساءل اليوم أي جرم كبير هذا الذي ارتكبه المواطن السوري ليعاقب عقاباً كهذا؟.. أفلا يكفيه ما يعانيه من سوء الحال، وضيق العيش، وانعدام الأمن، حتى يحارب أيضاً في وسيلة نقل تنقله من عمله إلى منزله؟ وأين كل تلك الأعداد الكبيرة من الباصات ووسائل النقل التي استوردت من البلدان الأجنبية؟
أسئلة كثيرة لا أجوبة شافية لها.. هذا ولم نتطرق إلى جانب آخر أكثر أهمية هو استغلال سائقي السرافيس والتكاسي لحاجة المواطن، وانتظاره، لكي يرفعوا التسعيرة ويتحكموا بها كما يحلو لهم؟وسيكون لنا حديث في هذا الجانب لاحقاً.
جريدة النور
سيريا ديلي نيوز
2015-07-22 02:39:55