بعد عدة ساعات من انتظار الزبائن في أحد أحياء دمشق المخالفة تمكن اللحام أبو محمد من سلخ وتقطيع (عجل) بالكامل لافتاً بمشهده المقزز والباعث للخوف لدى الأطفال الصغار نظر المارة .. وهذا الأسلوب غدا متبعا للكثير من اللحامين بقناعة مفادها أن عرض العجل أو الخروف مذبوحاً يشجع الناس على شراء اللحوم (الطازجة).

وباتت ظاهرة الذبح العشوائي خارج (المسالخ النظامية) مألوفة لدى اللحامين في أغلب الأحياء الشعبية ومناطق الريف  وحتى المدن في بعض الأحيان..في الوقت الذي يدعو فيه العديد من ساكني المناطق وجوار المحلات إلى تشديد الرقابة ودوريات الصحة والتموين على المحلات التي تقوم بالذبح أمام الناس وبالقرب من أماكن سكنهم واللامبالاة في تنظيف الدماء التي سالت في الشارع ورمي مخلفات الذبح في أماكن (لانعرف أين)؟
من جهة أخرى، يرى اللحام (نزيه اليوسف) أن الذبح أمام المحل يجعل الزبون مطمئناً لمصدر اللحوم على أنها طازجة وخالية من اللحوم المهربة أو المستوردة، ويرجع اللحام أسباب ذبحه للخرفان أمام المحل إلى بعد المسلخ عن محله وتكلفة الذبيحة وعذاب نقلها وغير ذلك علماً وبحسب قوله، أنه يجيد الذبح وبشكل جيد.
المواطن صفوان الصوص قال: حالياً أسعار اللحوم إلى ارتفاع ولكننا لا نستطيع الاستغناء عن اللحوم في طعامنا لاحتوائها على عناصر غذائية مهمة.. أما من أين يشتري فأوضح أنه يشتري من محل جاره اللحام الذي يذبح على مرأى الناس جميعاً ولحمته كما يقول (مضمونة) والذبح يتم أمامك وقال: أنا متأكد لو أن هذا اللحام أو أي لحام آخر ابتعد للذبح خارج المنطقة فلا أحد يشتري لأن أول سؤال يسأله (ماهو مصدر اللحوم).

الرقابة الصحية

د.أحمد طارق صرصر- مدير الشؤون الصحية في محافظة دمشق أكد أن غرامة الذبح خارج المسالخ النظامية تبلغ 5000ليرة من دون إغلاق المحل، مشيراً إلى الاقتراحات وهناك اقتراح يقضي بمعاقبة المخالف بالغرامة إضافة إلى إغلاق محله على الفور.
وبيّن صرصر أن كل لحام يقوم بعرض اللحوم ورؤوس المواشي خارج البرادات يُحرر بحقه ضبط وفي حال تكرار المخالفة ثلاث مرات تقوم دوريات المراقبة بإغلاق المحل.
وشدد صرصر على الجزارين وأصحاب محلات اللحوم الحمراء إلى ضرورة التقيد بعملية الذبح في المسالخ المخصصة والمعدة لذلك خشية أن تكون الدابة مريضة أو لا تحمل ورقة بيطرية، والمسلخ النظامي معد لفحص الدواب صحيا من قبل الوحدة البيطرية (طب بيطري) يقوم بفحص الدابة قبل وبعد الذبح.
حملنا سؤالنا لعدي شبلي- مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك في دمشق عن عدم وجود مراقبة لأسواق اللحوم وأن هناك اتهامات واضحة وصريحة لكم بالتغاضي عن المخالفات والمراقبين يتقاضون الرشا أجاب: مراقبة اللحوم أهم شيء والشكوى تبدأ من المواطن ونحن نعمل على الشكوى وبدايتها المواطن الذي يشتكي للجهات المعنية.
 وقال: قمنا باغلاق عدة محلات تبيع اللحوم المخالفة في باب سريجة وقمنا بضبط لحامين يقومون بالذبح داخل المنزل الذي يسكن فيه وما فهمناه أنه لم يتم ضبط أي حالة من مخالفة الذبح العشوائي إلا التي يشتكي عليها المواطنون ونقوم بضبطها بالجرم المشهود.
وأضاف شبلي: إن المواطن عندما يشتكي إلينا نقوم مباشرة بالذهاب إلى المكان المذكور .. وهناك عدد كبير من المخالفات ضبطناها أهمها الذبح العشوائي وأي ذبح عشوائي سواء للغنم أوللعجول نقوم بكتابة ضبط بحق المخالف ..لأن ذبح الدابة يفترض ألا يتم إلا ضمن المسالخ النظامية.
وأوضح شبلي أن هناك قضايا قانونية لا أستطيع تجاوزها فمثلاً من يقوم بذبح المواشي داخل منزل عربي يحوي أسرة بأكملها فأنا أحتاج إذناً من النيابة للدخول إلى هذه المنازل حتى أستطيع أن أقول إننا (أمسكنا اللحام الذي يقوم بالذبح بطريقة مخالفة بالجرم المشهود).

المسالخ المتنقلة

 ولدى سؤالنا شبلي عن فكرة المسالخ المتنقلة التي تم طرحها من قبل رئيس جمعية اللحامين السابق قال : لا يوجد شيء اسمه مسلخ متنقل لأن المسالخ المتنقلة تحتاج شروطاً صحية وفنية وأنا مع فكرة المسالخ المتنقلة إذا حققت الشروط الملائمة للحام والمواطن معا فهي بحاجة إلى عدة شروط يجب تحققها أولها أن الغنم يحتاج إلى حظيرة .. ولا يجوز اختراع ما يسمى حظيرة متنقلة ؟الفضلات أين ستذهب ؟ نحن إذا بحاجة إلى سيارة فضلات كاملة.. فالمسلخ المتنقل لن يقوم بذبح رأس أو رأسين من الأغنام.. إنما قد يصل عدد الرؤوس إلى 300 رأس في اليوم الواحد كحد أدنى إذا  أين ستذهب فضلاتها ؟؟ ونحتاج عدداً كبيراً من خزانات المياه من أجل تنظيف اللحوم.

مخالفات المحلات في باب سريجة

أما عن مخالفات اللحامين في باب سريجة واتهامهم المراقبين أنهم يتقاضون الرشا مقابل السكوت، أوضح شبلي: إن اللحامين لا يذبحون إلا في المسالخ النظامية، وعن المخالفات قال: قمنا بضبط مجموعة من اللحامين الذين يذبحون بطريقة غير شرعية وغير نظامية خارج المسالخ وكل ذلك يتم بالتعاون مع الأهالي.
جمعية اللحامين لا تلتزم بالمسالخ، واللحامون يقومون بالذبح في أماكن مخالفة أو أمام المحلات.. أين دور جمعية اللحامين من ذلك ؟ وما الاجراءات التي تتخذها الجمعية؟
أدمون قطيش رئيس جمعية اللحامين في دمشق قال: دعونا كل اللحامين للذبح في المسالخ الفنية والقسم الأكبر ملتزم، وهناك لحامون لا يلتزمون بالذبح داخل المسالخ والسبب أن هناك مسالخ عشوائية وجدت أثناء الأزمة.

مسلخ الزبلطاني

مسلخ الزبلطاني لا يزال موجوداً .. ولكن بسبب اعتداءات العصابات المسلحة على المنطقة فقد عُدّ خارج الخدمة ... ونتيجة لهذا الواقع  فقد لجأ بعض اللحامين إلى الذبح بشكل مخالف (داخل محالهم) من أجل عدم فقدان المادة، وقمنا مؤخراً و(الكلام لرئيس الجمعية) بالسماح للحامين (أصحاب الحرفة) بالذبح مثلا في الزبلطاني – باب سريجة- باب مصلى- كفرسوسة- وهناك قصابون أسسوا مسالخ شبه مجهزة ولكنها غير مرخصة وقد لا تتوافر فيها الشروط الصحية عندها أوجدنا مسلخاً في الزبلطاني (مسلخاً إسعافياً) ريثما يعود المسلخ النظامي إلى عمله أو ينشأ مسلخ أكبر.
يوجد في المسلخ مهندس (مدير المسلخ)إضافة إلى طبيب بيطري للكشف على الدابة قبل وبعد الذبح، والطبيب مفرز من مديرية الشؤون الصحية للكشف على اللحوم ومدى صلاحيتها للأكل فبعض الدواب، كما أوضح رئيس جمعية اللحامين، قد تكون مريضة أو(أمعاءها مضروبة)فهنا مسؤولية الطبيب البيطري الكشف على الدابة ومراقبتها.

عدد تقريبي

وأوضح قطيش أن 800-1000دابة تذبح يومياً و70%من اللحامين يقومون بالذبح داخل المسلخ النظامي.. أما فكرة المسالخ المتنقلة التي طرحت فيما مضى فهي فكرة صعبة ولا تحل مشكلة لأن الموضوع يحتاج ظروفاً صحية وكميات كبيرة من المياه.

لا يفي بالغرض..!!

عدنان دخاخني - مدير جمعية حماية المستهلك عن دور الجمعية في محاربة ظاهرة الذبح العشوائي أمام المحلات وعدم التزام عدد من اللحامين بالقرارات التي تصدر عن الجمعية قال:الذبح خارج المسلخ قد يكون إما لدابة مريضة أولدابة فيها مشكلة أوقد تكون ميتة أي عندما تذبح وتسلخ خارج المسلخ النظامي ولا يكون عليها الختم تكون مخالفة لكل الشروط الصحية التي يجب أن تتوافر في أي ذبيحة من الذبائح التي يجب أن تعرض للبيع ، وهناك الكثير من الجهات الرسمية التي  عملت على متابعة هذا الموضوع ولكن حتى الآن كل ما تقوم به الجهات الرسمية لم يف بالغرض حتى تاريخه.. فهناك من يعلم أن هناك ذبحاً خارج المسالخ النظامية وهذه القضية يجب أن تتضافر فيها جهود كل الجهات لقمعها ومنع ذبح أي دابة إلا تحت إشراف طبي بيطري للتأكد من صحة هذه الدابة ودمغها بالختم الرسمي.

دور الجمعية

عن دور الجمعية قال دخاخني: نحن كجمعية نساهم إلى حدما من خلال أعضائنا الذين من الممكن أن يزودونا ويبلغونا بأي معلومة عن بعض هذه الأماكن أو المسالخ، هنا يجب متابعتها وقمعها من خلال الجهات الرسمية (فنحن كجمعية لا نستطيع أن نتدخل مباشرة) إنما ننقل ونتابع أي قضية تصل إلينا من خلال الجهات الرسمية المعنية بهذا الأمر.
عدد الضبوط
نحن لا ننظم ضبوطاً والكلام لـ (دخاخني) ولكن قد تصلنا معلومة من الوزارة أنها نظمت ضبطاً بحق من ارتكب مثل هذه المخالفة، وبحسب قول دخاخني، إن أعداد الضبوط كثيرة لأن العقوبات ليست رادعة حتى تاريخه، وعادة كلما كانت الضبوط أقل فإن الحالة في السوق طبيعية: وعندما تزداد فإن هناك من يرتكب المخالفة، وأضاف: مؤخراً تم تحرير ما يقارب 284 ضبطاً خلال الثمانية أيام الأولى من شهر رمضان في محافظة اللاذقية  (للحوم فقط )هذا يعني أنه لا يوجد التزام من التجار ولا من مراقبي التموين، فزيادة الضبوط تعني انتشار المخالفة وبشكل كبير.

مخالفات موصوفة

في باب شرقي هناك منطقة تسمى (الايدعشرية)كانت عبارة عن كراجات قريبة من النهر وكان يتم الذبح فيها  ورمي النفايات في النهر، أي هي منطقة موبوءة وغير صحية، أيضا هناك ذبح خارج المسلخ في باب سريجة.
واليوم لا تستطيع الجهات الرقابية بامكاناتها الموجودة والمتوافرة أن تضبط كل المخالفات التي تقع في السوق سواء في السلع أوفي أي مادة أخرى مع عدم متابعة الأسعار ووضع تسعيرة.
هناك 80% من التجار لا يضعون التسعيرة على السلع، لذلك فإن المطلوب تضافر جهود كل من الرقابة النظامية مع الرقابة الشعبية مع الاعلام وتسليط الضوء على هذه الظاهرة وحث المواطنين على الالتزام بالقوانين الجديدة التي هي في طور المناقشة في مجلس الشعب.
وأوضح دخاخني أنه عندما تزيد أرقام المخالفات وترتفع الغرامات تخلق جواً من الفساد وعندما تكون المخالفة كبيرة جداً يحاول المخالف أن يساوم من سينظم الضبط بحقه، وقد تكون الأرقام الكبيرة لا تؤدي الدور المطلوب منها لأنها صورة عكسية تماما فعندما تجد مخالفة تصل الغرامة فيها إلى المليون ليرة والذي يخالف بمليون ليرة يحاول أن يغري بأي طريقة أو وسيلة الموظف ويدفع له مبلغاً كبيراً مقابل سكوته وقد يضعف الإنسان أمام المغريات الكبيرة التي تعرض عليه فيكون في ظرف بحاجة إلى 1000ليرة.

المسالخ المتنقلة

قد تحل مشكلة إذا كانت هذه الوسيلة تحت الرقابة المنضبطة أي أن تتوافر الشروط الصحية وهي أن يحضر الطبيب البيطري قبل أن تذبح الدابة وتفحص قبل ذبحها أي لا يجوز أن تذبح وهي مريضة حتى لا تنقل الأمراض إلى متناوليها من البشر.
نحن مع أي وسيلة تضبط عملية الذبح التي تتم سواء في البيوت أو رمي النفايات والمشكلات التي تخلفها فنفايات الذبيحة كثيرة وعندما ترمى تخلق مشكلات كثيرة مثل سطم المجارير وتكسيرها وغير ذلك وما تخلفه من أضرار بيئية.
ومن هنا يجب أن نبحث عن أي وسيلة قد تؤدي الغرض منها لحماية المجتمع من أي خلل يصيبه.
وأخيراً، يؤكد دخاخني ضرورة تدخل المحافظة لعلها تجد مكاناً أو ساحة لذبح الذبائح تكون شبيهة بالمسالخ النظامية التي يصعب الوصول إليها وبالشروط نفسها، إضافة للتأكد ممن يقوم بعملية الذبح أن يكون إنساناً عاقلاً متمكناً يقوم بالذبح الشرعي للذبيحة.

سيرياديلي نيوز- تشرين


التعليقات