العيد في هذا العام جلب معه سعادة للبعض وهما للبعض الآخر وهاهي المحال والدكاكين تمتلأ بشتى أنواع الحلويات امتلاء ليس بكبير مقارنة بأعياد مضت العيد الخامس الذي يمر علينا منذ بدء الأزمة...وكل عيد من هذه الأعياد الأربعة حمل جديدا لهذا الشعب الذي نسي طعم السعادة وماعادت عيناه ترى ألوان العيد البهية...شعب عانى الأمرين خلال هذه السنوات العجاف المريرة..يأمل أن يحمل له العيد هذه السنة بشائر تقدم وتحسن في أوضاعه على كل الأصعدة والنواحي...وهاهي روان تمسك بيدي طفليها وتجوب الأسواق لتشتري حاجياتها للعيد وتقول لنا شارحة وضعها ووضع أغلب المواطنين : تنقلت بين عدة أسواق باحثة عن الأسعار تناسبني
وعند سؤالنا لها عن أسعار الحلويات أجابت : أسعار الحلويات مرتفعة إلى حد كبير ولاطاقة لنا بهذه الأسعار ليس لدي خيار إلا أن أشتري المكونات وأقوم بصنع هذه الحلويات في المنزل
ليس هذاحال روان فقط فأغلب المواطنين لجأوو إلى تصنيع الحلويات في منازلهم توفيرا للمصاريف الكبيرة التي سيضرون إلى صرفها في حال شرائهم حلويات جاهزة من الأسواق والمخابز والمحال.
عادات قديمة ..
فقد عادت أغلب النسوة السوريات كما السابق تعجن وتخبز الحلويات في منازلها كما أيام مضت منذ أكثر من خمسة عشر سنة او مايزيد..
لم يعد هم الناس في الأعياد في أيامنا هذه محصورا في شراء ملابس الأطفال وتجهيز الموائد وشراء كل جديد فالعيد لدى البعض يحمل لونا آخر غير لون الفرح كما هي حال حسام والد الأطفال الأربعة الذي يقول : لدي أربعة أطفال ويجب عليي أن اشتري لهم ملابس جديدة ..وعليي تأمين الحلويات اللازمة للعيد...لقد بات سعر الكيلو الواحد من الحلويات في السماء وأصبح المرء بين نارين إما أن يشتري ويصرف مافي جيوبه وإما لا يشتري فيحرم منزله فرحة العيد وخاصة في ظل هذه الظروف
وحتى أصحاب المحال التجارية والمخابز عبروا عن قلقهم لتراجع نسب الشراء مقارنة بالأعوام الماضية فهاهو عصام صاحب أحد محال الحلويات يتحدث إلينا شارحا حاله : لقد انخفض اقبال الناس على شراء الحلويات الجاهزة انخفاضا ملحوظا فقبل الأزمة وبعدها بسنة كانت الأمور ماتزال على مايرام قليلا ولكن في آخر ثلاث سنوات انقلب حال المواطن بسبب الإرتفاع الدائم في الأسعار وكثيرا ما أصبح الناس يقصدوننا لشراء الطحين وماإلى ذلك من مكونات صنع الحلويات يدويا وهذا ماجعلنا نخصص قسما لمكونات الحلويات كالطحين والسميد وماإلى ذلك
تأقلم مع الواقع
ورغم ذلك مازال المواطن السوري قادرا على التأقلم في شتى الظروف وإن كان من اللغط أن نسميه تأقلما فهو تماشي إلى حد ما مع واقع مفروض عليه وكعادته هذا المواطن يبحث دائما ليجد البديل وقد وجد ضالته هذه الأيام في البسطات التي ملأت الشوارع والطرقات عارضة أنواعا شتى من الحلويات بأسعار مقبولة إذا ماقارناها بأسعار الأنواع ذاتها في المحال والمخابز...
وهذا ماعبرت عنه ليلى التي ملأت عدة أكياس من إحدى هذه البسطات حين قالت : الاسعار مرتفعة كثيرا في المحال لاقدرة لي عليها وقطع الكهربا الكبير جدا يمنعني من صنع الحلويات في منزلي ولهذا لجأت إلى هذه البسطة التي وجدت فيها الأسعار مقبولة إلى حد ما علما أن ذات هذه الأصناف تعرض في المحال والمخابز والزيادة ثلاثمئة أو أربعمئة ليرة لكل نوع في الكيلو غرام الواحد وإلا فإنني سأضطر إلى الاستغناء عن الحلويات هذا العيد كما فعلت في العيد السنة الماضية...
ليلى وروان وحسام ليسوا إلا نماذج مصغرة للمواطن السوري وماهم إلاجزء ضئيل من هذا الشعب الذي أصبح أحوج مايكون إلى فرحة عيد وبهجة طفل تنسيه مايراه ومايعيشه كل يوم ...أحوج إلى قطعة حلوى تزيل حلاوتها مرارة واقعة وظروفه
سيرياديلي نيوز - مادلين جليس
2015-07-16 13:47:30