إن ماشهدته المنطقة من أحداث خلال السنوات الأربع الماضية أضعف قدرة دولها على ضبط حدودها
وإيجاد مناخ مناسب لعصابات تهريب المخدرات التي أصبحت تنشط على حدود هذه الدول ولاسيما أن تجارة وتهريب المخدرات تعد أحد مصادر تمويل التنظيمات الإرهابية حيث بات واضحاً للجميع أن عناصر التنظيمات الإرهابية تتعاطى المخدرات وتقوم القوى الداعمة لهم بتوزيع الحبوب المخدرة عليهم لتحريضهم على ارتكاب المجازر والجرائم بحق الشعب السوري والتمثيل بجثث الشهداء تحت تأثير الحبوب المخدرة. وكانت الجهات المختصة في سورية ضبطت كميات كبيرة من الحبوب المخدرة بين مخلفات التنظيمات الإرهابية وفي أوكارهم التي تم تدميرها إضافة إلى أن هناك اعترافات واضحة للإرهابيين المقبوض عليهم بتعاطيهم المخدرات.
وتأتي مشاركة سورية المجتمع الدولي الاحتفال باليوم العالمي لمكافحة المخدرات في السادس والعشرين من حزيران من كل عام تأكيداً على التزام سورية بالإسهام الفعال في مواجهة هذه الآفة الخطيرة والهدامة واستذكاراً يعيد إلى الأذهان الصورة القاتمة المأساوية لما تخلفه هذه السموم من أضرار صحية واجتماعية واقتصادية كارثية تنخر كيان الأفراد.. فهي أينما حلت لا تورث إلا المصائب والآلام والخراب والمفاسد حيث تنهك الجسد بالأمراض المستعصية المدمرة. كما تشل العقل والتفكير والإرادة وتثبط الهمم وتحول المبتلي بها إلى إنسان فاشل في أسرته وعضو أشل في مجتمعه ولابد من التأكيد أن مشكلة المخدرات وسوء استخدامها باتت من أهم المعضلات الصعبة التي تواجه البشرية جمعاء كما تعوق عجلة التقدم والتطور لما تلحقه من خسائر فادحة بالاقتصاد، ولما يستوجبه العمل على مكافحتها ومكافحة ذيولها من نفقات وقدرات.
ويكفي أن نعرف أن قرابة 800 مليون نسمة على الصعيد العالمي هم مبتلون بالمخدرات تعاطياً أو إدماناً وإن أكثر من ثمانين في المئة من هؤلاء هم في سن الشباب ودون الخامسة والعشرين من العمر.
وأمام هذا الواقع وماتسببه هذه الآفة من أخطار وتحديات فإن الأمر يتطلب توجيه جميع فئات المجتمع إلى المزيد من التنبه واليقظة تجاه مهربي هذه السموم ومروجيها والأساليب الخبيثة التي يستخدمونها في الوصول إلى أهدافهم الإجرامية من دون أن يقيموا للأخلاق وزناً وللإنسان كرامة بل إن همهم الوحيد هو الكسب الوفير بلا وازع من دين أو يقظة من ضمير.
كما يتطلب الأمر الحرص على التنشئة الاجتماعية السليمة للأبناء في محيطهم الأسري وتوعيتهم بأضرار هذه الآفة وويلاتها وتنمية الوازع الديني في نفوسهم وتعزيز حصانتهم في وجه كل أسباب الانحراف بأشكاله وصوره المختلفة وكذلك تعزيز قدراتهم ومهاراتهم وتوجيهها نحو أعمال نافعة ومفيدة تنأى بهم عن الفراغ وعن التردي في عالم المخدرات وما يسببه من حيرة وضياع.
وتعد سورية حسب التصنيف الدولي وباعتراف مؤسسات الأمم المتحدة المعنية بلداً نظيفاً من زراعة المخدرات ومن تصنيعها غير المشروع.. كما أن سورية لا تعاني مشكلة حقيقية في مجالات الاتجار والتعاطي والإدمان حيث تشير بحسب تشرين الإحصاءات الرسمية الدقيقة على أن المتورطين في جرائم المخدرات خلال العام الماضي لا يتجاوز عددهم 280 شخصاً بالمليون من المتهمين بتهريب المخدرات و187 شخصاً بالمليون للمتعاطين أما خلال النصف الأول من العام الحالي فانخفض عدد المتهمين بتهريب المخدرات إلى 122 شخصاً بالمليون وإلى 86 شخصاً بالمليون للمتعاطين ومع ذلك فقد كانت سورية وبما تمتلكه من حس وطني وقومي وإنساني من الدول السباقة إلى استشعار أخطار ظاهرة المخدرات ذات الطابع العالمي.. فالمخدرات تزرع وتصنع في بلدان يطلق عليها بلدان المنشأ وتنقل إلى بلدان الاستهلاك عبر بلدان يطلق عليها تسمية بلدان العبور.. وسورية بحكم موقعها الجغرافي هي بلد عبور وليست بلد منشأ أو استهلاك وترتكز السياسة السورية حيال مسألة المخدرات واستخدامات أنواعها وأشكالها المتعددة بشكل غير مشروع على قواعد انطلاق راسخة تم تحديثها وتطويرها منذ عام 1993 بصدور القانون رقم 2 المعروف باسم قانون المخدرات والذي يعد من أفضل وأحدث التشريعات على الصعيد العالمي في هذا المجال وقد نص هذا القانون على عقوبات زجرية رادعة شديدة تصل حد الاعدام بحق كل من يهرب مواد مخدرة أو يزرعها أو يقوم بتصنيعها دون ترخيص وفي المقابل نظر القانون إلى المتعاطين والمدمنين نظرة إنسانية وعدهم أناساً مرضى وألزم الجهات المعنية في الدولة بتقديم المساعدة اللازمة لعلاجهم وشفائهم وتوفير المناخ الصحيح لعودتهم إلى مجتمعهم أصحاء معافين من خلال إقامة مراكز خاصة للمعالجة من الإدمان مع التشدد في الحفاظ على سرية المعلومات المتعلقة بنزلاء هذه المراكز.
كما أعفى القانون المتورطين بالمخدرات من المساءلة القانونية في حال تقدموا من أنفسهم إلى هذه المراكز أو بمعرفة أحد من ذويهم هذا إضافة إلى صدور قانوني منع غسيل الأموال ومنع الاتجار بالبشر وهذه الجرائم ترتبط ارتباطاً وثيقاً بجرائم المخدرات.

سيرياديلي نيوز


التعليقات