سنوات مرّت –ومنذ نعومة أظفارنا الصحافية والإعلامية- ونحن نستخدم عبارة "إلى من يهمه الأمر"...

سنوات طويلة نكتب وننشر تحت هذا العنوان، ولا ننكر أن بعض "من يهمه الأمر" اهتمّ للأمر، لكن الكثيرين ممن يجب أن يهمهم الأمر لم يكترثوا به ولم يهتمّوا له ظنّاً منهم أن فعل "اكترث" هو فعل وقوع في الكارثة، وأن فعل "اهتم" هو فعل انخراطٍ في "الهم"، أبعد الله عنكم كل أنواع الكوارث والهموم وما التصق بها من شوائب وسموم!

لذا ارتأينا اليوم مخاطبة من "لا يهمه الأمر" علّ الأمر يهمّه والخير يعمّه، ويرضى عنه أبوه ثم زوجاته وأمّه!

وما الأمر سوى أنه يهم الجميع، من الطاعن في السنّ إلى أصغر رضيع، بمن فيهم الصالح والطالح وحتى "الوديع"، وأرجو ألاّ يفهم المدللون "دال" الوداعة على أنها "ضاد" الوضاعة، فينقلب أمرنا من هام إلى غير هام، ومن عامٍّ إلى غير عام، ونغرق في مستنقع الشخصنة والشخوصية، ونُتّهم بقرصنة الوقائع ونبش الخصوصية وما يرتبط بها من جرائم القدح والذم، والتشهير وهدر الدم، وإضعاف الشعور وتخوين الذمم...لذا نستجير بالحكمة "الصوصية" القائلة: "لا تبقبق بق بق بقيق، إذا ما عندك فوق صديق"!!!

اليوم الإثنين 15/حزيران/2015 يا أعزائي نشرت صحيفة "تشريننا" الغالية (بسعر 25 ل.س) في عددها 12351مقالاً بقلم سارة عيسى يحمل عنوان "أعين الغرب عليك يا تدمر" جاء فيه –من ضمن ما جاء- أن معهد الآثار الألماني ومتحف الفن الإسلامي"يسعى للخروج من حالة الشلل نتيجة الصدمة..ويقوم بما يستطيع مثل رقمنة القطع الأثرية التي خضعت لأبحاثٍ عقوداً طويلة في سورية وربطها بشبكة الإنترنت بنظام خاص بها، فحين يأتي أوان إعادة الإعمار –والكلام للمعهد الألماني - سيكون هناك على الأقل توثيق للقطع السورية الأثرية، وأيضاً سنقوم بتوثيق الدمار، كما ننظر في تجارة الأعمال الفنية والتحقيق فيما يباع منها، لنرى أين يمكن أن نسهم في ضمان تجارة نظيفة، أيضاً توثيق البضائع المعروفة والمنهوبة..."

طبعاً هذا الكلام ورد على لسان "ستيفان فايبر" مدير متحف الفن الإسلامي في برلين ومنسق مشروع "أرشيف التراث السوري"!!! ذلك الأرشيف الذي يجب أن تمتلكه مديرية الآثار التابعة حالياً –وأكثر من أي وقت مضى- للسيد وزير الثقافة شخصياً (طبعاً دون أية شخصنة للموضوع!)...فبعد قراءتنا لما–وبعد قراءاتنا المتعددة والمتعمقة لوثائق مديرية الآثار- يحق لنا أن نوجّه سؤالاً وليس تساؤلاً هو أي توثيق يتحدث عنه مسؤولو مديرية الآثار للآثار؟ وأية حماية للآثار يتغنى بها البعض؟...وكيف تسري هذه النغمة في عروق الوزارة المختصة لتتسرب إلى كابلات الصوت والصورة لوسائل إعلامنا على أن كل آثارنا موثقة؟!

نحن لا نكذّب "ستيفان" الألماني ولا "فليحان" السوري، لكن الصادق منهما يعبّر عن نفسه وقت اللزوم ويعرض للإعلام ما قال ويقول، فهل يعرض "فليحاننا" ما قال ويقول، وما يشفي القلب ويحترم العقول؟!...أم أن "ستيفان" ألمانيا خاضع لقانون عاملينا الموحد ويتحدث عن أرشيف تراثنا وكأنه المسؤول الأوحد؟!

وما في جعبة مكتوبنا اليوم سوى نداء إلى "من لا يهمه الأمر" علّ الأمر يهمه!

 

سيرياديلي نيوز - خاص - سليمان أمين


التعليقات