ليست قصة ببداية ونهاية وعبرة...هي فقط إضاءات نسلطها على ظاهرة باتت تستحوذ حيزا كبيرا في المجتمع السوري وبشكل خاص بعد الظروف الأمنية والمعيشية والإقتصادية التي تشهدها البلاد..
أبطال هذه الظاهرة هم أناس يعيشون بيننا ولكننا لانراهم ولانشعر بوجودهم ...منهم من لجأ إليها لحاجة ماسة ...ومنهم من اتخذها حرفة لسهولة الكسب من خلال استجداء عواطف الناس بطفل صغير يطلب منهم أو بتصنع الفقر وصنع عاهات زائفة..
بطلة الإضاءة الأولى إمرأة في الستين من عمرها ولكم قصتها بلسانها..
( ابني انخطف بدير الزور من سنة ونص ..حكوا معنا المسلحين وطلبوا مبلغ مليون ونص ليرجعولنا ياه إما بيقتلوه...ماتأمن معي إلا مليون ليرة ) وبعد سؤالنا لها عن مصدر النقود أجابت ماتركت حدا من اللي بعرفو ما أخدت منو ولما ما تأمن معي المبلغ مالقيت إلا الشحادة وسيلة لدبر المبلغ ...ومشي الحال عطيناهن المصاري ورجعولي ياه بدون رجلين
_ خالة ماعندك حدا يساعدك ؟ قلتيلي ابنك متزوج ليش زوجته مابتشتغل؟
_ ومين رح ينتبه ع ولادو إذا توظفت..وهوي صار مقعد يعني بدو مين يخدمو...أنا مابشحد دائما بس بأول الشهر بطلع بلم أجار البيت وبقعد باقي الشهر بالبيت..أوقات ولاد الحلال بيساعدونا مرة بأكل ومرة بمصاري شوبيطلع منون واكتفت بهذا القدر من الكلام...
أما بطل الإضاءة الثانية فهو حسام 9سنوات يمتهن التسول منذ مايقارب الثلاث سنوات وعند سؤالنا عن عمله أجاب مابخجل من الشحادة أصلا أحسن من الشغل بس الناس بتعطي إختي أكتر مني بيزعلوا عليها أكتر ..أبي وإمي كمان بيشحدوا )
الإضاءة الثالثة كانت ل فتاة في السابعة من عمرها لم تقل إسمها وأجابتنا حين سألناها عن أهلها وعملها : ( يعني إذا جاوبتك بتعطيني مصاري؟ أبي مات من زمان هيك إمي قالت وهيي ماتت من سنة وزوج إمي بيفيقنا الصبح لنشتغل بس بيطعمينا أوقات لحمة وأوقات فواكه بيقلنا كل ماجبتوا مصاري أكتر بطعميكن أكل طيب ....كنت حب المدرسة بس مافيها مصاري )
وعلى رصيف أحد الطرقات كان لنا لقاء مع بطل الإضاءة الرابعة ...إنه رجل وكأنه في الأربعين من عمره....حين حديثنا معه حاولنا أن نجد فيه عاهة تمنعه من العمل فلم نجد ولهذا سألناه عنها فكان جوابه كالتالي مافي وظائف..يعني إذا طلبت بيوظفونا ؟ أنا نازح ومالي مكان روح عليه ...بقعد هون من الصبح للمسا وبطالع رزقتي... )
أما بطلة الإضاءة الخامسة فالتقينا بها قرب باب إحدى المستشفيات كانت إمرأة تحمل بيدها طفلا رضيعا ويجلس إلى جانبها طفل آخر تبدو عليها ملامح البؤس والشقاء الطفل الذي بجانبها كان واضحا للعيان أن إحدى عينيه تعاني خللا كبيرا تقول عينو بدها عملية ليرجع يشوف تمام...عمليتو بتكلف 200ألف وأنا مامعي شي منون ...جربت إشتغل أكتر من مرة بس تقلعت..وبن بدي روح بولادي ومافي
آخدون معي ع الشغل..أغلب الشغل اللي لقيتو تنظيف وشغل بالبيوت ومستحيل إقدر آخد ولادي معي ...هلأ عم إشحد لبين ما الله يفرجها )
هذه فقط بعض الإضاءات على شخصيات تمثل هذه الظاهرة..وكما قرأتم فالأسباب متعددة...ولكن السبب الأكبر والمسيطر هو الفقر والبطالة والسنوات الأربع الأخيرة التي قلبت الموازين في المجتمع السوري وزادت من كثير من المظاهر السلبية التي كانت منتشرة إلى حد مافيه...
إن هذه الظاهرة ومثلها ظواهر كثيرة يقع حلها على عاتق السلطات المعنية ليس لسن القوانين التي تعاقب من يمارسها حاجة أو يمتهنها حرفة إنما لبحث الأسباب ووضع الحلول الفاعلة لمساعدة هؤلاء وتأمين مايجعلهم بغنى عن سؤال الناس .
سيرياديلي نيوز-مادلين جليس
2015-06-09 19:44:35