أكثر من أربع سنوات العمال  يعيشون ضمن ظروف لايحسدون عليها ..في ظل الأزمة وما نتج عنها من تدمير ونهب وقتل وسلب وتهديد ومروراً  بفرض عقوبات أميركية عليها مضافاً إليها الوضع المعيشي الصعب نتيجة ارتفاع الأسعار وضعف القدرة الشرائية وانخفاض المردود المالي وتسريح عمال لا ذنب لهم  ..

و رغم المحاولات الكثيرة لترقيع االاقتصاد السوري عبر اتخاذ جملة من الإجراءات الإسعافية ، إلا أن هذا لم يمنع البعض  من التعبير لعمالهم بالدرجة الأولى عن عدم قدرتهم على الصمود أمام تدهور الأوضاع، فجاءت قرارات التسريح إيذاناً ببدء أزمة لا يعلم أرباب العمل متى تنتهي وماهو مدّها، تبعها إجراءات كثيرة كتخفيض كلف الإنتاج والحد من التوسع.، وواجه آخرون الأزمة بطريقة مغايرة تماماً فهم يعتبرون حسب حديثهم لجريدة قاسيون، أن التوسع في السوق وليس العكس هو السبيل السليم لإدارة الأزمة بما يمنع من تسريح العمال ولا يقطع حبل الوصال والود معهم.

العمالة ضحية تخفيض الكلف

فيما وقف فريق ثالث موقفاً معتدلاً بين الفريقين، فهو يضع للتسريح شروطاً وضوابط وأولويات، ويُختار سياسة إعطاء إجازات بلا أجر، أو تخفيض كتل الرواتب والأجور لكافة العاملين وبنسب تحافظ على ربحه، بحيث يتم تقاسم المخاطر برضى بين العامل ورب العمل، وعلى مبدأ أن الدهر يوم لك ويوم عليك، وينطلق هؤلاء من نظرية اقتصادية مفادها أنّ تخفيض التكاليف في الأزمات غير معروفة النهاية يجنّب الشركة الإفلاس، ويتيح لها الانطلاق من جديد بعد انقشاع الأزمة.

وبحسب إحصائيات صادرة عن الاتحاد العام لنقابات عمال سورية تم تسريح ألاف العمال خلال سنوات الأربعة الماضية  من القطاع الخاص ..

هذه الإحصائيات  لم تمنع من اعتراف أرباب العمال بظاهرة تسريح الموظفين في هذه المرحلة أو نفيهم لذلك سواء عن عمد أو عن جهل أوعن قناعة ويقين، من سرد الحلول  لإدارة الأزمة وطرح رؤيتهم للاستمرار بالعمل الذي يقتضي التضحية بالعامل بنظر البعض والإبقاء عليه مع الالتزام بشروط معينة بنظر آخرين،  وهذه الحلول برأيهم تتمثل بالحفاظ على مستوى الإنتاج والبحث عن إمكانية التوسع والبحث عن أسواق جديدة، أو إعطاء الموظفين إجازات قصيرة بلا راتب بأسوأ الأحوال، لاسيما أن الأزمة كما يرى قد بدأت بالانحسار .

اقتراحات أرباب العمل تخفيض التأمينات

 من جهة ثانية يحمّل أرباب أعمال آخرون الحكومة مسؤولية تجاه العاملين في القطاع الخاص، فهي مطالبة بالحفاظ عليهم عبر مساندة صاحب العمل، حيث طالبوا الحكومة تخفيض الرسوم الجمركية على المواد غير الموجودة في سورية كالبن الأخضر بحيث يكون 0%، وكذلك تخفيض أسعار الكهرباء والغاز والفيول على الصناعيين، ورسوم التأمينات والتي وصفوها بالمرض الذي أصاب العامل ورب العمل معاً، كما تم اقتراح أن تكون رسوم التأمينات هي 10% بدلاً من 24% بحيث يتحمل رب العمل 7% والعامل 3%، إضافة لإلغاء ضريبة الدخل على العامل، وتقسيم القطاعات الاقتصادية إلى 5 قطاعات غذائية وهندسية وكيميائية ونسيجية ودوائية، ثم الالتقاء مع 10 مصانع يمثلون كل قطاع من المذكورين أعلاه وحل مشاكلهم كل على حدة، وإلا فإن الحكومة تتحمل مسؤوليتها بتسريح العمال أكثر من الصناعي  لإن قراراتها هي من تدفعه للاستغناء عن عماله.

تفاوض مباشر

وينظر المختصون في الموارد البشرية إلى مسألة التعامل مع العمال في الأزمات بطريقة مختلفة، فهم لا يتحدثون عن تخفيض كلف إنتاج صناعي لإنقاذهم ولايطلبون دعم الحكومة، لكنهم يقترحون التفاوض مع العمال مباشرة للاتفاق على صيغة جديدة للعمل معهم، تخفف من وطأة الأزمة على رب العمل وتقلل الضرر على العامل، من خلال ضرورة عدم إدراج خيار التسريح ضمن حلول إدارة الأزمة، فخسارة العامل ستكون مضاعفة عن خسارة رب العمل، كما أن الاستغناء عنه أو منحه إجازة طويلة بلا أجر قد يخلق حالة من عدم الثقة بين الطرفين، والحلول المقترحة برأيهم فيمكن أن يكون بتخفيض ساعات العمل وإعطاء مرتب متناسب معها، لان العامل الذي يبقى دون عمل سيفاقم الأزمة الاقتصادية الاجتماعية  وخاصة أنه لا يوجد في سورية صندوق بطالة كما في بعض الدول وعلى رب العمل أن يتوقع الخسارة دوماً ويتقبلها مثلما يطمح للربح ويفرح به

سيرياديلي نيوز – نور ملحم


التعليقات