سيرياديلي نيوز – مجد سليم عبيسي

مع اقتراب شهر رمضان، تبدأ التحضيرات من قبل الجميع لهذا الشهر، وأقصد بالجميع : جميع من في الوطن (مواطن- بائع- تاجر- شحاد- فنان..) ويبدأ السباق المعهود من قبل الحكومة والتاجر والمستهلك. فالتاجر يبدأ بصوغ المقدمات لرفع الأسعار ودائماً مبرراته مفصلة وجاهزة على مقاس المشتري. المواطن يبدأ بالادخار قبل الشهر الكريم بشهر وحشو البراد بمختلف الصنوف من الأطعمة استعداداً لشهر الطعام.. أقصد شهر الصيام، وهو ممتعض ومتأفف من غلاء الأسعار الذي بات عادة سنوية. أما الحكومة التي تمثل دائماً الشرطي الضابط للفوضى المصغرة، فهذا حديث له شجون.. الحكومة وحديث له شجون : تذبذب أسعار الصرف كانت الموجة الجاهزة التي ركبها الباعة والتي أثرت في أسعار السلع والمواد الغذائية في الأسواق المحلية بارتفاعات سريعة، الحكومة هنا لم تستطع إرغام التجار -على اختلاف وسائلها- تخفيض الأسعار بعد أن استطاعت هي خفض سعر الصرف. فوصلت أسعار الأرز مثلاً إلى 350 ليرة للكيلو، والسكر إلى 130 ليرة للكيلو، والمتة 325 ليرة والزيت المستورد إلى 400 ليرة لليتر حسب نوعيته، وحتى الدخان ارتفعت أسعاره بشكل كبير، ولا ننسى المنظفات وفوط وحليب الأطفال والأدوية وكشفية الأطباء، كل شيء أصبح يرتفع فقط عندما يرف مؤشر سعر الصرف لمجرد رفة واحدة للأعلى. حتى أن كيلو البطاطا وصل إلى 180 ليرة سورية والبندورة إلى 200 ليرة، عدا عن ارتفاع الفواكه واللحم والبيض والفروج... أي ما يفوق الطاقة الشرائية للمواطن. هنا الحكومة أخذت على عاتقها استخدام الأذرعة الضابطة حيث رصدنا "غليان" لدوريات التموين والمحافظة في الأسواق وتابعنا العديد من ضبوطات المخالفات السعرية للمحال عدا عن ضبوطات إشغالات الأرصفة وعمالة الأطفال. ولكن بقيت الأسعار على حالها وعادت إشغالات الأرصفة من قبل الفلاح الذي أراد أن يوصل سلعته مباشرة إلى المستهلك ولكن بأسعار وصلت إلى أغلى من أسعار المحال بطريقة غريبة.. ومع اقتراب شهر رمضان ستزيد الأسعار على ذلك... إذا أمام ثبوتية هذا الواقع ما الحل؟! مصائب قوم عند قوم فوائد : لربما رحمة من الله بعبادة جاء الإسعاف على مبدأ "مصائب قوم..." رئيس اتحاد غرف الزراعة السورية محمد كشتو كان قد صرّح في وقت سابق "إن صادرات الخضار السورية مؤخراً قد توقفت نتيجة إغلاق المعابر الحدودية مع الأردن والعراق، وضعف إمكانية التصدير عبر الجو أو البحر، الأمر الذي سيكبد المزارعين خسائر كبيرة،.. وكشف عن وجود إنتاج كبير من مادة البطاطا حالياً تصل إلى 700 ألف طن، في حين لا يزيد الاستهلاك المحلي عن 300 ألف طن، وكان العراق المركز الرئيسي لهذه الصادرات، ومع إغلاق المعبر منذ قرابة الأسبوعين فلم يعد هنالك من سوق للتصريف ولا يمكن تصدير البطاطا أو البندورة عبر الطائرات لأن كلفة الشحن تصل إلى دولار، في حين سعر البطاطا عالميا لا يتجاوز 30 سنتاً وكذلك الشحن البحري لديه صعوبات كبيرة وتكاليف عالية، بحسب صحيفة الوطن." كيف انقلبت الآلية السعرية : "ورأى كشتو أنه نتيجة لذلك زادت كميات الخضار المعروضة في الأسواق المحلية بشكل كبير، ما أدى إلى انخفاض الأسعار لمستويات قياسية خلال الأزمة، حيث يتم استجرار البطاطا من الفلاحين بسعر يتراوح بين 30 إلى 35 ليرة، وهذا السعر يؤدي لخسارة الفلاح بحدود 25 ليرة في الكيلو الواحد، علماً أن غرف الزراعة تبيع البذور بأسعار منخفضة، لكن الأسعار وصلت لمستويات غير متوقعة ومن الممكن تدخّل مؤسسة الخزن لشراء جزء من المحصول بسعر أفضل لتخزينه ثم يطرح على المواطنين بأسعار مقبولة خلال الفترة المقبلة وعدم عودة السعر لمستويات فوق الـ100 ليرة." ونتيجة لذلك فقد انخفضت الأسعار بسرعة كبيرة وبنسبة لم تشهد الأزمة لها مثيل وصلت إلى 60% حيث انخفض سعر كيلو البندورة من 200 ليرة إلى 70 ليرة وكيلو البطاطا من 180 ليرة إلى 75 ليرة وكيلو الخيار البلدي من 190 ليرة إلى 65 ليرة. ولكن هل سيستمر الحال على ما هو عليه حتى قدوم الشهر الفضيل؟! عتب.. رغم أن أدوات الحكومة في مجال ضبط الأسعار عديدة، لكن ما تستخدمه يقل بكثير عن مستوى الطموح، فالضبوطات يبدو أنها غير رادعة، وخيارات الحكومة بالتدخل في الأسواق عبر مؤسساتها المعروفة لم تعد كافية، فهذه المؤسسات باتت نمطية ومترهلة مهما حاولت إداراتها وضع البهرجة على واجهاتها، فقد باتت بحاجة إلى إعادة هيكلة من جديد، فهناك الكثير من السلع في هذه المؤسسات تباع بأسعار أعلى من السوق وسلع أخرى دون المستوى المرغوب باستهلاكه، وأمور أخرى لسنا بمعرض الحديث عنها ولكنها تدخل من باب الفساد.. إذا، هل هناك مسائل معيشية رديفة يمكنها أن تساعد المواطن بطريقة أفضل من محاولات ضبط الأسعار المؤقتة ومؤسسات والتي غالباً ما تكون ضعيفة الأثر؟!. هل يمكن أن تضع الحكومة في الأولويات حل مشكلة تدنّي الدخول بالنسبة لذوي الدخل المحدود. أو باقتراح كنت قد سمعته عن سلة غذائية بسعر التكلفة، شهرياً لكل أسرة محدودة الدخل، توزعها مؤسسات التدخل الإيجابي؟! في نهاية الأمر نرجو ممن وثقنا بهم بإدارة اقتصادنا المعيشي أن يكونوا على دراية بما فيه خير المواطن.. وشهر رمضان فيه برهان قدرتهم على ذلك.

 

 

 

سيريا ديلي نيوز


التعليقات