يبدو أن اعتماد نظام تمثيلي جديد لمؤسسة الطيران السورية يلغي المحسوبيات والمصالح الشخصية، بات جاهزاً كمشروع مرسوم يلبي طموحات موظفي المؤسسة بعد أن كان مخترقاً لكل الأطراف والجهات الوصائية، كإرسال كابتن طائرة للعمل مديراً إقليمياً في المحطات الخارجية، على سبيل المثال لا الحصر.
بدورها وزارة النقل درست بعناية فائقة كل الملابسات التي حامت حول التمثيل وأنجزت مشروع مرسوم كشف عنه وزير النقل الدكتور غزوان خير بك، مبيّناً قرب التصديق على مشروع المرسوم الخاص بإحداث نظام داخلي جديد لتمثيل المؤسسة خارجياً، حيث أبدت وزارة الخارجية والمغتربين ملاحظاتها على النظام بحكم خبرتها، على أن يكون بمنزلة مرسوم تشريعي، بحيث يصعب التلاعب به ولا يكون مفصّلاً على أحد أو كما يقال ويشاع في أروقة المؤسسة ووزارة النقل: “حفر وتنزيل” على ناس دون غيرهم؟!، مشيراً إلى أن النظام الجديد سيكون وفق معايير وأسس واضحة لا لبس فيها، ورافضاً في الوقت ذاته التدخل العلني لمجلس إدارة المؤسسة في فقرات النظام، وبتر السلطوية التي يمارسها على فقرات النظام من خلال الأحقية في عدم التقيد بفقرات ومواد النظام.
اعتراضات
وبحسب ما أوردت صحيفة "البعث " في المقلب الآخر يشتكي الكثير من العاملين في المؤسسة العامة للطيران السورية من مشروع نظام التمثيل الخارجي والمعدّ دون أدنى مشاركة لهم فيه، معتبرين الفقرات والمواد المنصوص عليها ظالمة ومجحفة بحقهم، وتتمحور نقاط الاعتراض من وجهة نظر موظفي المؤسسة حول عدم التزام المؤسسة بالتعليمات الناظمة للتمثيل الخارجي، موضحين أنه منذ قيام وزارة النقل بتشريع موضوع التمثيل الخارجي بموجب أوامر صادرة عنها وفق الأرقام (477، 555، 2222) كانت تتم دراسة هذه القرارات من مجلس إدارة المؤسسة، وللأسف وفق المصالح الشخصية، دون أي اعتبار آخر، حيث كانت توضع الشروط بالقياس على الأشخاص المطلوب إيفادهم دون غيرهم لتمثيل المؤسسة، وليس ضمن شروط عامة ومحدّدة، إضافة إلى تداخل الاختصاصات في المديريات فيما بينها، مع الإشارة إلى المفارقة الكبرى في هذا الموضوع التي تتمثل في السماح لكل مديري مديريات المؤسسة وبعض أعضاء مجلس إدارتها بالترشح إلى فئة المدير الإقليمي عن المديرية التجارية المختصة بهذا الموضوع بالتوازي مع عدم السماح لأي موظف في المؤسسة بالترشح لباقي فئات التمثيل (مندوب مالي، ناظر محطة) وحصر ذلك بالمديريات المختصة (مالية، حسابات، عمليات أرضية) كل ذلك بحجة ضرورة وجود اختصاص في العمل لهذه الفئات وعدم ضرورته في فئة المدير الإقليمي التابع للمديرية التجارية.
انتقائية
أكثر من عشرين موظفاً يمثلون المديريات التجارية والمالية والعمليات الأرضية والجوية التقتهم “البعث”، أكدوا أن المؤسسة لم تلتزم يوماً ومنذ بداية التشريع لهذا الموضوع ووضع الأسس الناظمة له بعملية تسلسل درجات النجاح والإيفاد بموجب ذلك، وإنما كان يتم الإيفاد بطريقة انتقائية لا أساس لها، وقدّموا العديد من الشواهد التي تثبت صحة أقوالهم منها على سبيل المثال، قيام المؤسسة بإيفاد الموظفين الناجحين في الدورة دون الاعتماد على تسلسل درجات النجاح وفق المدة المحددة في كل قرار، وانتهاء مدة إيفادهم والتمديد لهم في المحطات الخارجية، مع وجود موظفين قد نجحوا في الدورة نفسها وممن هم بانتظار الإيفاد.
كما بيّنوا قيام المؤسسة بإيفاد طيار أو مضيف جوي وصرفت عشرات الآلاف من الدولارات في سبيل جعله طياراً أو مضيفاً على متنها، أو قامت بإيفاد مهندسي الصيانة الذين يتبعون دورات لا حصر لها من أجل الاختصاص في العمل لتمثيل المؤسسة خارجياً رغم حاجتها إليهم للعمل ضمن مديرياتها، موضحين كيفية إيفاد موظفين لم يتبعوا دورات تمثيل خارجي، وهذا ما حصل في الإيفاد الأخير الذي تم في المؤسسة، حيث اتبع موظفو المؤسسة دورة بموجب قرار وزارة النقل رقم 2222 لعام 2011، إلا أنه لم يصدر عن الوزارة أية قوائم نجاح بأسماء الموظفين الخاضعين لهذه الدورة، حيث اعتبرت الوزارة وبموجب قرار صادر عنها أيضاً الدورة المذكورة دورة “اطلاعية” لا أكثر.. ولا يمكن البناء عليها في موضوع التمثيل الخارجي، وتمت مفاجأة العاملين في المؤسسة ممن خضعوا لهذه الدورة بإيفاد بعضهم دون ذكر الأسباب الموجبة لذلك.
مديرون
مدير تجاري سابق ذكر لـ”البعث” أن لدى المؤسسة أكثر من أربعة عشر مديراً إضافة إلى شريحة معاوني مديري المديريات وبعض أعضاء مجلس الإدارة (علماً أن كل الشرائح المذكورة خارج اختصاص العمل التجاري).. كل تلك الشرائح يحق لها الترشح لتمثيل المؤسسة في فئة المدير الإقليمي حصراً، وهذا يعني إضاعة كل الفرص المتاحة لموظفي المديرية المختصة (مديرية الشؤون التجارية) في مجرد التفكير بالتمثيل الخارجي نظراً لتفضيل مجلس إدارة المؤسسة لهذه الشريحة على ما عداها من الشرائح، وحسب المدير التجاري الحجة قائمة وهي أن هذه الشريحة تعتبر الشريحة الأولى في المؤسسة بسبب التسميات الممنوحة لها (مدير مديرية، معاون مدير مديرية) رغم عدم وجود الاختصاص في العمل التجاري لديهم، وهذا يعني أيضاً قيام المديرية التجارية بعمل مضاعف، كل ذلك بالتوازي مع انخفاض عدد نقاط تشغيل المؤسسة بسبب الظروف الراهنة.
وهنا تبرز النتيجة الحتمية لهذا الإجراء في حال اتخاذه وهي ببسيط العبارة: أنه على موظف المديرية التجارية العمل ضمن المديرية التجارية فقط وعدم التفكير في التمثيل الخارجي نهائياً، ولا نعرف هنا هل يمكن لهذا الموظف الاستمرار في العمل أم أنه سيقوم بالبحث عن مصدر عمل آخر خارج المؤسسة أو محاولة الانتقال إلى أية مديرية ضمن المؤسسة يمكن له من خلالها الترشح لاحقاً للتمثيل الخارجي، وبالتالي إفراغ المديرية التجارية من الخبرات في كلتا الحالتين.
آمال
ما نأمله من وزارة النقل والمؤسسة السورية للطيران أن تقدّما نظاماً تمثيلياً للمؤسسة يليق بسمعة سورية بعيداً عن السلطوية المتبعة ومصالح شخصيات وأفراد، وأن تكون المرة الأولى التي يسجّل فيها لوزارة النقل قيامها بتنظيم التمثيل الخارجي لمؤسسة الطيران العربية السورية بالشكل الأمثل ووفق الاختصاص، لا أن تبقى هذه الحالة المرضية قائمة (إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون) دون اتخاذ أي إجراء مع يقيننا الكامل بتفهم وزير النقل وحرصه على هذا الموضوع.

سيريا ديلي نيوز


التعليقات