سيرياديلي نيوز – شمس ملحم
أعادت الحرب في سوريا هيكلة الاقتصاد السوري وسوق العمل، وفرض الدمار والعقوبات تبدلاً في الأرقام والميزانية، فكان الانعكاس على حياة المواطن،
من بطالة وزيادة في الأسعار وانخفاضاً في الأجور، فدخل المجتمع في دوامة اقتصاد الحرب والعنف، وبدأ يبحث عن البدائل للمحافظة على قسط صغير من المال
يكفيه للعيش فقط.
وتغير سلوك الأسر السورية في الناحية الاقتصادية، فالأجور انخفضت نسبة لارتفاع أسعار المواد، ما منعها من استثمار أموالها في الأمور الترفيهية
والخدمية.
ومع تراجع الدخل، بدأت الأسر في استخدام المدخرات. وضمن العائلات شبان عاطلين عن العمل نتيجة تراجع فرص العمل، حيث بلغت الخسائر 2.96 مليون فرصة
عمل، ما انعكس على معيشة حوالي 12 مليون شخص. ولم تعد أبواب القطاع الخاص مفتوحة بشكل كامل كما كانت قبل اندلاع الأزمة في العام 2011، وارتفعت نسبة
البطالة من 53 في المئة في العام 2013 الى 57.7 في المئة في العام 2014،بحسب المركز السوري لبحوث السياسات.
وأدى تراجع التوظيف في القطاع الخاص إلى ازدياد التوجه للقطاع العام، الذي ازدادت حصته في سوق العمل لتصل إلى 55 في المئة في العام 2014.
وتضاعفت الآثار السلبية على الأسرة، نتيجة الضرر الذي لحق بالقطاع العقاري،ففي المناطق التي تهدمت أبنيتها السكنية، لجأ سكانها إلى المناطق الآمنة،
فارتفعت نسبة سكان المدن بشكل رئيسي، ما أدى إلى ارتفاع في نسبة الطلب مقارنة بانخفاض العرض، كما استغل بعض أصحاب العقارات حاجة الناس للسكن،
فعملوا على رفع أسعار شراء واستئجار البيوت.
وأدى تراجع الفرص الوظيفية في سوق العمل بالشباب إلى التوجه للأعمال والصناعات الصغيرة. وتحولت ظاهرة بحث الموظف الحكومي عن عمل بعد دوامه
الرسمي إلى سمة رئيسية للكثير من الشباب، فمن كان موظفا أو صاحب عمل، يبحث عن عمل إضافي يضمن له زيادة في دخله المادي، فازداد انتشار «اقتصاد الظل»،
الذي لا يشكل دخلا ضمن ميزانية المؤسسات الحكومية. كما لم تعد الشهادة الجامعية هي الأساس في العمل، فالشباب أصبح يفضل العمل في أي وظيفة أكثر من
توقفه عن العمل.
عوامل مختلفة أثرت على تبدل السلوك الاقتصادي للمواطن والأسرة، فجولة بسيطة على أسعار المواد اليومية تكفي لحصول هذا التبدل، فالأسعار في ارتفاع
متواصل، وهي تتأثر بحالة صرف سعر الدولار، والمعارك العسكرية، والعقوبات الاقتصادية وغيرها.
وتأثر قطاع الزراعة نتيجة صعوبة النقل بين المحافظات، وخاصة الشرقية في الحسكة، وصعوبة وصول المزارعين، في بعض الأرياف، إلى مزارعهم وحقولهم نتيجة
أعمال العنف. وزاد الجفاف من خسائر القطاع، التي بلغت 348 مليون ليرة سورية.
كما تأثر العمال بارتفاع أسعار المشتقات النفطية والغاز نتيجة صعوبة الوصول إلى مناطق الاستخراج، وخاصة أنها تتواجد في المنطقة الشرقية التي تتواجد
فيها المجموعات المسلحة، التي تعمل على استخراجها بطرق بدائية وبيعهابأسعار منخفضة، إضافة إلى العقوبات الاقتصادية الدولية على سوريا منذ العام
2011، والتي أثرت على عملية الاستيراد والتصدير والنقل للمواد النفطية.
وسجل سعر الغاز تراجعاً في العام 2014 بنسبة 9.6 في المئة مقارنة بالعام 2013، مع الإشارة إلى أن المعارك حول حقل الشاعر في ريف حمص، كان لها
التأثير الأكبر لهذا التراجع.
وفي نظرة شاملة، تراجع الناتج المحلي الإجمالي في العام 2014 بنسبة 38 في المئة عن 2010، حيث خسر قطاع التجارة الداخلية 748 مليار ليرة سورية، وتقدر
خسارة قطاع النقل والاتصالات بـ 517 مليار ليرة سورية، والصناعة الاستخراجية بنسبة 467 مليار ليرة، والخدمات الحكومية 417 مليار ليرة،
والصناعات التحويلية 366 مليار ليرة، فيما تحسن قطاع الصناعة بنسبة 3.3 في المئة بحلول نهاية 2014، وانكمشت صناعة النسيج بنسبة 38 في المئة.
في عيد العمال، يطرح أصحاب المهن تساؤلات عن مستقبل أعمالهم، والعمال يبحثون عن استقرار نسبي في أجورهم، فيما تبقى أسواق البيع والشراء، وفرص
العمل، مرتبطة بالتطورات السياسية والعسكرية، لتصبح جزءاً من معارك الميدان، لكن بوجه اقتصادي.
سيرياديلي نيوز
2015-05-02 21:45:24