شكل العام 2014 واحداً من أكثر سنوات الحرب السورية عنفاً ودموية مع استمرار النزاع المسلح على أجزاء واسعة من الجغرافيا السورية، حيث شهد هذا العام ظهور تنظيم داعش ودخوله بقوة على خط النار في سورية مترافقاً مع تصاعد موازٍ لتيارات جهادية متشددة لا تقل عنه ضراوة واندفاعاً ورغبة في تسعير القتال السوري مستفيدة من استمرار تدول الأزمة السورية وتفاقم التجاذب الدولي والإقليمي حيالها. أرقام مدهشة خرجت مؤخراً حول أحدث الإحصائيات التي تناولت الآثار الاجتماعية والاقتصادية للحرب في سورية التي دخلت عامها الخامس. المركز السوري لبحوث السياسات، أطلق تقريراً جديداً حمل عنوان: "سورية: الاغتراب والعنف" ضمن سلسلة من التقارير التي يصدرها المركز لمتابعة وتقييم آثار الأزمة على الحالة الاجتماعية والاقتصادية للسوريين، بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ووكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا".

خسائر الاقتصاد 

في ديباجته يرى المركز أن قوى التسلط تمكنت من إدماج الكثير من الأفراد في آلات القتل والسلب والنهب مضحين بأنفسهم وكرامتهم لتعزيز هذه القوى، من خلال التلاعب بالوعي تارة واستخدام الحوافز المادية والاجتماعية والسياسية تارة أخرى. وأن المأساة الحادة والعنف المستشري في سورية لا يزالان يرخيان بثقلهما الكارثي على جميع الجوانب المتعلقة بالتنمية في أنحاء البلاد وقد تسببت هذه المأساة بحصول تحول مدمر ينتج مؤسسات جديدة ويشوه المؤسسات الحالية لخدمة اقتصاديات العنف الآخذة في التوسع.

ومع تواصل التراجع في دورة الاقتصاد السوري وبحسب جريدة الشبيبة وصلت الخسائر الاقتصادية الإجمالية إلى 202.6 مليار دولار حتى نهاية العام 2014 وتعادل هذه الخسارة أربعة أضعاف الناتج المحلي الاجمالي لعام 2010، وقُدرت الخسارة التي تواصلت في مخزون رأس المال نتيجة للأضرار والتخريب وأعمال النهب والسلب والسرقة بمبلغ 72 مليار دولار أمريكي أي ما يعادل نسبة 36% من الخسائر الاقتصادية الاجمالية. فيما تناقص عدد سكان سورية خلال النزاع بنسبة 15% عما كان عليه عام 2010 مع اضطرار 3.3 مليون إنسان سوري إلى اللجوء في دول أخرى فضلاً عن 1.5 مليون شخص هاجروا بحثاً عن العمل والحياة الآمنة في أماكن أخرى. وضمن ما تبقى من سكان سورية اضطر 6.8 مليون نسمة إلى النزوح داخلياً بعيداً عن بيوتهم وأحيائهم ومناطقهم جراء العنف والخوف والترهيب والتشرد. وخسر أكثر من 12 مليون إنسان مصدر دخلهم الأساسي كما أن 4 من كل 5 سوريين يعيشون الآن في حالة فقر بينما انحدر 30% من السكان إلى الفقر المدقع الذي يشير إلى عدم قدرة الأسر على تأمين الحد الأدنى من الغذاء الأساسي للبقاء على قيد الحياة.

 

 

سوريون يرفضون العنف

أسفر النزاع المسلّح والتدهور الاقتصادي والتفكك الاجتماعي عن حصول تحوّل في الجغرافيا البشرية في سورية. حيث اضطر أكثر من نصف السكّان إلى مغادرة أماكن سكنهم المعتادة طلباً للأمان وظروف معيشة أفضل في أماكن أخرى. وعالج التقرير قضية الاغتراب كانعكاس للفجوة بين الأفراد والمؤسسات، التي يفترض أنها من إنتاجهم. إذ بات الإنسان عاجزاً عن المشاركة الحقيقية في تمثيل أولوياته وتطلعاته في النظام الاجتماعي والسياسي والاقتصادي القائم، وغريباً عن الأهداف والسياسات والعلاقات التي يتم تشكيلها في ظل المؤسسات القائمة. وفي ظل الأزمة، أصبح الشعب السوري مجبراً على العيش ضمن حالة متفاقمة من الاغتراب والاستلاب، مع تعاظم الشرخ الاجتماعي، والسياسي، والاقتصادي بينه والمؤسسات العنفية. وما زالت غالبية الناس تعيش في حالة من الاغتراب عن قوى التسلّط التي تمكّنت من تطويع البعض في آلة الحرب والاضطهاد والترهيب، التي أدّت أصلا إلى هدر القيم الإنسانية للسوريين، وأرواحهم البشرية، وحياتهم. ورغم أن حالة الاغتراب والاستلاب استشرت بأشكالها المختلفة من إقصاء وخوف وخضوع ولامبالاة وفقدان الأمل، ما زال هناك أناس ومؤسسات يرفضون العنف وحالة الاغتراب ، ويكافحون سلمياً ضد قوى الإخضاع والتغريب، الداخلية منها والخارجية.

 

مدارس خارج الخدمة 

نالت البنية التحتية للقطاع التربوي التعليمي في سورية نصيباً كبيراً من التدمير والتخريب الذي طالها إذ تفيد آخر الأرقام أنه ومع نهاية الربع الثالث من العام 2014 كان ما نسبته 25% من المدارس في أنحاء سورية قد توقفت عن العمل في حين كانت أكثر من 600 مدرسة قد تحولت إلى مراكز إيواء وتعرضت أكثر من 4600 مدرسة للتدمير الكامل أو الجزئي. وأسفر تواصل النزاع عن تزايد في حالة عدم المساواة في الفرص إذ عانى الأطفال في مناطق النزاع من التقطّع والتوقف الذين أصابا العملية الدراسية. في حين أن من فروا من هذه المناطق نازحين داخلياً أو لاجئين غالباً ما حُرموا من الفرص والموارد الكافية، سواء في داخل البلاد أو خارجها ووسط حالة الحرمان يُجبر الكثير من الأطفال على العمل من أجل توفير الدعم لعائلاتهم التي خسرت ممتلكاتها وأصولها ومصادر دخلها

مشافي بلا أطباء 

شهدت مراكز الرعاية الصحية الأولية خراباً كبيراً نتيجة الأزمة حيث أن نصف المراكز التي كانت قائمة قبل الأزمة فقط لا تزال تعمل نهاية العام 2014 . وحسب الدراسة فإن غالبية المستشفيات نقصاً في الكادر الصحي مع وجود نقص حاد في أطباء الطوارئ. حيث أن الدراسة خلصت إلى أنه في محافظة إدلب أفادت كل المستشفيات التي لاتزال تعمل عن غياب أطباء الطوارئ بين صفوف موظفيها بينما قالت 8 مستشفيات من أصل 11 مستشفى في حلب، و4 من أصل 5 مستشفيات من أصل 11 مستشفى في حلب و4 من أصل 5 في دير الزور، و7 من أصل 8 في ريف دمشق ، و3 من أصل 4 في الحسكة بأنها تفتقر إلى أطباء الطوارئ ذوي الاختصاص المناسب علماً أن النقص في هذا الاختصاص من الأطباء على مناطق النزاع وإنما موجودة في المناطق الآمنة مثل العاصمة دمشق إذ أعلنت 10 من أصل 13 مستشفى عن افتقارها إلى أطباء الطوارئ. اللافت أيضاً وفق ذات الدراسة فإنه مع نهاية العام 2014 كان ما نسبته 6% من سكان سورية قد تعرضوا للقتل أو الإصابة أو التشوه بسبب الحرب الدائرة.

نسبة الفقراء 

خلال العام 2014 ازداد انتشار الفقر في جميع أنحاء البلاد نتيجة لعدد من العوامل أهمها ارتفاع أسعار السلع والخدمات وفقدان الوظائف والارتفاع الحاد في معدلات البطالة والازدياد الحاد في عدد النازحين الذين فقدوا ممتلكاتهم إضافة للانكماش الاقتصادي الكبير وتحرير أسعار الوقود وتخفيض دعم الأغذية الأساسية خلال النصف الثاني من العام 2014 وقد تفاقم هذا الوضع أيضاً جراء التأثير المباشر للعنف في العديد من أنحاء البلاد ومع نهاية العام 2014 كان 82.5% من السوريين يعيشون في حالة الفقر، مقابل 64% خلال العام 2013. وسجّل الفقر في محافظة الرقة التي يسيطر عليها تنظيم داعش أعلى مستوى له إذ بلغت نسبة السوريين الفقراء في محافظة الرقة نحو 89% مع نهاية العام

بالارقام 

89 % من أهالي الرقة فقراء وربع مدارس سورية خارج الخدمة

203 مليار دولار خسائر الاقتصاد السوري حتى نهاية العام الفائت

15% نسبة نتاقص عدد السكان عما كان عليه عام 2010

3.3 مليون اضطروا إلى اللجوء في دول أخرى

    1.5 مليون هاجروا بحثاً عن العمل والحياة الآمنة في أماكن أخرى.    

6.8 مليون اضطروا إلى النزوح داخلياً بعيداً عن بيوتهم

12 مليون خسروا مصدر دخلهم الأساسي

30% انحدروا إلى الفقر المدقع الذي يشير إلى عدم القدرة على تأمين الحد الأدنى من الغذاء الأساسي

25% من المدارس توقفت عن العمل

600 مرسة تحولت إلى مراكز إيواء

4600 مدرسة تعرضت للتدمير الكامل أو الجزئي.

 

سيرياديلي نيوز


التعليقات