القطاع الزراعي جذاب جداً لرجال الأعمال الروس.. ويجب تأسيس مجموعة اتصال مشتركة لحل جميع العقبات البيروقراطية

يبدو أن رجال الأعمال الروس يعلمون بدقة نقاط القوة والضعف والفرص الضائعة في اقتصادنا، وأخشى أن تكون خبرتهم في بيئتنا الاستثمارية أهم من المسؤولين ورجال الأعمال في بلدنا، نظراً لأن اهتمامهم الرئيسي موجه للقطاع الزراعي والاستثمار فيه وتحويله إلى رديف للقطاع الصناعي المتطور، لأنه يشكل أكثر ميزاتنا التنافسية أهمية، وأكثر القطاعات إهمالاً وظلماً.

وليس القطاع الزراعي فقط، بل الاتصالات والإنشاءات والنفط وتكنولوجيا المصارف تشكل نقاط جذب لرجال الأعمال الروس في سورية، لكن المشكلة في الإدارة والبيروقراطية، هذا ما عبر عنه صراحةً وفد رجال الأعمال الروس الذي يزور دمشق في إطار العمل لتوسيع التعاون الاقتصادي والتبادل التجاري، وحول ذلك كان لـ«الوطن» لقاء خاص مع رئيس الوفد أصلان بانيش بحضور رئيس الملحقية التجارية في سفارة روسيا الاتحادية أيغور ماتفييف، وفيما يلي نص الحوار:

• ما السبل المحددة للارتقاء بالعلاقات الاقتصادية والتجارية المتبادلة إلى مستوى العلاقات السياسية؟
من وجهة نظري أرى أن رفع مستوى العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين يجب أن يبدأ بتحسين العلاقات بين رجال الأعمال في سورية وروسيا، وهذا برأيي أهم سبل الارتقاء بالعلاقات الاقتصادية.
ثم يمكننا الحديث عن ضرورة حلّ جميع المسائل الإدارية والبيروقراطية المتعلقة بالوثائق والعقود والاتفاقيات وتنظيم الضبوط في المجال الاقتصادي والتجاري، والتي يجب أن تكون إجراءات شكلية تحلّ بأسرع وقت ممكن.
وفي الوقت الحالي من الممكن أن يحدث تطوير سريع للتعاون والتبادل التجاري في مجال الصناعات الغذائية والصناعات الخفيفة، وإقامة منشآت تجارية وصناعية مشتركة، وخاصة العمل في مجال تصنيع المواد الزراعية وتحويلها إلى صناعات غذائية متطورة، وإقامة أماكن للاستثمار المتبادل في البلدين.
وخلال الزيارة إلى دمشق واجتماعنا مع الفعاليات الاقتصادية في وزارة الاقتصاد طرحنا أسئلة معينة على مستوى أجهزة الحكومة السورية، وأخرى على مستوى رجال الأعمال والمؤسسات الأخرى، وكل هذا من شأنه إعطاء دفع لتطوير العلاقات الاقتصادية بين البلدين، ولا ننسى أن توقيع البروتوكول في 24 تشرين الأول بين البلدين يوفر صيغة مهمة لحل جميع المشاكل في التبادل التجاري والتعاون الاقتصادي، كما يعطي دفعاً للعلاقات المتبادلة بين رجال الأعمال في البلدين.
وهناك سر صغير لتطوير العمل بين رجال الأعمال الروس والسوريين، وهو العمل على مبدأ «النهر الكبير يبدأ بساقية صغيرة»، فمن التعاون في المشاريع الصغرى ينشأ تعاون على مستوى المشاريع الكبرى.

• ماذا عن الأفق الزمني المطلوب للارتقاء بالعلاقات الاقتصادية والتجارية المتبادلة؟
الآن نتكلم عما بدأنا العمل فيه على أرض الواقع، وهذا ما سيؤدي بنا إلى تطوير العلاقات، واليوم معنا في الوفد الذي يزور دمشق ممثلون عن شركات يمكنها أن تصنع وتورد آليات لتطوير الزراعة في سورية، ونحن مستعدون الآن من أجل توقيع عقد لتوريد الحمضيات من سورية إلى روسيا، واقترحنا خلال اللقاء في وزارة الاقتصاد مع مسؤولين ورجال أعمال سوريين بدء العمل بتأسيس مجموعة اتصال في أدييا (في جنوب روسيا) والتي يمكن أن يمتد نشاطها ليعم روسيا كلها، لحل جميع المشاكل الصغيرة التي تنشأ بشكل سريع، بحيث لا تبقى أية عراقيل في طريق التعاون الاقتصادي والتبادل التجاري بين البلدين.

• وهنا نسأل عن العقبات والعراقيل التي تعوق انسياب المواد بين البلدين وكيفية إزالتها؟
إحدى العقبات التي تقف في سبيل العلاقات المتبادلة هو الاختلاف في الوثائق اللازمة للتعاون الاقتصادي والتجاري من ضبوط وكشوف وجمارك وشهادات منشأ.. وغيرها من الوثائق المطلوبة، والتي يجب توحيدها بأسرع وقت ممكن، وحل جميع العقبات الإدارية والبيروقراطية بسرعة، وتوضيح الإجراءات والشروط المطلوبة للاستثمار والتبادل التجاري مثل قاعدة الضرائب وإمكانيات وإجراءات والوثائق المطلوبة للاستثمار في البلدين، وعند حل كل تلك الإشكاليات نحدث نقلة نوعية في العلاقات التجارية بين البلدين.
وهنا ألفت النظر إلى ضرورة إجراء تعارف لرجال الأعمال الروس والسوريين، وتمكين التواصل فيما بينهم وتطوير علاقاتهم، وهذا ما يمكن أن تقدمه مجموعة الاتصال التي تحدثنا عن ضرورة إنشائها.

• هل يتم العمل اليوم بجدية على حل تلك المشاكل؟
نعم، فقد أجرينا لقاء مع وزير الاقتصاد وطاولة مستديرة مع المسؤولين ورجال الأعمال في سورية، وكثير من اللقاءات قبل ذلك، وخاصة اجتماع سوتشي، الأمر الذي يعني أنه يتم بذل جهود كبيرة لتذليل العقبات التي تعترض طريق التعاون. كما أن السفارة الروسية في سورية اليوم تقوم بدور كبير جداً في هذا الإطار، والمستشار التجاري في السفارة الروسية إيغور ماتفييف يقوم بجهود كبيرة لفتح الطريق أمام رجال الأعمال في البلدين للتلاقي وعقد الاتفاقيات.
وهناك مسألة مهمة أحب لفت النظر إليها، فأنا شخصيا اشتريت الكثير من الأجهزة والمعدات من حلب في وقت سابق، وقد اندهشت فعلاً بجودتها، لذا أقول لو بدأنا بإنشاء مشاريع مشتركة ومناطق تجارية حرة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة يمكننا أن نفعل أشياء كثيرة لدعم الاقتصاد من هذه المشاريع.
وإذا عملت الحكومة السورية على تسهل أمور المشاريع الصغيرة والمتوسطة وإقامتها في مناطق حرة، فسوف يكون إنتاجها كبيراً وداعماً للاقتصاد، وهذا ما تقوم فيه روسيا اليوم، ويمكن أن يتم تبادل للمنتجات وتعاون حقيقي في تلك المشاريع، بحيث يستفيد الاقتصاد السوري والروسي بشكل مهم.

• ما القطاعات التي تجذب رجال الأعمال الروس في سورية؟
برأيي في الوقت الحالي المنتجات الزراعية والاستثمار في المجال الزراعي جذاب جداً، بالإضافة إلى قطاع البناء والإنشاءات، وتأهيل الاقتصاد الشعبي وإعادة الإعمار، والبنية التحتية لتوسيع المرافئ السورية، ولا ننسى الاتصالات، وتكنولوجيا القطاع المصرفي.
والنفط أيضاً جذاب دائماً، فهناك إمكانيات كبيرة وواسعة جداً في هذا المجال، وهناك مستثمرون نفطيون كثر في روسيا، وهناك اختصاصيون وآليات وتكنولوجية نفطية مهمة من أجل القيام بعمليات الاستكشاف والسبر والاستخراج والتصفية.

• ماذا عن العقبات في مجال التسهيلات الائتمانية لرجال الأعمال في البلدين، وأين أصبحت فكرة إنشاء بنك مشترك سوري- روسي؟
في المستقبل القريب سوف تحل الإشكاليات الائتمانية من خلال التعاون بين المصرف المركزي السورية والروسي، ولكن الخطوات الأولى يجب أن نقوم بها الآن، ومن بعد ذلك يمكن أن تزال العقبات كافة، وقد لا يكون هناك بنك مشترك، بل فروع لمصارف متبادلة في البلدين، إلا أن الأمر مرهون ببدء العمل في الموضوع كي يتحقق. وليس فقط مصارف، بل اقترحت على وزير الاقتصاد السوري إقامة معامل ومنشآت مشتركة، وليس بالضرورة أن تكون معامل كبيرة.

• كيف ترى مستقبل العلاقات الاقتصادية والتجارية بين سورية وروسيا بعد 5 سنوات؟
لقد بدأنا بالخطوات الأولى، فإذا حلت العقبات وتأسست مجموعة الاتصال فوراً فمن الممكن بعد 5 سنوات أن نجد أن الاقتصاد السوري قد تضاعف حجمه، وفي موضوع العمل في مجال الاتصالات والإعمار والمصانع المشتركة، يمكن الحديث عن 300 مشروع مشترك تعمل بشكل فعّال على تطوير العلاقات الاقتصادية وتوسيع التبادل التجاري. ويمكن أن نعتبر أن العلاقات التجارية والاقتصادية الآن طفل رضيع، يجب الاهتمام به ورعايته حتى يكبر ويشتد عوده، وهذا ما يمكن أن يحصل بسرعة إذا عملنا بسرعة وبجدية وبتوضيح لقاعدة الضرائب وإمكانيات وإجراءات والوثائق المطلوبة للاستثمار في البلدين، وعند حل هذه الإشكاليات نحدث نقلة نوعية في العلاقات التجارية بين البلدين.

سيريا ديلي نيوز - الوطن


التعليقات