أوضح الباحث الاقتصادي عمار يوسف، أن معدلات ارتفاع أسعار المواد الغذائية والخدمات تتراوح فيما بين خمسة أضعاف إلى ما يزيد على 12 ضعفا أثناء الأزمة، لافتا إلى أنه يوجد ثلاثة أسباب وراء ذلك.

 

ولفت، إلى أنه في السنة الأولى للأزمة لم يكن هنالك ارتفاع كبير، ويعزو معظم المراقبين ذلك إلى عدم ارتفاع أسعار العملة الصعبة وخاصة الدولار، وكذلك لشدة العقوبات على سورية، “ولكن ذلك بالمطلق غير صحيح فارتفاع الدولار ليس مبرراً لهذه الطفرة السعرية للمواد الأساسية”.

 

وعن الأسباب الحقيقية لارتفاع الأسعار اللامنطقي يقول يوسف: “يتحمل التجار القسم الأكبر من ارتفاع الأسعار وخاصة المستوردين منهم، عبر قيامهم ببداية الأزمة باحتكار العديد من المواد الأساسية وانتظروا ارتفاع الدولار، فكان كل ارتفاع للدولار بنسبة 10 % يقوم المستورد برفع أسعاره بنسبة 30% ما يؤدي إلى رفع أسعار تاجر الجملة وهو الحلقة الثانية في السلسلة برفع أسعار بضائعة 40%”.

 

وأضاف “كما يقوم تاجر المفرق برفع أسعاره بنسبة 60% وهو الثالث في السلسلة ما يرفع سعر السلعة للمواطن بنسبة: (30+40+60=130%)، مع لفت النظر اليوم أن سعر الدولار ارتفع ما يقارب 400%، والأخطر من ذلك أنه عند ارتفاع سعر الدولار 10% وعاد الدولار للانخفاض فإن التاجر لم يقم بخفض أسعاره، بل على العكس عندما يعاود الزيادة ولو بالنسبة السابقة يقوم التاجر برفع أسعاره مرة ثانية بما يتناسب مع الارتفاع الجديد ما أدى إلى متوالية ارتفاعية غير عكوسة”.

 

واعتبر يوسف أن السبب الثاني في هذا الارتفاع هو “وزارة التموين”، حيث إنها ومن بداية الأزمة وقفت موقف التفرج على الانتهاكات الصارخة وغير المسبوقة لجداول الأسعار، ولم تقم بأي دور في السيطرة على الأسواق وذلك لعدم رغبة الحكومة في إثارة التجار خاصة في بداية الأزمة وضعف وزارة التموين من خلال عدم قدرتها على التدخل لعدم وجود آليات واضحة قانونية.

 

ولفت إلى أن العقوبات تقتصر على الغرامات في ظل تعطيل لقانون حماية المستهلك الجديد الذي مازال في أدراج الحكومة دون أي سبب منطقي، إضافة لتخلي الحكومة عن دورها المنافس فيما يخص بعض السلع الاستراتيجية التي تمس معيشة المواطن، بحيث تركت التجار يتحكمون بها بشكل كامل ما انعكس على المواطن سلبا.

 

والسبب الثالث للارتفاع هو الحرب في سورية على مختلف الصعد وخاصة على الصعيد الاقتصادي، “فنحن والعقوبات هذه لا نستطيع أن نقوم بالاستيراد المباشر أو تحويل العملة الصعبة مباشرة، الأمر الذي يضيف هامش ارتفاع سعري للمادة نتيجة دورة التحويلات المصرفية وحتى دورة وصول المواد إلى سورية وهو ليس بالأمر المهم جداً كما أسلفنا”.

 

ولفت يوسف إلى أن ارتفاع الدولار وصل إلى نسبة 400%، ونسبة ارتفاع الأسعار وصل في حده الأدنى إلى 500% وحده الأعلى 1200%، وإن نسبة ارتفاع دخل المواطن قد ارتفع منذ بداية الأزمة بنسبة 30%، ولو قمنا باتخاذ معيار سعري للمواد سابقة الذكر ضمن الأسعار الجديدة مقارنة بعام 2010.

 

وأضاف “لنأخذ مثلاً مؤشراً سعرياً سلعياً كصحن البيض على سبيل المثال ففي بداية 2011 كان سعر صحن البيض 90 ليرة سورية وسطياً، ما يؤدي إلى أن راتب الموظف البالغ وسطياً 15000 ليرة سورية، يمكن شراء 166 صحن بيض بالمقابل وفي 2014 بلغ سعر صحن البيض 700 ليرة سورية، وبمعادلة بسيطة 166×700= 116200 هذا أحد المؤشرات البسيطة والتي يمكن أن نعرف “من خلالها مدى فداحة الأزمة.

 

وقال يوسف: “الواجب أن يكون دخل المواطن قد ارتفع أربعة أضعاف على الأقل ليتمكن من تامين حاجياته المعيشية، ولو تمت دراسة ما تحتاجه العائلة المكونة من 5 أفراد من طعام متوسط فقط نحتاج لمبلغ وسطي قدره 50 ألف ليرة سورية بدل طعام فقط وهو ليس بالطعام الفاخر، ناهيك عما تحتاجه من مسكن وطبيب وحليب في حال وجود طفل، ومسكن في حال استئجار ذلك المسكن والذي وصلت الإيجارات فيه إلى حد غير مسبوق يصل إلى 50 ألف ليرة شهريا، مما يجعل العائلة تحتاج بشكل وسطي إلى ما يزيد على 125 ألف ليرة سورية لتأمين الحد الأدنى من المعيشة”.

 

وختم يوسف: “خلال الأيام الأخيرة وخاصة منذ ارتفاع أسعار الوقود حصلت هزة سعرية ارتفاعية لكل المواد وخاصة المواد الغذائية، إضافة للأسباب الثلاثة الأخرى باعتبار أن كل المواد متعلقة بالوقود، ولكن لم يكن الارتفاع بنسبة ارتفاع سعر الوقود بل كان مضاعفا لنسبة الارتفاع بثلاث أو أربع مرات”.

 

و قال الخبير الاقتصادي عابد فضلية: “إن ارتفاع الأسعار حالياً هو نتيجة طبيعية بنسبة 60% لاستمرار ظروف الأزمة، ولاسيما مع تأثير قرار ارتفاع أسعار المحروقات، ولو أنه جيد بالنسبة للخزينة العامة للدولة ويقلل من حجم الأعباء الموجودة إلا أن تأثيره كبير على صعيد ارتفاع الأسعار، إضافة لعوامل تساهم في ارتفاع الأسعار على صعيد المضاربات في السوق والاحتكار والشائعات التي تؤدي لخلق فلسفة الغلاء بسلسلة ارتفاعات وهي نتيجة للوضع الراهن”.

 

وأشار فضلية إلى أن مختلف السلع متوفرة في الأسواق، ولكن هناك ضرورة للمزيد من ضبطه من قبل وزارة التموين، معتبراً أن القدرة على لجم ارتفاعات الأسعار محدودة ولاسيما في ظل عدم امتلاك المعروض في الأسواق، ذاكراً في سياقه أن قانون حماية المستهلك الجديد جيد ولكن لن يقدم أو يؤخر ويضيف شيئاً كبيراً عن الإجراءات الرقابية والحكومية القائمة حالياً في ضبط الأسواق.

من جهته بين رئيس جمعية حماية المستهلك عدنان دخاخني، أن أسعار المواد الأساسية وصل ارتفاعها لـ400% وهناك ارتفاع يقدر بـ10 أضعاف للمواد الكهربائية وقطع التبديل وارتفاع مادة المازوت وصل أيضاً لـ10 أضعاف ما يتطلب وجود إجراءات فاعلة في ضبط الأسعار.

 

وقال دخاخني: “إن المواطن لم يلمس حتى تاريخه أي تدخل فعلي من وزارة التموين على صعيد انخفاض الأسعار”، معتبراً أن دورها هو رقابي والسوق هو من يتحكم بالأسعار.

سيريا ديلي نيوز - صحف


التعليقات