تكبد المجتمع السوري خلال سنوات الأزمة خسائر فادحة طالت جميع مناحي الحياة ما اضطر عدداً كبيراً من المواطنين إلى ترك منازلهم واللجوء إلى أماكن أخرى كما طالت هذه الاعتداءات الخدمات الأساسية للدولة بما فيها المؤسسات الصحية و التعليمية ومصادر الطاقة الكهربائية والمياه وخطوط النقل والاتصالات والبنى التحتية والفعاليات الاقتصادية العامة والخاصة وأعداد كبيرة جداً من الأبنية السكنية كما تجلت اجتماعيا بخسائر بشرية فادحة بين وفيات وجرحى ومعوقين فضلا عن مشكلات البطالة والانعكاسات السلبية للضائقة الاقتصادية التي خلفتها الأزمة ما زاد العبء على الحكومة وانعكس ذلك على بيانها المالي.

مؤسسات الدولة بخير
وعن تقييمه للبيان المالي للحكومة قال  رئيس لجنة الموازنة والحسابات في مجلس الشعب حسين حسون: إن تقديم الحكومة بيانها المالي ضمن المهلة الدستورية يمثل رسالة واضحة للأعداء على أن الاقتصاد السوري ومؤسسات الدولة بخير مهما طالتهما يد التخريب والإجرام مبيناً أن «الموازنة قد تكون دون مستوى طموح ورغبات الشعب وآمانيه» لكنها «كافية وملائمة وتغطي جميع الجوانب الاقتصادية والاجتماعية» المخطط لها.
وعدّ حسون أن المشكلة لا تكمن في بنود الموازنة وأرقامها وحجم المبالغ المرصدة لها وإنما في «التطبيق والمتابعة والإنجاز على أرض الواقع وتحمل المسؤولية الوطنية والاجتماعية والاقتصادية وثقة الشعب السوري بها» داعياً إلى تنسيق جهود الحكومة ومجلس الشعب لترجمة آماله إلى واقع ملموس انطلاقاً من تنفيذ مضمون الموازنة من خطط ومشاريع وبرامج وسياسات وأن يكون الهدف الأساس هو تأمين حاجات المواطنين.
توجيه الدعم لمستحقيه
وطالب حسون بضرورة البحث عن أسلوب جديد لتوجيه الدعم لمستحقيه بحيث يطول الطبقات الأكثر فقراً في المجتمع ويحقق العدالة الاجتماعية والعمل على إعادة النظر بالتركيبة الهيكلية لمؤسسات وشركات القطاع العام ودعمها وتطويرها وخصوصاً الشركات التي تقوم بتوريد الفوائض الاقتصادية وترفد خزينة الدولة بالسيولة اللازمة وإعادة النظر بالسياسات الضريبية المعمول بها والشروع بإعداد نظام ضريبي عصري جديد يحقق العدالة الاجتماعية والضريبية ويمنع حالات التهرب الضريبي ويمد جسور الثقة بين المواطن والدولة ويؤمن مورداً حقيقياً للخزينة من خلال إيجاد مطارح ضريبية جديدة.
«ولفت حسون إلى جملة من الاعتبارات والأسباب التي أدت إلى ارتفاع نسبة العجز في موازنة عام 2015 مثل الضعف إجراءات التحصيل الضريبي وعدم وجود نية جادة في مكافحة التهرب الضريبي ومحاربة الفساد الإداري وعدم معالجة أوضاع المؤسسات والشركات الاقتصادية الخاسرة أو المخسرة أو المتوقفة عن العمل وعدم ضبط وترشيد الإنفاق العام وخاصة الإداري غير المنتج».
الدعم الاجتماعي
خلال مناقشة الموازنة العامة للدولة في المجلس مع لجنة الموازنة والحسابات  بينت الحكومة أنها أخذت في الحسبان  موضوع الدعم الاجتماعي حيث تم تخصيص حوالي 5ر983 مليار ليرة سورية بزيادة مقدارها 5ر368 مليار ليرة سورية على الاعتمادات المخصصة لهذا الدعم عن موازنة العام الجاري كما رصد مشروع الموازنة 50 مليار ليرة للإعمار وإعادة التأهيل للمنشآت العامة والتعويض عن الأضرار التي لحقت بالمنشآت الخاصة نتيجة للأوضاع الراهنة على أن توضع هذه المبالغ تحت تصرف اللجنة المشكلة لهذا الغرض برئاسة نائب رئيس مجلس الوزراء لشؤون الخدمات
وعن رأي المجلس بمدى التزام الحكومة بالدعم الاجتماعي قال نائب رئيس المجلس فهمي حسن: البيان الوزاري هو «عنوان لرسم سياسات المرحلة القادمة وليس إجراءات تنفيذية مرتبطة بالزمن أو الأرقام» كما أن صياغته تمت وفقاً للظروف والتحديات الصعبة التي تمر بها سورية انطلاقاً من أرض الواقع وأشار حسن إلى أن الحكومة تسعى جاهدة إلى تحقيق «التوازن بين الموارد والإنفاق وهي معادلة ليست سهلة في ظل ما أفرزته الحرب الإرهابية التي طالت معظم القطاعات وفي مقدمتها قطاع النفط الذي كان يوفر مورداً جيداً للموازنة العامة للدولة».
وأوضح حسن: أن الأعباء اليومية في جميع القطاعات الخدمية فرضت على الحكومة زيادة الموازنة العامة للدولة ولاسيما الجارية منها والمتعلقة بكتلتي الرواتب والدعم الاجتماعي بالرغم مما قامت  به من خطوات لعقلنة هذا الدعم والاستمرار به في ظل شح الموارد وزيادة متطلبات واستحقاقات صمود الدولة والشعب والجيش العربي السوري ولفت الحسن إلى أن الحكومة تعمل حالياً على المستوى الإسعافي من أجل تحقيق حياة كريمة لجميع المواطنين وبما لا يشكل عبئاًً على الدولة من دون أن يشغلها الوضع الذي تعيشه البلاد عن التخطيط لمرحلة التعافي وإعادة الإعمار آخذة في الحسبان الأولويات الطارئة.
مناقشات 2015
ومؤخراً ناقشت لجنة الموازنة والحسابات في مجلس الشعب الموازنات المخصصة لعدد من الوزارات  لعام 2015 وأبواب انفاقها على خططها ومشاريعها الاستثمارية ونسب التنفيذ في خطتها للعام الجاري وكان لتشرين وقفة مع مداخلات أعضاء المجلس والوزراء للوقوف على أبرز التحديات والمهام المطلوبة خلال العام 2015 على ضوء هذه المناقشات
مؤشرات اقتصادية
فيما يتعلق بالمؤشرات الاقتصادية لعام  2015 قال عضو مجلس الشعب أكرم العجلاني: أكدت الحكومة من خلال بيانها المالي أمام مجلس الشعب على العديد من المؤشرات الأخيرة التي تدل على بدء استعادة التعافي في الاقتصاد الوطني وبدء دوران عجلة الإنتاج في العديد من الأنشطة الاقتصادية والتجارية والصناعية رغم الخسائر الفادحة التي تكبدها الاقتصاد الوطني والمجتمع السوري خلال سنوات الأزمة موضحاً أن البيان المالي لحظ الإجراءات المالية المعتمدة لاستمرارية تعزيز صمود ومنعة الاقتصاد بكل مكوناته بهدف تعزيز المستوى المعيشي للمواطن الذي يعد هدف التنمية ومنطلقها حيث «ستسعى الحكومة جاهدة لتحسين قدراته الاقتصادية وتقديم أفضل الخدمات له وتسهيل الإجراءات أمامه والتخفيف من آثار الحرب الكونية عليه».
ولفت العجلاني خلال دراسة البيان المالي إلى أن الحكومة شددت على أهمية تعزيز الكفاءة الضريبية وإيجاد مطارح ضريبية جديدة لدعم الخزينة العامة للدولة وتحقيق العدالة الضريبية وكذلك تحقيق العدالة الاجتماعية في التنمية وترشيد الإنفاق الحكومي ودعم مؤسسات التدخل الإيجابي الحكومي حيث من المقرر  تشكيل لجنة مختصة بدراسة النظام الضريبي بما يحقق اعتبارات العدالة الاجتماعية.
دراسة الحاجات الفعلية
وعن مدى استجابة البيان المالي لمتطلبات العمل في الوزارات والهيئات المختلفة قال عضو مجلس الشعب شعبان الحسن: إن إعداد مشروع موازنة عام 2015 تم في ضوء دراسة الحاجات الفعلية للجهات العامة لضمان حسن سير العمل فيها في ظل التطورات والظروف التي تمر بها سورية ومنعكساتها على الاقتصاد الوطني مع التأكيد على ضبط الإنفاق العام غير المنتج ورصد الاعتمادات اللازمة لتوفير فرص عمل جديدة ودعم المواد الأساسية للتخفيف من آثار الأزمة على مستوى معيشة المواطنين وكذلك رصد اعتمادات للإعمار وإعادة التأهيل لما خربه الإرهابيون من ممتلكات القطاع الخاص السكنية والإنتاجية وبعض ممتلكات القطاع العام التي طالتها أعمال التخريب وفق أولويتها.
تلافي الآثار السلبية
وأوضح عضو المجلس شعبان الحسن أن  الآثار السلبية التي أفرزتها الأزمة ألقت بظلالها على الموازنة العامة للدولة من خلال زيادة عجز الموازنة” نتيجة اضطرار الحكومة إلى زيادة حجم الإنفاق العام لتعزيز مقومات الصمود الوطني والاستقرار الأمني ودعم الاقتصاد الوطني  مقابل انخفاض مصادر التمويل الداخلية والخارجية نتيجة تقلص المطارح الضريبية وتراجع الإيرادات الأخرى للخزينة العامة وأهمها الإيرادات النفطية والسياحية.
وقال شعبان : لقد ناقشت لجنة الموازنة  جملة من السياسات المقترحة للإصلاح المالي تتضمن زيادة فاعلية وكفاءة الانفاق العام بشقيه الجاري والاستثماري والتركيز على تأمين الحاجات الأساسية للمواطنين وتوفير تمويل المتطلبات الغذائية والدوائية والمشتقات النفطية ومستلزمات مواجهة الإرهاب والاستمرار بتطوير قاعدة المعلومات الخاصة بمكلفي الضرائب والرسوم لتشمل الفعاليات كل المنشآت الاقتصادية والاستمرار بمكافحة التهرب الضريبي ضمن الإمكانات المتاحة.
كما تتضمن تلك الإجراءات  تطوير وخلق مصادر موارد جديدة للموازنة العامة وتطوير برامج تنموية تستهدف ذوي الشهداء لتمكينهم من تلبية حاجاتهم ومتطلباتهم الاقتصادية والاجتماعية إضافة إلى إنجاز التراكم الضريبي لدى الدوائر المالية وحث القطاع الاقتصادي على إنجاز التراكم المحاسبي لبياناته المالية بغية تحديد الفوائض الاقتصادية المتحققة فعلا وتحصيلها ومعالجة القروض المتعثرة وإعطاء أولوية في إعادة جدولة القروض للقطاعات الإنتاجية وإنجاز التشابكات المالية المتراكمة بين مؤسسات وشركات القطاع الاقتصادي.

سيريا ديلي نيوز- تشرين


التعليقات