مبادئ، قيم، مواقف ثابتة ، اسس متينة، أهداف محددة برؤية مستقبلية مبنية على أصول تربوية للحملة مفاتيحها لايملكها سوى صاحبها..، قد لا تجدها عند احد لانها قد تختلف من شخص لاخر تبعاً للبيئة الذي نشأ بها...

نحن لا نتكلم عن جنسيات متنوعة...فقط السوري الذي يملك هذه المفاتيح ولايسلمها بسهولة لغريب حتى لو كلفه ذلك حياته.... لا للتعميم ولكن التاريخ سيسجل ما يفعله هذا السوري الشريف والضريبة دائماً كبيرة لأنه أسقط من قاموسه الغدر والخيانة...

فلا تحاولون العبث بخيارته ولا تلعبون بقيمه وعقيدته.

 

كل هذا واكثر تتابعونه من خلال الجزء 29 من سلسلة / في حضن الشيطان / .مع كاتبنا القدير يعقوب مراد وحصرياً على سيريا ديلي نيوز/ .. الناشر. 

 

 في حضن الشيطان ـ 29

قالت: الشاهد الثاني والأهم سيحسم النهاية وهذه المرة ليست لصالحك للأسف.. ثم وقفت ونادت أدخلوا الشاهد الذي سيضع حداً للنهاية.. والتفت باتجاه الباب ورأيته يقف أمام الباب.. تأملته وأنا لا أصدق ماأراه، ويبدو أنّ الصدمة كانت أقوى من أن أستوعب حقيقة ماأرى فأُغميّ عليّ.. ثمّة أحداث نعيشها؛ نلمسها؛ نراها؛ ورغم ذلك نكاد لانُصدّقها، وهذا ماحصل معي حين وجدت نفسي وجهاً لوجه مع مسيو جان بول..

جان بول صديقي الّذي لم أره منذ صيف 2009.. هاأنا الآن أراه أمامي !!! أكاد لا أصدق أبداً!! هاأنا أرى جان بول الذي اختفى في أدغال أفريقيا؛ وقيل أنّ قبيلة أفريقية قد خطفته وقتلته.. ـ جان بول حيٌّ يُرْزق أكاد لاأصدق!؟

 حين استعدت الوعي وجدت المحققين الثلاثة يتحدثون مع المسيو جان بول.. الذي هرع ليحضنني ويقبلني ويجلسني على الكرسي وهو يعتذر عن صدمة المفاجأة الصاعقة التي لم يتمنَ أن تكون بهذا الشكل..

أين كنت!؟ ولماذا قيل أنك... وماتت الكلمات في فمي؛ وأنا أرى ابتسامته ولا أصدق..

قال: سنتحدّث بكل هذا فيما بعد..

 قاطعته: هل زوجتك تعرفُ بأنّك على قيد الحياة!؟

قال وهو يهز رأسه بالإيجاب: نعم.. حاولت الاستفهام ولكنّ فيفي تدخلت بالكلام مُقاطعةً:ـ أتمنى أن ندعَ الأسئلة الخاصّة جانباً الآن؛ ونُنهي حديثنا الأهم..

التفتت إليّ وتابعت تقول: السيد جان بول أكّد كلام إليزابيت وهذا يعني أنّهم اعترفوا بكلّ شيء بينما أنت مازلت تُنكر كلّ شيء..

مرة ثانية تأملت جان بول وأكاد لاأصدق.. إليزابيت التي تبنيتها كإبنتي غدرت بي؛ وهاهو صديقي جان بول يغدر بي.. كنت أنظر إلى صديقي جان بول الذي وضع رأسه بين يديه وكأنّه يتحاشى أن تلتقي عيناه بعيني، وثمّة سؤال كان يتردد بقوة في رأسي:ـ هل سيضع أعزّ الأصدقاء حبلَ المشنقة حول عنقي!؟

عادت فيفي تقول: يجب أن ننهي هذا التحقيق، وسنُقدم لك فرصةً أخيرةً للإجابة الآن وللمرة الأخيرة:ـ ماهي علاقتك بتنظيم الهاربون؟؟وماهي أسماؤهم؟ وماذا أخبروك؟

رفع مسيو جان بول رأسه وقال لي:ـ نصيحتي الأخيرة لك ياصديقي لاتفكر بنا؛ بل فكر بنفسك.. قل الحقيقة وكل ماعندك واخرُجْ من هنا فعائلتك بانتظارك...

 مابين أسئلة فيفي ونصيحة جان بول والسؤال الذي يطنُّ في رأسي حول الخيانة والغدر من أقرب الناس؛ ومشهد حبل المشنقة يلتفُ حول عُنقي.. تذكرت سورية.. ووجدت تشابهاً كبيراً مابين ظروفي الآن وظروف سورية، بلدي الّذي فتح ذراعيه للغريب والقريب؛ واستقبلت الفلسطيني واللبناني والعراقي وطلّاب العلم من كل العالم العربي والأفريقي، سورية التي رفعَتْ شعار / أُمّةٌ عربيةٌ واحدة.. ذاتُ رسالة خالدة../ سورية الّتي زرعت المحبةَ ولم تحصُدْ إلّا الغَدْرَ والخيانةَ، وهاأنا الآن أحصدُ الخيانةَ والغدرَ بعد كلّ الذي زرعتهُ من محبة في طريق إليزابيت؛ وبعد كلّ الذي قدمتهُ لمسيو جان بول؛ هاهو بعد أن غدر بي يطلبُ منّي أن أعترف، وهذا يعني أن أنكُثَ اليمين الذي أقسمته لفريدريك بحضور مجلس إدارة الهاربون بأن أحفظَ سرّهم مهما كان الثمن..

تضاربت الصور في رأسي.. صورة سورية وهي تُصرّ على استضافة حماس والمطالبة بالجولان، واعتبار القضية الفلسطينية هي قضية العرب الأولى؛ والصهيونية هي العدو الأول.. وصورة خيانة قادة حماس وانضمامها للحلف الذي يضرب سورية بالعُمق... صور كثيرة مابين المواقف والمبادئ ومابين الخيانة والغدر ونشر الفوضى الخلّاقة والسؤال الآن: ماذا أفعل؟؟

هل أنجو بنفسي وليغرق المركب بما فيه؟ أم أحافظ على المبادئ التي تعلمتها وعشتها طيلة حياتي والتي شكّلت بمُجملها إسمي الذي أفتخر وأعتز به.. باختصار هل أكون سورية أم حماس!؟

وأزعجني أن يكون تفكيري قد وضعني في موقف يشابه موقف الخائن الأناني الذي لايفكر إلّا بنفسه.. ولكن يجب أن أنجو من هذه الورطة.. وتذكرت الجندي السوري الذي يتصدّى لحرب كونيه وتساءلت: ماذا كان سيحلّ بالوطن لو فكر الجندي بنفسه وهرب؟؟

هاأنا الآن أمام خيارين لاثالث لهما: الموت أو الحياة..

وعدْتُ أُعيد ترتيبَ الأحداث من البداية؛ إليزابيت ومسيو جان بول.. إليزابيت.. هل يمكن أن تغدرَ بي!؟

والجواب المنطقي لا..

إليزابيت التي شاركت في قافلة الحرية وتعرّضت لإصابة من قبل الهجوم الإسرائيلي؛ وتمّ القبض عليها؛ وتعذّبت؛ ولم تعترف بكلمة!! فهل يُعقل أن تعترفَ الآن ضدي!؟

إليزابيت التي تحدّت الإحتلال وذهبت إلى غزّة؛ ووقفت مع الشعب الفلسطيني وتحدّت الحظر والتصوير في معبر رفح وصوّرت صوراً مذهلةً شكّلت صدمة للرأي العام السويدي؛ وقُبضَ عليها من قبَل الجيش المصري وتمّ ترحيلها من مصر ولم تعترف بكلمة واحدة ضدي.. فهل يُعقل الآن أن تغدرَ بي!! لا..

لايمكن ولا أصدق أن تعترف بأيّ شيء أبداً..

 ومسيو جان بول هو بالأصل لايعرفُ شيئاً عن لقائي مع الهاربون! فبماذا يُمكن أن يتكلم ليغدُرَ بي!؟

هكذا وضعتُ الأمورَ في نصابها المنقطي، وشعرتُ بالسعادة والرضا لترتيب الأحداث بشكل عقلاني؛ بشكل أرضى غروري بالنجاة من هذا الفخ الّذي نُصبَ لي بعناية كبيرة، ولكن يبقى احتمال واحد ألا وهو ماذا لو كذب أحدهما لينجو بنفسه!؟

مسيو جان بول مثلاً.. فأنا لم أره منذ أربع سنوات، وربما تكون قد تغيّرت طريقة تفكيره وأسلوب حياته، ويكون قد لفّق لي أيّ تهمة لأقع في الفخ وينجو بنفسه!؟

 وأرعبني هذا الاستنتاج...

وللحديث تتمة............

 

تنويه: في حضن الشيطان ./ بحث وتحقيق وأحداث حقيقية تمت كتابتها في صيف 2013

 

ـــــــــــ . يعقوب مراد . ـــــــــــــ

 

يمكنكم قراءة سلسلة "في حضن الشيطان" من البداية على الرابط التالي: يعقوبيات مغترب

سيريا ديلي نيوز


التعليقات