خاص - سيريا ديلي نيوز

 

تتمرد ولا تريد البوح بأسرار قد تكلفك حياتك ...وهذا بحد ذاته سر ثقتك بنفسك وأن ماتخفيه لك أنت فقط وليس لغيرك.....الى متى سوف تبقى متماسك والضغوطات كثيرة وتكاليفها باهظة....ثقة ,تماسك ,عزة نفس , جبروت ,.....هذه أسلحة فتاكة لشخص يعرف ماذا يريد........

كل هذا وأكثر تتابعونه من خلال الجزء 28 من سلسلة حضن الشيطان للكاتب القدير يعقوب مراد وخاصة على سيريا ديلي نيوز / الناشر     

 

 في حضن الشيطان / 28

 وبعدها بأربع سنوات استقال جان بول من إدارة البنك، ليعمل في البنك الدولي في بروكسل، وكانت طبيعة عمله تتطلب السفر كثيراً إلى بلاد مختلفة.. وقد كان آخر لقاء لنا صيف 2009/.. بعدها بعدة أشهر فُقد الإتصال به في أفريقيا؛ وقيل أنّ قبيلة إفريقية قتلته، لكنّ زوجته كانت تُصرّ دائما بأنّه مفقود وسيعود يوماً.. لهذا كانت تسافر كثيراً بحثاً عنه، ولكن مع مرور الوقت بدأت تقتنع بأنه ليس على قيد الحياة، وأنا خسرتُ صديقاً رائعاً سأظلّ أذكره دائماً بكلّ الحب.

أنهيت حديثي وأنا أمسح ماتبقى من دموع في عينيّ؛ وقلت وأنا أتأمل وجوه المحققين الثلاثة: ـ هذه هي حكايتي مع جان بول وعائلته، وكنت أعتبرها حكاية شخصية جداً، ولم أكن أتوقع في يوم بأنني سأرويها لأيّ إنسان أياً كان..

 قالت فيفي: ثمّة أشياء كثيرة في حياتنا نعتقد بأنها شخصية، وملك لنا فقط، ولكن نكتشف بأن حياتنا جزء لايتجزأ من حياة الآخرين، وقد تكون متممة ومكملة لبعضنا البعض تماماً مثل لوحة قطع التركيب الصغيرة التي اذا فقدت قطعة منها ضاعت معالم اللوحة كلها..

 قلت: هذا صحيح، ولكن الإنسان ليس مضطراً أن يبوح بأسرار الآخرين للغرباء..

ضحكت فيفي وقالت: إن كنت تقصدنا نحن بالغرباء، أحب أن أقول لك نحن جزء من اللوحة التي وضَعْت نفسك فيها، وبرغبتك ومن تلقاء نفسك ياعزيزي..

 قلت مصححاً: أنا لم أضع نفسي في هذا المكان برغبتي، بل رُغماً عني وأنت تعرفين ذلك..

 تدخل الكسندر بالحديث وقال: نحن استمعنا إلى حكايتك مع مسيو جان بول؛ وتعاطفنا معك ومعه؛ ولكن ثمّة سؤال لابد منه: هل مارويته هو الحقيقة أم أن هناك ماتخفيه حتى الآن !؟

نظرت إليه نظرة حادة اخترقت وجهه؛ وقلت : ـ رويت باختصار كل ماحدث بشكل عام، وليس لديّ ماأخفيه إلا... وتوقفت عن الكلام وأنا أنقل نظراتي في عيونهم التي بدت متلهفة لسماع ماسأقوله .. وبسخرية تابعت قائلاً: إلا .. أحلامي التي كنت أراها أثناء نومي..

ضحكت فيفي وقالت: رغم كل شيء مازلت تملك روح الدعابة..

فعاد الكسندر يسألني: ـ هل تحقّقت من موت جان بول!؟

 فوجئت بالسؤال؛ وباستغراب شديد قلت: كيف يمكن لي أن أتحقق من موت صديق.. قلت لك كل ماأعرفه عن طريقة اختفائه وماأعرفه أنه لم يُعثر على جثته حتى الآن..

قال: ماذا لو كان كلامك كله كذب؟؟

قلت: كيف يمكن أن أكذب وأنا مخطوف وحياتي مهددة، ولا ينقذها إلا صدق أجوبتي التي ستقرر مصيري..

قال: لأنك سبق وراوغت الحقيقة حين سألتك عن الهاربون!؟

وبصعوبة حبستُ أنفاسي؛ ورسمت على وجهي علامات استفهام مُصطنعة؛ وقلت بشيء من التعجب: ـ راوغت!! أنا لم أراوغ بشيء بل قلت كل ماأعرفه..

قال وهو يهزّ برأسه: لا.. لم تقل كل ماتعرفه بل راوغت وهربت من الإجابة عن تنظيم الهاربون بالحديث عن الهاربون من سوريا إلى تركيا والأردن ولبنان والآن نريد أن ننهي كلّ شيء مقابل أن تقول لنا حقيقة علاقتك بتنظيم الهاربون.

قلت: أنا قلت كل ماأعرفه، ولا أعرف عمّا تتحدث ولاتربطني أي علاقة بتنظيم الهاربون لامن بعيد ولا من قريب..

قال: يبدو إنك نسيت بأننا زرعنا في جسدك جهاز كشف الكذب..

قلت: لا.. لم أنس وسيان إن كان موجودٌ أم لا.. الحقيقة عندي لاتتجزأ أبداً..

قال بغضب: أنت تراوغ بخبث وتكذب؛ وتذكّر أنّ حياتك في كفة والحقيقة في كفة ثانية..

قلت له: هاأنت قلتها.. حياتي في الرهان فلماذا سأكذب!؟

قال: لأن هناك من قال غير ذلك، وأكد بأنك جئت إلى اليونان لتبحث عن الحقيقة وأن البروفسور فريدريك قدّمك لنادي الهاربون وشرحوا لك حقيقة مايحدث في العالم وخاصة في سوريا..

قلت: لو كان كلامك صحيح وأني حصلت على الحقيقة كاملة فلماذا لم أغادر إلى بيتي !؟ لماذا بقيت هنا في جزيرة رودس أستمتع بإجازتي..

 اقترب ماركوس مني وأشار إلى جهاز الكمبيوتر الذي بين يديه وقال: أنظر.. ورأيت إليزابيت تجلس بين ماركوس وفيفي والكسندر وابراهام في غرفة مشابهة للغرفة التي نحن فيها..

وقال: ـ سأوفر عليك الطريق وأقول: صديقتك إليزابيت ضيفتنا أيضاً وسبق وحققنا معها واعترفَتْ بكلّ شيء.. لذلك لامجال للمراوغة وسنعطيك فرصة جديدة لتقول الحقيقة.

 ورغم إحساسي بالمرارة لرؤية إليزابيت رهينةً أيضاً، ورغم الإحباط والحزن الذي شعرت به إلّا إنني أصريت على إجابتي ـ قلت لكم كل ماأعرفه..

 قال: ولكن إليزابيت قالت.. وقاطعته: لاعلاقة لي بما قالته اليزابيت؛ فما قالته يخصها هي وحدها ولا يخصني أنا؛ وبالتالي هي مسؤولة عن كلامها..

 تدخلت فيفي بالحديث قائلة: نحن نريد مساعدتك للخروج من هنا؛ وكنّا نصدقك ونصدق كل ماتقوله ولكن حين تتضارب أقوالك مع أقوال أقرب الناس إليك إليزابيت التي اعترفت بعلاقتك مع الهاربون وأنك جئت إلى هنا للقاء البروفسور فريدريك لمعرفة الحقيقة وقد عرفتها منه ومن مجموعة من الهاربون الذين يملكون أسرار علاقة البنك الدولي بالتنظيمات المسلحة في عدة دول بالإضافة إلى اعترافك بأنك ساعدتها بدراسة اللغة العربية وأنك بعثتها إلى دمشق والتقت أصدقاء لك قدموا لها المساعدة فلماذا يجب أن نصدقك ولا نصدقها!؟

قلت: أنا قلت الحقيقة؛ ولست مسؤولاً عن كلام إليزابيت أو غيرها..

قالت: هل تنكر كلامها!؟

قلت: أنا لم أسمع كلامها وإنما أنكر ماتقولونه عن لسانها..

قال الكسندر: وماالفرق!؟

 قلت: بالنسبة لي الفرق كبير.. أنا أعرف إليزابيت كما أعرف نفسي لذلك أستغرب أن تعترف بشيء لم يحدث..

قال: هل هذا كلامك النهائي!؟

قلت: نعم هذا كلامي النهائي..

قال: حتى لو عرفت بأن لدينا شخصاً آخر يؤكد كلام إليزابيت!؟

قلت: حتى لو كان لديكم ألف شخص فأنا أعرف نفسي ومتأكد مما أقول..

قال: ولو قدمنا لك الإثبات بالدليل القاطع؟

 قلت: مستحيل.. لأنه ليس هناك دليلاً قاطعاً على شيء أنا لاأعرفه..

 تدخلت فيفي بالحديث قائلة: أريد أن أذكرك هذه فرصتك الأخيرة و .. وقاطعتها قائلاً: والرهان حياتي أعرف ذلك..

قالت: هذا يعني أننا وصلنا نهاية الطريق..

قلت: سأقول لكم وأنا على ثقة تامة عندما نصل إلى نهاية الطريق يجب أن يكون كل شيء جيداً وكما نريد نحن؛ وإذا لم تكن النهاية جيدة وكما نريد نحن؛ فذلك يعني أننا لم نصل بعد للنهاية.

قالت: الشاهد الثاني والأهم سيحسم النهاية، وهذه المرة ليست لصالحك للأسف.. ثم وقفت ونادت أدخلوا الشاهد الذي سيضع حداً للنهاية.. والتفت باتجاه الباب ورأيته يقف أمام الباب.. تأملته وأنا لا أصدق ماأراه, ويبدو أن الصدمة كانت أقوى من أن أستوعب حقيقة ماأرى فأغمي علي...

وللحديث تتمة............

 

تنويه: في حضن الشيطان ./ بحث وتحقيق وأحداث حقيقية تمت كتابتها في صيف 2013

 

ـــــــــــ . يعقوب مراد . ـــــــــــــ

 

يمكنكم قراءة سلسلة "في حضن الشيطان" من البداية على الرابط التالي: يعقوبيات مغترب

سيريا ديلي نيوز


التعليقات