خاص - سيريا ديلي نيوز

البنك المركزي مازال تقليدياً في تعامله مع مســألة ارتفاع ســعر صرف الليرة الســورية و بات أســـلوبه مثير للاســتغراب من حيث شدة التأكد في أســلوب تعامله و تصرفه مع كل ارتفاع جنوني في سـعر صرف الليرة الســورية في الســوق الســوداء فكلما ارتفع ســعر الصرف يقوم بتصريح بيع عشــرين مليون دولار لشــركات الصرافة التي تمتنع بدورها عن شــراء القطع الأجنبي بحجة الاكتفاء في عمليات البيع و الشــراء ، ثم يقوم المركزي برفع ســعره المركزي ليرة أو ليرتين وســط فوضى ســعر الصرف ، وأثناء  انشــغال العامة بمســألة ارتفاع سـعر الصرف و انعكاســه المباشــر على القوة الشــرائية و أســعار الســلع المحلية .

 

و لا نعرف صراحة كيفية " تأقلم " المركزي مع حالة وجود فرق بين ســعره الرســمي و سـعر السوق السوداء بحوالي العشــرين ليرة و لعدة أشــهر و دون اعتبارها كارثة مصداقية بحق المركزي ، كما أننا لا نســتوعب كيف تدعي شــركات الصرافة بالاكتفاء الذاتي من ناحية توفر القطع الأجنبي لديها و مع ذلك تنخفض قيمة الليرة السـورية أمام العملات الأجنبية في الســوق السـوداء .

 

بدوره يقوم المركزي بتنبيه المواطن بعدم التأثر بإشــاعات انفلات ســعر الصرف ثم يقوم برفع ســعر الصرف الرســمي خلســـة ليجعل مصداقيته تتآكل مراراً أمام الجمهور الذي يتابع التصريحات من جهة و الارتفاعات المتتالية من جهة ثانية .

 

بالتأكيد هناك عوامل عديدة و مركبة و متجددة  تحرّض على اسـتمرار انخفاض قيمة الليرة الســورية ، و لكن بالمقابل من مســؤولية المركزي أن يخلق العوامل المقابلة التي تضمن ارتفاع قيمة الليرة الســورية ، و طالما أن ســعر صرف الليرة الســورية يرتفع بشكل طردي مع الزمن فيعني أن سياسات و كفاءات المركزي أقل من المطلوب لمواجهة هذا النزيف في ســعر الصرف .

 

و بالمفارقة نجد أن أكثر الدول اتجاهاً للرأســـمالية لديها ســـيطرة و نفوذ على ســعر صرف عملتها أكثر من الدول التي تدعي الاقتصاد الموجه و نجد انفلاتاً و فروقاً بين ســعرها الرســمي و الســعر في الســوق السوداء .

 

و الأهم من ذلك ألا يتســاءل المركزي عن الكلفة الاقتصادية من رفع ســعر الصرف فالمســتوردات الحكومية من الناحية العملية يتم شــراءها بكل الأحوال بالعملة الصعبة المدخرة في البنك المركزي ، في حين رفع ســعر الصرف هكذا ينعكس على الاقتصاد الخاص و على جميع الفئات الشــعبية من الفقيرة المعدمة و حتى الثرية .

 

و بعد أكثر من ثلاث ســنوات في الأزمة ما يزال الســؤال عن عرّاب الســوق السـوداء مطروحاً بشــدة في ســوق اقتصادية بدأت تضيق جغرافياً لدرجة أن " حارتنا صارت ضيقة " و لم يعد مقبولاً أن يصدّعنا المركزي بالمضاربين المنتهزين الذين يختبئون في الأقبية و الأنفاق و مســاحة النشــاط الاقتصادي الرئيسي في محافظة دمشــق لا يعدو عدة كيلومترات مربعة .

 

و طالما اســتطاع ســعر الصرف في الســوق الســوداء أن يهوي من ســعر 185 ليرة ســورية خلال أقل من شــهر إلى حدود 140 ليرة ســورية في أواخر العام الماضي ، فهذا يعني بإمكانية المركزي حالياً  الضغط أكثر باتجاه المطابقة بين الســعر الرســـمي و سعر السـوق الســوداء بدلاً من هذا الأســـلوب المنبطح الحالي في التعامل مع أزمة الليرة الســـورية .

سيريا ديلي نيوز


التعليقات