لعل من المسائل المهمة التي وجه إليها رئيس مجلس الوزراء الدكتور وائل الحلقي المكلف تشكيل الحكومة الجديدة في الأيام الأخيرة هو الابتعاد عن الشخصنة والمحسوبيات في تعيين أو إعفاء مسؤولي المفاصل الإدارية، وهذا التوجيه صدر وأخذ منحى القرار بناء على ما تقرر في جلسة المجلس التي انعقدت بتاريخ 5/8/2014 ووجه إلى جميع الوزراء، بل طلب الحلقي في توجيهه معاقبة المقصرين في أعمالهم وتطبيق الإجراءات القانونية اللازمة بحقهم.

 

وينص التوجيه بحرفيته: «السيد الوزير: للعمل على اعتماد معايير وأسس موضوعية وشفافة ومدروسة عند إصداركم للقرارات المتعلقة بإشغال أو إعفاء مسؤولي المفاصل الإدارية كافة، والابتعاد عن الشخصنة والمحسوبية في ذلك، ومحاسبة المقصرين منهم في أداء أعمالهم وواجباتهم الوظيفية، واتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم، ومعالجة مظاهر الفساد كافة أينما وجدت وفور ظهورها وبما يضمن الحرص على تحقيق المصلحة العامة».

 

ويبدو أن صدور هذا التوجيه وبقرار من رئاسة المجلس إنما يدل على اهتمام رئاسة الحكومة بمضامين قرارات الإعفاء من المفاصل الحكومية أو إشغالها، وهو توجيه ليس بجديد ولكن صدوره بين الفينة والأخرى يدل على أن بعضاً من قرارات الإعفاء والإشغال تصدر دون الاعتماد على معايير واضحة، فالكثير من هذه القرارات تصدر دون معرفة الأسباب الجوهرية لها، وهذا من شأنه أن يضع الكثير من الاحتمالات لصدورها وأحد هذه الاحتمالات ما ذكره رئيس مجلس الوزراء في هذا التوجيه، علماً أن الفترة الأخيرة شهدت صدور العديد من قرارات الإعفاء بحق بعض شاغلي المناصب والمفاصل الإدارية، منها إعفاء مدير محروقات دمشق المهندس سهيل نخلة من منصبه دون توضيح لأسباب قرار الإعفاء، كذلك إعفاء مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك بدمشق المهندس فداء بدور الذي كثرت التكهنات حول أسباب إعفائه، ووضعت الكثير من احتمالات أن تكون الأسباب متعلقة بخلل وظيفي، كذلك كف يد مدير السورية للتأمين الدكتور بسام رشيد عن العمل بموجب تقرير رقابي أولي متعلق باكتشاف خلل في أحد عقود التأمين الموقعة مع شركة أجنبية دون توضيح حقيقي لماهية هذا الخلل، وغيرها الكثير من القرارات الأخرى.

 

ونحن نرى أن منح الإعلام دوراً في الإشارة إلى مكامن الخلل والفساد وتوجيه الأصابع إلى الفاسدين والمخلين بواجبات الوظيفة العامة التي بدورها تؤثر في المصلحة العامة يكمل التوجيه الصادر من رئيس مجلس الوزراء، ويعمل على كشف المزيد من الحقائق التي تساعد على تفعيل مبدأ المحاسبة والحد من مظاهر الخلل أينما وجدت، فالترميز والتلميح لأسماء المخلين بالمصلحة العامة لم يعد يجدي نفعاً، فلا بد للأدوار أن تتكامل لتحقيق أكبر قدر من النفع العام.

Syriadailynews - Alwatan


التعليقات


عبد الرحمن تيشوري - شهادة عليا بالادارة
رائع دكتور شمس مواد مهمة وعميقة ومهنية ابارك لكم هذه النجاحات وادعمها واضيف اليها وبإختصار أيضاً فإن نجاح الحكومة يرتبط بالوزراء ونوابهم ومعاونيهم ومستشاريهم الذين سيعملون معها، ويأتي أهمية ذلك ليس فقط العمل الجاد ومواجهة الملفات الساخنة فحسب ولكن القضية أكبر من ذلك وأصعب فهي توفير متطلبات شعب ووطن تغيرت مواصفاته وسماته جاءت عقب تغييرات كبيرة إتسمت بالعنف خلال أكثر من ثلاثة سنوات ونصف، ولذا لابد من إدراك أن التغيرات السياسية والإجتماعية والإقتصادية التي شهدنها الأزمة لعبت دوراً في إعادة تشكيل المجتمع السوري وصورته ومكوناته وسلوكياته بشكل مغاير تماماً لما كانت عليه قبل الأزمة ومن هنا فإن من أهم الأسئلة التي تثار اليوم يدور حول كيفية قيادة شعب جريء وتمرد طرأت عليه هذه التحولات، وإعادة إكتشاف معنى الحكومة ومسئولياتها ودورها الجديد. مشكلة الحكومات التي جاءت خلال الأزمة هي ضعف فاعليتها، ولذلك فالخطوة الأهم لضمان نجاحها هي صياغة وتحديد الأهداف المرحلية والمستقبلية وترجمتها الى خطط وبرامج قابلة للتنفيذ، ومن المهم الآن أن تعود عجلة الإنتاج إلى الدوران، وهذا يحتاج إلى الكثير من المجهود ومن المساعدة ومن الكفاءة في الإدارة ومن هذا المنطلق : نريد حكومة تهاجم المشكلات، وتنقض على الأزمات وتبحث عن الأكفأ وتستثمر خريجي المعهد الوطني للادارة، وتتخذ القرار الصحيح بسرعة ودون تردد، حكومة تخرج الإقتصاد من إرتباكه وتعالج ارتفاع الأسعار وتبث الروح في البلد الذي يحوي إمكانات بشرية واقتصادية هائلة غير مستثمرة.