درب الحقيقة وطريق الوصول اليه .ممزوج دائما بمشاعر مختلطة تعبر احيانا عن الحب والحنان ، وأحياناً كثيرة عن القسوة والظلم .
كل ذلك في سبيل اظهار ما يخبئه الغير لمصلحة ما.........
أنت وأنا ومن يحب وطنه دائما يقحم نفسه في تفاصيل محرمة دولياً وسياسياً لأجل القضية العظمى ألا وهو الوطن ,,,,
وطن بديل مرفوض ..
لذلك سنعيش كل ماهو مفرح وقاسي وظالم ، وسنتحمل ونقاوم لنصل لحقيقة ما سيحصل لمستقبلنا ، ومستقبل أولادنا .
كل هذا وأكثر تجدونه من خلال قراءة الجزء 20 من حضن الشيطان مع كاتبنا القدير يعقوب مراد وحصريا على سيريا ديلي نيوز ..
إختطاف!
كورنيش مدينة رودوس اليونانية..
كنت أحاول أن ألجُم غضبي وحزني وأنا هارب من نفسي على كورنيش شاطئ مدينة رودس اليونانية، وثمّة إحساس بأنّ ليلنا قاتل؛ وكأسنا الذي نشربه مسموماً؛ ورغبتنا مجنونة؛ والموسيقا التي نسمعها صاخبة؛ والحُب الذي عشنا حياتنا نحلم به مصروعاً بالهذيان؛ وشاطيء حياتنا بلا أمان؛ وسنبقى نتصارع نحن والزمان...
ولكن إلى متى؟!! تباً لحياة لانلمس من جمالها إلّا همومها..
كنتُ أمشي مُثقلاً.. مُتعباً.. مقهوراً.. تتقاذفني الأفكار مثل زورق صغير يُفاجئه الإعصار؛ طاردته الرياح والأمطار.. وفجأة توقفت سيارة فولكس فاكن بيضاء أمامي، وبحركة سريعة تمّ دفعي لداخل السيارة وتمّ ربط عيناي وفمي؛ وغبت عن الوعي.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ في حضن الشيطان ـ 20
كان كلُ شئ مظلماً حين بدأت أستعيدُ حواسي, وبحركة لاشعورية بدأتُ أتلمّس وجهي وجسدي بخوف شديد, وشكرت ربي إنني بخير..
ثمّة أسئلة كثيرة كانت تتزاحم في رأسي, حاولت أن أتماسك؛ وأُفكر.. فوجدت أن هناك أسئلة بحاجة إلى أجوبة سريعة:
ـ من الذي خطفني..؟! ولماذا..؟! ـ أين أنا الآن..؟! ـ وكم مضى من الوقت وأنا هنا؟!..
من أجل أن أعرف من خطفني كان لابدّ لي أن أستجمع أفكاري؛ وكل ماقد مرّ معي منذ وصولي لجزيرة رودوس كشريط سينمائي, في محاولة جادة لأتذكر إن كنت قد اشتبهت بأحد ما كان يتعقبني أو يراقبني!! فلم أجد شيئاً يثير الفضول؛ وعدت أتذكر وجوه من التقيتهم خاصة الّذين تبادلتُ الحديث معهم؛ مثل موظفي الاستقبال في الفندق والبار والمطاعم التي زرتها والأشخاص الّذين التقيتهم مع إليزابيت وفريدريك... وماكدت أتذكر إليزابيت حتى مددت يدي أتفقد الساعة والموبايل فلم أجدهم.. شكرت ربي مرة ثانية لأني نسيتهم معها.. وعدت أحدث نفسي: من المستفيد ولماذا؟!.. لا يُعقل أن تكون المخابرات أو الشرطة اليونانية؛ فأنا لم أخالف القوانين اليونانية بشيء؛ وحتى لو كنت خالفت القوانين أو ارتكبت جنحة ما فمن السهل إلقاء القبض عليّ بشكل عادي وعلني، وليسوا بحاجة إلى أسلوب العصابات!! فمن ياترى؟! ـ هل يمكن أن يكون عملاء للموساد الاسرائيلي؟!.. ـ هل يمكن أن يكون بعض المعارضين السوريين؟! ـ هل يمكن أن يكون بعض الإسلاميين المُتشددين الّذين كتبتُ ضدّهم في الفترة الأخيرة..؟!
وحين لم أتوصل لجواب يُقنعني تمنّيتُ فعلاً أن أكون بيد الشرطة أو المخابرات اليونانية؛ أو أيّ جهة رسمية؛ فهذا أفضل ألف مرة من أن أكون قد وقعت فريسة" بيد من لايعرفون رحمة الله... وسألتُ نفسي السؤال الثالث: أين أنا؟!.. تحسّست الأرض؛ ونقرت عليها بأصابعي فأدركت أنّ الأرض من الخشب المصقول.. زحفت قليلاً حتى اصطدمت بحائط تحسّسته براحة يدي فوجدته بارداً جداً, نقرت عليه بأصابعي فشعرت وكأنّه كتلة من الحديد أو الألمنيوم الثقيل... وضعت أذني أسترق السّمع فلم أسمع شيئاً.. جلستُ حزيناً.. هاهي الذكريات العالقة فوق أهدابي؛ المُقيمة أبداً في حنايا ضلوعي؛ المضمومة بشريط الياسمين الأبيض.. تنفلّش أمامي بكلّ مافيها من أوراقي الملوّنة,
أصدقائي؛ كلّ دفاتري وأشعاري المدوّنة؛ وكلّ الأمسيات الجميلة الحالمة؛ وكلّ تلك الجلسات في صيدنايا ـ خاصرة الشام الرائعة ـ كُلّها ..كُلّها تنبثق أمامي لتقول لي: ألم تشتاق إليّ..؟! لماذا ذهبت إلى جزيرة رودوس ولم تأت للموعد كعادتك كل عام..؟! هاأنا الآن أدفنُ رأسي بين يديَ مقهوراً، كم أحتاج الآن لدفء الّذين أحبهم, ياإلهي.. أحتاج حتى للّذين قسوا عليَ وأتعبوني؛ لأنّ جسدي أثقلتهُ غربة الروح؛ فأكثر مايؤلمني هو ضياع الصّور الجميلة المتميّزة العالقة بذاكرتي ببديل لايشبهُني!! مالقلبي يستعرُ ويتأجّجُ الآن؛ وكأنّه مخزون هائل من الحنين لشيء هو بمساحة العالم، بهذا الصّمت القاتل؛ بهذه الظُلمة الموحشة؛ وأنا أنتظرُ مصيراً لاأعرف كيف يكون، لاأشتاق لشيء الآن إلّا لرائحة الوطن والأهل والأحبّة.. جئتُ أبحثُ عن الحقيقة؛ ولكنّي وجدتُ أنّ حقيقتي تركتها خلفي؛ في بلدي.. في كل شارع وحارة في مدينتي.. قبل أن أرحل تركتُ آثار أقدامي، وصدى كلماتي، وماكتبته دمعة" باردة" حفرت دربها في كلماتي.. فهل من يذكرها؟!.. ياإلهي.. لماذا تهجمُ عليّ كلّ هذه الذكريات الآن؟؟..
عدتُ أتحسّس الأرض وخطر لي فجأة" خاطرا" أرعبني.. قد يكون هناك من يراقبني الآن؛ ويراقب تصرفاتي.. استدرتُ بوجهي باتجاه الحائط؛ وثمّة سؤال واحد كان يُقلقني:
ـ هل سأخرج من هنا حياً أم ميتاً؟!!..
وللحديث تتمة...
تنويه: في حضن الشيطان.../ بحث وتحقيق وأحداث حقيقية تمت كتابتها في صيف 2013
ـــــــــــ . يعقوب مراد . ـــــــــــــ
سيريا ديلي نيوز
2014-07-24 16:28:06
التعليقات
فائز مظلوم
رحاب شبيب
حياة احمد سالك