في خطوة تحيد عما كان متبع في طريقة تحصيل ضريبة الأرباح الحقيقية من المستوردين، أبلغت وزارة المالية المكلفين الضريبيين المستوردين حصراً بأنها ستقوم بتدقيق التكاليف الضريبية العائدة لعام 2012 وذلك خلافاً لما جرت عليه عبر السنوات السابقة، حيث اعتمدت مبدأ اعتبار السلف المسددة إلى الأمانات الجمركية عن المستوردات ضريبة نهائية.

 

وكان هذا الإجراء حسبما أفادنا عضو مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق محمد الحلاق يريح التاجر والمالية معاً، لأن المالية كانت تأخذ سلفاً أعلى من المبالغ التي يمكن أن تحصلها عند مطالبة التاجر بتكاليفه، و التاجر يرى بهذه العملية جزءاً من العدالة بين مكلف "يدبر رأسه" حسب توصيف الحلاق، وآخر لايستطيع.

 

أما وبعد أن أقرت المالية حالياً تدقيق التكاليف الضريبية للمستوردين عن عام 2012 فإنه سيصعب على المستوردين الالتزام بما طلبته ولن تحقق المالية مساواة بطلبها هذا بين تاجر متضرر وغير متضرر،لأن معظم المنشآت الصناعية والتجارية في الأرياف قد تضررت ونهبت ودمرت حسب الحلاق، وهناك تجار لا يعرفون إن كانت بضائعهم تالفة أم غير تالفة، وبالتالي لا يمكن إثبات واقعهم المالي، لافتاً إلى أن مراقبي الدخل يتصلون بالمكلفين حالياً ويطالبونهم بتجهيز أوراقهم بالسرعة المطلوبة وإلا ....

 

وينظر رئيس جمعية المحاسبين القانونيين فؤاد بازرباشي بعين أخرى إلى إجراء وزارة المالية، إذ يرى بأنه من حقها تدقيق حسابات المستوردين عن العام 2012 حتى وإن كانت المالية اعتبرت في فترة سابقة أن السلف المدفوعة كضريبة دخل هي ضريبة أرباح نهائية، فإن هذا لا يعني ـ حسب بازرباشي ـ أن هذا الإجراء ثابت بل إن الدوائر المالية كانت تتعامل مع المكلفين بحالة استثنائية.

 

وبالنسبة للمكلفين المتضررين والذين يصعب عليهم إبراز قيودهم للدوائر المالية يقول بازرباشي: بإمكان كل مكلف أن يتقدم إلى الدوائر المالية بحجم خسائره بعد تنظيم ضبط شرطة وحينها فإن الدوائر المالية تدرس حالة كل مكلف على حدة حسب ماينص عليه قانون الدخل، واستناداً لأحكام المادة 12 من قانون ضريبة الدخل يمكن للمكلفين تدوير خسائرهم لمدة خمس سنوات تالية، ولكن المشكلة هي أن بعض المكلفين يعلنون عن خسائر بـ 100 مليون ليرة فيما لاتزيد قيمة أصولهم الثابتة والمتداولة عن 10 ملايين ليرة وبالتالي فمن الطبيعي أن لاتعتمد الدوائر المالية هذه الخسارة مالم تكن موثقة، أضف إلى ذلك فإنه يصعب وفي ظل هذه الظروف توثيق خسائر الكثير من المنشآت وإجراء كشف حسي عليها ولكن يمكن تقدير الخسائر الضريبية بناء على آخر ماتقدم فيه المكلف من بيانات للدوائر المالية.

 

وأشار إلى أن التجار يجدون حالياً صعوبة في تسديد الضرائب المترتبة على تكاليفهم لأنهم بالأصل لم يحتسبوا مؤونات عن أرباحهم خلال الأعوام السابقة ولم يحتاطوا لمثل هذه الظروف، ولكن لايمكن للدوائر المالية إعفاؤهم من الضريبة، فإن كان هناك مكلفون تضرروا فعلاً فإن هناك تجاراً أثروا من وراء الأزمة، وإن كانت الدوائر المالية أعفت 4500 مكلف من ضريبة الدخل المقطوع فإنه يصعب عليها إعفاء مكلفي الأرباح الحقيقية دون تدقيق حساباتهم وبياناتهم المالية، وخاصة أن الأرباح الحقيقية تشكل قيمة عالية من إيرادات المالية.

 

وعبر بازرباشي عن استغرابه مما سماه "ازدواجية في طلبات التجار"، حيث إنهم كانوا يحتجون في فترات سابقة على أن الدوائر المالية كانت تكلفهم بعد سنوات من تقديم بياناتهم الضريبية وتفاجئهم بمبالغ كبيرة وبالتالي يصعب عليهم العودة إلى بياناتهم ودفاترهم المالية ويعجزون عن التسديد، والآن وبعد أن سرّعت وزارة المالية وتيرة عملها عاد التجار ليحتجوا مرة أخرى وبالتالي صار هناك تعارض في مطالبهم .

 

ويقول مدير عام هيئة الضرائب والرسوم عبد الكريم الحسين إن ماجرت عليه العادة قبل سنوات من اعتبار السلف الضريبية كضريبة نهائية هو حالة استثنائية، والآن فإن وزارة المالية عادت لجباية أموالها بالطريقة المعتاد عليها لأنه لم يعد يوجد مبرر لذلك الإجراء الاستثنائي.

 

وعن سبب الحياد عن ذاك الاستثناء قال الحسين: للمالية مبرراتها ونظرتها تجاه هذا الأمر وهذا أمر يخصنا، مشيراً إلى أن هذا الإجراء يخص المستوردين من مكلفي الأرباح الحقيقية فقط ولايخص الصناعيين لذا فإن دمار المنشآت الصناعية أو احتراقها لاعلاقة له بدفاتر التجار الذي يتحججون بفقدانها واحتراقها، أما مستودعات التجار التي احترقت فإنها أيضاً لايفترض أن تؤثر على تقديم الوثائق المالية لأن لهؤلاء التجار مكاتبهم في وسط العاصمة وفي مناطق آمنة ويفترض أن تكون تلك الدفاتر بحوزتهم، وفي حال لم يلتزم المكلفون بتقديم الوثائق فإن للمالية إجراءاتها القانونية التي ستتخذها حيالهم.

Syriadailynews - Tishreenonline


التعليقات