تمرّ مكاتب الفوركس خلال الأزمة بفترة ازدهار لا سابق لها، مع غياب كامل للرقابة عليها، علماً بأن القانون السوري واضح بمنعه ممارسة أنشطة التجارة بالعملات الأجنبية في السوق العالمية «الفوركس».

 

وبدأت مكاتب وشركات الفوركس تنتشر بشكل غير مسبوق، وعلى عينك يا تاجر، في خطوات جريئة، إذ انتقلت نشاطات بعضها للعلن، وبشكل صارخ، لدرجة بتنا نشاهد إعلاناتها الطرقية في وسط العاصة دمشق!

 

والغريب بالموضوع أن تلك المكاتب والشركات تتذرع لزبائنها بأنها حاصلة على تراخيص لممارسة عملها، لكنها لا تدير الحسابات، أي إنه على الزبون أن يقوم بفتح حسابه الخاص وإيداع المبلغ (رأسماله المخصص للمتاجرة في سوق العملات الأجنبية) في أحد المصارف الخاصة، فتوفر له الشركة الضمانات وتقدم له برنامج التداول والخدمات المرافقة، كما يقدم بعضها دورات تدريبية، قد تكون مجانية، تعرف المتداول بأصول التداول وكيفية التعامل مع البرنامج المخصص للمتاجرة بالعملات.

 

المدير التنفيذي لسوق دمشق للأوراق المالية الدكتور مأمون حمدان أكد عدم وجود تراخيص لشركات ومكاتب الفوركس في سورية، وخاصة أنها تتيح المتاجرة بالعملات وحتى الأسهم خارج سورية، لكونها تتعارض مع قانون القطع، كما تتعارض بشكل أساسي مع هدف إنشاء سوق دمشق للأوراق المالية، التي تعمل لهدف جذب رؤوس الأموال واستثمارها في الأوراق المالية محلياً.

 

كما شدد الدكتور حمدان على موضوع الرقابة والضمانات للمستثمرين، إذ تقدم سوق دمشق للأوراق المالية ضمانات كبيرة، وتمارس دوراً رقابياً دقيقاً توفر للمستثمرين مناخاً آمناً لتوظيف أموالهم في السوق المحلية، الأمر غير المتوفر في الفوركس، بما بعرض المتعاملين فيه لمخاطر كبيرة، هذا عداك عن الفائدة التي يكتسبها الاقتصاد المحلي جراء توظيف الأموال محلياً، بدلاً من خروجها إلى الأسواق العالمية.

 

ولفت حمدان الانتباه إلى أن الترخيص المزعوم لبعض تلك المكاتب والشركات على الأغلب هو لغير ممارسة أنشطة الفوركس، إذ تمنح بعض الجهات الحكومية تراخيص لممارسة بعض الأنشطة، لكن ليس لتجارة العملات والأسهم خارج سورية.

 

بدوره رئيس مجلس مفوضي هيئة الأوراق والأسواق المالية السورية الدكتور عبد الرحمن مرعي أكد عدم وجود أي تعديلات قانونية تسمح بنشاط مكاتب وشركات الفوركس في سورية، مشدداً على أن عمل تلك المكاتب والشركات يتعارض مع كل القوانين ومع مصلحة البلد وخاصة خلال الأزمة، لكونها بلا رقابة. مؤكداً أن زعم بعض المكاتب والشركات بأنها تحمل تراخيص ما هو إلا نوع من التضليل والتلاعب على القوانين، فالتراخيص للوساطة والتعامل بالقطع داخل البلد معروفة، فإما شركات وساطة مالية كتلك التي تعمل في السوق السورية، وتتوسط العلاقة بين المستثمر وبين سوق دمشق للأوراق المالية، أو شركات ومؤسسات ومكاتب الصرافة المرخصة، وغير ذلك لا تراخيص لمكاتب وشركات للوساطة خارج سورية، أي المتاجرة بالقطع الأجنبي والأسهم خارج سورية.

 

هذا وأكد الدكتور مرعي أن موضوع الرقابة والملاحقة للمتعاملين بالفوركس ليس من الاختصاص المباشر للهيئة، إذ هناك أجهزة وجهات مختصة في ذلك، تتبع الاتصالات، وتخبر الهيئة بمن يعتقد أنه يمارس أنشطة الفوركس، فتقوم الهيئة بفحص الجهاز والتأكد من التعامل بالفوركس أم لا، وتخبر الجهات المختصة بذلك. مبيناً أن الهيئة لا تملك الأجهزة الدقيقة المسؤولة عن تعقب الاتصالات لكشف من يتاجر بالفوركس.

 

ومن الجدير ذكره أن الهيئة في أوقات سابقة نظمت بعض الضبوط بحق مكاتب تتعامل بالفوركس، نقلنا سابقاً على لسان مسؤول في الهيئة أن العدد الإجمالي لدعاوى مخالفة أحكام قانون الهيئة بممارسة نشاط خدمات وساطة مالية دون ترخيص من الهيئة (المتعارف عليها بمكاتب البورصة) بلغ 11 دعوى منها 4 في دمشق و7 في حلب، ثلاثة منها ضبطت عام 2009 أحدها في دمشق واثنان في حلب، وارتفعت هذه الضبوطات فبلغت 7 عام 2010، خمسة منها في حلب واثنان في دمشق، وقد حكمت محاكم بداية الجزاء بثلاثة منها 2 في حلب وواحد في دمشق، تضمنت الغرامة المالية والعفو من الحبس لشموله بمراسيم العفو العديدة التي صدرت في السنوات الأخيرة، وتتم هذه الدعاوى بالتعاون مع جهات أخرى معنية ومنها الأمن الجنائي الذي يقوم بالضبط بناء على تحقيقات حيث تتابع الهيئة مثل هذا الموضوع من خلال مراسلة وزارة الداخلية لتحري وقمع المكاتب فيقوم الأمن الجنائي بالتحري وتنظيم الضبوط اللازمة وإحالة القائمين على المكاتب إلى النيابة العامة التي تقوم بدورها بتحريك الدعوى الجزائية بحقهم أمام محكمة بداية الجزاء، بعد تلقي الهيئة نسخة الضبط، وتقوم الهيئة عن طريق محاميها في إدارة قضايا الدولة بالادعاء الشخصي على القائمين على مثل هذه المكاتب وبإعداد المذكرات والدفوع القانونية اللازمة والوثائق والاجتهادات، وترسلها إلى إدارة قضايا الدولة لتقديمها إلى المحكمة.

Syriadailynews - Alwatan


التعليقات