استمرار الانحدار الاقتصادي في أوروبا كان مدار مقال مطول نشرته صحيفة «الإيكونوميست» البريطانية، لتكشف بالأرقام والمقارنات زيف ما ادعته الدول الأوروبية طوال ثلاث سنوات مضت من أن «اقتصادها يبتعد عن الانكماش».
مقال «الإيكونوميست» جاء تحت عنوان «الانحدار الاقتصادي في أوروبا.. نحو دوامة الانكماش» وهو للكاتب ستيفان شتاينبرغ، وفيه يعرض جملة من التقارير التي صدرت مؤخراً وتؤكد أن استمرار الانهيار الاقتصادي في أوروبا هو مؤشر واضح إلى أن القارة العجوز تدور في دوامة قد لا تنجو منها، والبرهان على ذلك يبدو من خلال ما قدمه مديرو كبرى الشركات الأوروبية الرئيسية، حيث أشار الكاتب إلى ما قاله مدير مشتريات إنديكس –الذي يخطط لعمليات الشراء في كبرى الشركات العالمية في منطقة اليورو- من أن مؤشر نمو الاقتصاد سجل تراجعاً قوياً في أواخر هذا الشهر لاثنين من الاقتصادات الرئيسية في القارة الأوروبية.
وأورد المقال على سبيل المثال لا الحصر أن فرنسا ثاني أكبر اقتصاد في أوروبا سجلت تراجعاً حيث انحدر مؤشر النمو الاقتصادي إلى الرقم 48، علماً أن إشارة المؤشر إلى الرقم 50 يمثل في لغة الاقتصاد العالمي انكماشاً تقرع أمامه أجراس الخطر.
إن هذا الرقم الذي سجلته التقارير لشهر حزيران الجاري وحده يعني أن القطاع الخاص الفرنسي يعاني من الانكماش بحوالي أربعة أضعاف ما كان عليه في الأشهر الستة الماضية فقط.
ويتابع شتاينبرغ: تعاني ألمانيا التي تعتبر من البلدان الصناعية الكبرى من الانكماش هي الأخرى رغم أن مؤشرها الاقتصادي الذي يعتبر مقياساً لتقدم اقتصادها أو انهياره تجاوز الرقم 50، إلا أنه وبكل الأحوال دلالة على انخفاض اقتصادها، علماً أنه كان قد انخفض في شهر حزيران وحده إلى أدنى مستوى له منذ كانون الأول عام 2013 ناهيك عما اعتبره البعض من الاقتصاديين أن نمواً كهذا يعتبر إيجابياً مقارنة مع بقية دول القارة، وخاصة بعد الأخذ بعين الاعتبار السنوات التي عانت فيها القارة العجوز من تراجع اقتصادي مرعب في العديد من بلدانها نتيجة لسياسات التقشف القاسية التي كان يمليها الاتحاد الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي.
ويؤكد شتاينبرغ أن الأزمة الاقتصادية في أوروبا تتجه نحو عمق القارة بعد أن كانت تدور في محرابها وذلك بناء على آخر وأحدث المعطيات بشأن المستقبل الاقتصادي للقارة العجوز، ويقول: الأهم من ذلك أن انكماش اقتصاد فرنسا أحد أكبر الشركاء التجاريين لألمانيا له تأثير سلبي على الصناعة التحويلية الرائدة في ألمانيا، كما أن استمرار الأزمة في أوكرانيا يعتبر واحداً من أهم العوامل التي من شأنها أن تؤثر في اقتصاد ألمانيا، ما يهدد إمدادات الطاقة في البلاد ومصالح ألمانيا الواسعة في أوروبا الشرقية، هذا إلى جانب أن التطورات في العراق أضافت بعداً آخر للأزمة الاقتصادية في أوروبا، حيث ساهمت بارتفاع أسعار النفط وزيادة تكاليف العديد من الصناعات.
ويقول شتاينبرغ: يبدو أن أحدث الأرقام تتناقض وسلسلة التقارير الإعلامية والتصريحات التي أدلى بها مديرو المؤسسات الاقتصادية في كبرى الشركات العالمية، وهو أن الاقتصاد الأوروبي قد يخرج من الركود، حيث صدر في نيسان الماضي تقرير اقتصادي أعلنت فيه منظمة التعاون والتنمية أن اقتصادات منطقة اليورو، بما في ذلك التي ضربت بشدة من الأزمة، يبدو أنها تتحول بعد سنوات من الأزمة بعيداً عن النمو المنخفض وغير المتكافئ.
 

سيرياديلي نيوز - تشرين


التعليقات