سألته : وماذا بعد الجمهورية الكردية والشيعية العربية وتقسيم العراق والسعودية وسوريا ولبنان الكبير ..!
نظر إلي وهو يلتقط أنفاسه :
ـ يبدو وكأنك لاتصدقني ..؟
قلت : بصراحة أصدقك , ولكن أتمنى أن لاأصدق الكلام الذي تقوله لي ..!!
قال وهو يهز براسه : أفهمك ياصديقي .., وأفهم بأن ماتسمعه مؤلم جداً , وأعرف بأن المعلومات التي قلتها لك لايتمنى سماعها أبناء الشرق لأنها تمسهم وتمس وجودهم وكرامتهم , ولكن المعلومات القادمة هي الأسوأ ..
وأمام الدهشة التي ارتسمت على وجهي ..
قال : لاتقلق .. هاقد وصلنا أمام الفندق .. سادعك ترتاح قليلاً ., وسنلتقي في بالازور .. الى اللقاء ياصديقي..
جزيرة رودوس ـ فندق لويس كولوسيوس بيتش . فاليراكي .
لاأستطيع أن اصف الشعور الذي لازمني منذ أن قال عبارته : ولكن المعلومات القادمة هي الأسوأ .
هذه العبارة التي لجمت حواسي , ورسمت الحزن على وجهي بطريقة مشوهة جعلتني أكلم نفسي كمجنون : ماهو الاسوأ .. !؟
وأعيد كالببغاء : أسوأ .. ماهو الاسوأ ..؟
ـ هل هناك أسوأ مما نعيشه اليوم !؟
ـ هل هناك أسوأ من الربيع العبري والذي سمي ظلماً وبهتاناً بالربيع العربي ..؟
لاأعرف لماذا تذكرت ماكتبته مجلة سويدية في العام الماضي تحت عنوان ـ العالم الرابع ـ
وأعترف بأن العنوان استفزني وجعلني اتصفح المجلة باهتمام شديد لاكتشف بانها تسلط الضوء على دول العالم الثالث : الفقيرة المتخلفة نتيجة الصراعات والحروب التي جعلتها تشكل العالم الرابع رغم أن أغلبها يملك كل مقومات القوة إلا أن تخلفها ناتج عن عدم مواكبة التطور العلمي , وعدم القدرة والرغبة بالخروج من عباءة الذين يتاجرون بالدين , ويريدون العودة للعيش في زمن ولى لنبقى متخلفين ومختلفين تماماً عن كل العالم ..
ولن استغرب ان يتم تصنيفنا العالم العاشر بعد ثورات الربيع العربي ..!
فكل ثورات العالم كانت ربيعاً حقيقياً حققت لشعوبها تطوراً ديمقراطياً وعلمياً وثقافياً وحضارياً , إلا هذا الذي يسمونه بالربيع العربي فقد حقق تناقضات غريبة جداً لم يعرفها العالم من قبل ,,
وعدت الى ماكتبته يومها أعدد بعض تناقضات الربيع العربي :
ـ في الربيع العربي : استمتع العالم ساخراً مما شهده البرلمان المصري بعد وصول الرئيس الاخواني مرسي للسلطة , واستغرقت المناقشات عدة أسابيع ليصدر بعدها قانون ـ جماع الوداع ـ
قانون يبيح ممارسة النكاح من قبل المسلم لمنكوحته المتوفيه خلال فترة اقصاها ستة ساعات بعد وفاتها !!
بينما كان الشعب المصري ينتظر اصدار قوانين جديدة لتحسين وضعه الاجتماعي .
ـ في الربيع العربي : توقفت العمليات الجهادية ضد اسرائيل بفتوى انها حرام !!
بينما كثرت العمليات الانتحارية وتفخيخ وتفجير السيارات والمباني وأماكن العبادة , وخاصة ضد أخيه العربي بفتوى انها حلال..
وتحت يافطة براقة ـ من أجل الاصلاح والحرية والديمقراطية !
ـ في الربيع العربي : تغيرت المبادئ والمفاهيم أصبحنا نقتل المعلمين الذين علمونا
, ونحرق المدارس والجامعات التي تعلمنا بها .,
ونقتل الاطباء الذين عالجونا . , ونحرق المشافي التي اسعفنا إليها أكثر من مرة , ونفجر سيارات الاسعاف ..
ونخطف ونقتل رجال الدين ونفجر أماكن العبادة ونحولها الى أوكار للسلاح , ومنابر للفتنة والتخطيط للقتل والعنف وزرع الرعب في قلوب الناس بدلاً من زرع المحبة .
ـ في الربيع العربي : أصبح لشيوخ العرب فتاوى متناقضة ..!
تحرم التظاهر في بلادهم ., وتحلل التظاهر في دول اخرى حتى لو تسبب بقتل مئات الالاف .. فلا يهم فهم شهداء عند ربهم يرزقون بسبعين حورية !! .
ـ في الربيع العربي : أصبحنا نستغرب فعلاً أن يكون العالم العربي يضم اكثر من عشرين دولة عربية من المحيط للخليج ولا يحترمون بعضهم البعض , ويتكلمون لغة عربية واحدة ولكن فيما بينهم لايتكلمون إلا بلغة الغدر والرصاص . , وموطن جميع أنبياء المحبة والسلام والحكمة ,, إلا انهم لايعرفون الحكمة , ولايعيشون المحبة والسلام !
ـ في الربيع العربي : اكتشف المواطن العربي بأن البلاد العربية لديها من النفط والغاز والقمح والخضراوات والقطن والمياه مايكفي العالم كله , ولكن للاسف لايكفي المواطن العربي !
ـ في الربيع العربي : استخدم العرب محطات تلفزيونية لتنقل وقائع افلام القتل مباشرة وحصرياً ., وأصبحنا نرى كيف العربي يقتل اخاه ., ويخطف جاره ويسرق ماله ويغتصب عرضه باسم الدين ., والدين منهم براء !
ـ في الربيع العربي : بدأنا نستغرب ان يكون في العالم العربي أقدم وأحدث وأكبر وأكثر عدد من بيوت العبادة ., ورغم ذلك مازال البعض يؤمن بان قتل من يخالفهم الراي أو العقيدة سيدخلهم الجنة من أوسع أبوابها !
ـ في الربيع العربي : تأكدنا بأن العالم كله يسير للامام فقط , إلا العالم العربي لايتقن إلا السير للوراء !
ـ في الربيع العربي : اكتشفنا بان الثورات في اي مكان بالعالم تدفع للمزيد من التقدم الحضاري إلا الثورات العربية تعيدنا دائما للمزيد من التخلف والفقر والجهل والتعصب الاعمى حتى أصبح القاتل قبل المقتول يقول : يالله !
ـ في الربيع العربي : نسينا الاحتلال الاسرائيل للاراضي العربية في الجولان وجنوب لبنان وفلسطين والقدس والجزر السعودية , ونسينا احتلال تركيا للواء اسكندرون , وتذكرت السعودية وقطر فجأة انه من أجل نشر الوهابية في العالم العربي يجب تغيير تركيبة النظام السياسي في لبنان بحيث يتجرد المسيحي من صلاحياته كما فعلت في اتقاق الطائف , ومازالت ., والتخلص من الانظمة الشيعية والكردية في كل من سوريا والعراق . وتناسوا ان اليهود والصهيونية هي العدو الاساسي , وان اسرائيل هي المستفيد الوحيد لانها هي التي خططت للربيع العربي ..
فهل هناك أسوأ من كل هذا ..!؟
وللحديث تتمة
تنويه : في حضن الشيطان ./ بحث وتحقيق وأحداث حقيقية تم كتابتها في صيف 2013
سيريا ديلي نيوز
2014-06-26 20:37:56
التعليقات
حياة احمد سالك
ياسر شيخاني
فائز مظلوم