/بردى/ الشركة العامة للصناعات المعدنية هذا الاسم العريق الذي تأسس منذ سبعينيات القرن الماضي والذي لا يكاد يخلو بيت من هذا المنتج، فقد قدمت بردى عبر تاريخها الطويل الكثير من الصناعات منها (البرادات – الأفران – الغسالات) ذات المواصفات الجيدة لكنها تراجعت منذ سبع سنوات وأصبحت خسارتها بملايين الليرات علما بأنها تدمرت بالكامل مع بداية الأزمة بحكم موقعها الكائن في منطقة السبينة وأصبحت تحت سيطرة العصابات الإرهابية المسلحة حيث سُرقت آلاتها ومعداتها إضافة إلى انهيار المبنى بالكامل هذا ما صرح به وزير الصناعة... لكن جوهر الخلاف ليس هنا وإنما اتهام عمال بردى الجهات الوصائية بما فيهم الوزارة بتعمد تصفية الشركة وموتها سريرياً وذلك من خلال نقل كوادرها من فنيين مختصين إلى أماكن وشركات أخرى، إلا أن الجهات الوصائية ردت بالقول: إن هذا الكلام غير دقيق على الإطلاق وإن كل ما تقدمه الوزارة ومؤسساتها إنما هو لمصلحة العمال والشركة معاً وهذا القول يشير إلى تضارب في الآراء وتبادل الاتهامات بين عمال بردى واتحاد العمال في دمشق وأيضا المؤسسة العامة للصناعات الهندسية لكون بردى تتبع لها مباشرة.

إذاً بين طيات هذه المعمعات والغوص في تلك المتاهات كان لوزير الصناعة كمال الدين طعمة الكلمة الفصل بكل ما يخص شركة بردى حيث سيعرض هذا التحقيق وجهة نظر كل طرف وأيضاً رأي الوزارة ومبرراتها ومسوغاتها من تلك الإجراءات التي تتخذها تجاه هذه الشركة.
علي عباس أمين خدمات لجنة نقابة عمال شركة بردى أكد أن  عمليات النقل لعمال الشركة تكررت  ومنذ زمن سابق للأزمة التي يمر بها بلدنا بحجة تحريك العمالة علما بأنه لا يتم وفقا لمعايير مهنية وعلمية صحيحة تخدم الاقتصاد الوطني ودورة الإنتاج وإنما بشكل ارتجالي ومزاجي وغير مدروس فلوكان الأمر كذلك لكان النقل ضمن كوادر المؤسسة الهندسية بما يلبي حاجة الإنتاج وتطويره واستمراريته فقد كانت هناك عدة محاولات قبل الأزمة  لتصفية الشركة وإيقافها عن العمل تحت شعار الإصلاح من الجهات المعنية متمثلة بوزارة الصناعة والمؤسسة الهندسية ما خلق مشكلات اجتماعية واقتصادية للعمال وللبلد.  بينما الدكتور/نضال فلوح/ مدير عام المؤسسة العامة للصناعات الهندسية أوضح أن الهندسية ليست بصدد الاستغناء عن شركة بردى وإنما الفكرة الأساسية هي نقل العمالة الحالية والتي هي من دون عمل وبشكل مؤقت إلى شركات تابعة للهندسية وبحاجة إلى عمال مثل شركة الكابلات والتحويلية والإنشاءات و برغبة العامل وإرادته وليس هناك إجبار لأي عامل في عملية النقل أو الندب.
مسؤولية الإدارة
في حين أشار  أيهم جرادة عضو المكتب التنفيذي في اتحاد عمال دمشق أمين الشؤون الاقتصادية إلى أن الهدف الرئيسي من الإجراءات التي يقوم بها الاتحاد هو المحافظة  على الشركة وتحسين أوضاع عمالها لكن بالمقابل لا يجوز للعمال أن يأخذوا رواتبهم وهم جالسون في بيوتهم علماً بأن إدارة بردى هي من تتحمل مسؤولية بقاء عمالها من دون عمل فقد كان دورها بطيئاً وسيئاً إذ توقفت الشركة عن العمل منذ  سبع سنوات وليس فقط خلال سنوات الأزمة الثلاث وخلال تلك الفترة لم تقدم  أي شيء على أرض الواقع  مشيراً إلى أن اتحاد عمال دمشق جزء من الحل، ولكن من أجل المحافظة على الشركة فإننا نسير بخطين متوازيين الأول دعم الشركة ريثما تعود البنية التحتية لها والثاني توفير الإمكانات لتنفيذ الخطط الإنتاجية وتطويرها وإعادتها للحياة بحيث تنتج البراد  الجيد لكن هذا يحتاج ربما إلى سنوات لذلك فخلال هذه الفترة  لا يمكن أن يبقى عامل بردى في البيت يتقاضى راتبه بينما شركة مثل الكابلات تحتاج إلى الكثير من العمالة .
أولويات
أما كمال الدين طعمة وزير الصناعة فيقول في هذا الموضوع: إن  شركة بردى تعرضت إلى سرقة كل آلاتها وتجهيزاتها  حتى النوافذ والأبواب، فنحن نعيش حالة حرب كبيرة و لدى الحكومة أولويات أمام شح الموارد وضعف الإمكانات منها ما يتعلق بالوضع الأمني – العسكري وأخرى تتعلق بالأمن الغذائي والدوائي وكذلك المشتقات النفطية مبيناً أن  الحكومة تحتاج إلى خمسة مليارات ليرة لإعادة تأهيل شركة بردى كحد أدنى في حين خسارة الشركة مليار ونصف مليار ليرة من حيث قيمة الآلات وهذه قيمة دفترية عندما كان سعر الدولار 50 ل. س أما اليوم وقد أصبح سعره بـ 150 ليرة وأكثر فسوف يتضاعف المبلغ ثلاثة أضعاف من هنا تركز الحكومة على الأولويات الغذائية والأمنية أما بردى فقد تركت كأولوية إلى مرحلة لاحقة، موضحاً أن عمال الشركة لا ذنب لهم وليس بإرادة العامل التوقف عن العمل بل الظروف التي حلت بالشركة خصوصاً وبالبلد عموماً هي من أجبرته على ذلك، وبما إنه ليس لدى الوزارة أمل في المنظور القريب ولا المتوسط أن تقلع بردى مجدداً كان لا بد من البحث عن حلول منها ما أخذ به ومنها ما شكلت لجنة لدراسة هذه الحلول وكان من ضمن الخيارات  المطروحة نقل بعض العمال في بردى إلى جهات إنشائية وأن تخضع لدورات تدريبية وتتابع عملها  في تلك الشركات والخيار الآخر هو أن رواتب سنة كاملة تغطي تقاعد أربع سنوات حيث يدفع العامل 7% ورب العمل 17% ليصبح 24% وهو ربع الراتب تقريباً من هنا ارتأت الحكومة أن العمالة الكبيرة في السن إذا ما أحيلت إلى التقاعد المبكر فإنها تأخذ كامل حقوقها لكن بقي هذا الخيار مقترحاً وإلى الآن لم يؤخذ به قرار، لافتاً إلى أن كتلة الرواتب في وزارة الصناعة كبيرة جداً وفق الموازنة الجارية التقديرية لعام 2014 وتبلغ 23 ملياراً و300 مليون ليرة، بينما دمر /65/ معملاً وأصبحت خارج الخدمة، إذاً هل من المعقول أن تبقى الوزارة تدفع هذه المبالغ الكبيرة للعمال وهم من دون عمل، علماً بأن الوزارة لا تقبل أن  يمارس العامل عملاً لا يرغب به لكن في الوقت ذاته كما أن للعامل حقوقاً، عليه أيضاً واجبات فعندما يقول إنه لا يريد أن يغير شركته وهي متوقفة عن العمل فيكون غير منطقي في طرحه لذا نحاول نقل العمال إلى الشركات التي أوكل إليها البدء بإعادة الإعمار مثل / الشركات الإنشائية / وقد تم التعميم على دوائر الدولة في محافظات القطر جميعها التي تحتاج إلى عمالة بأن  تطلب من وزارة الصناعة وبعض الوزارات الأخرى التي لديها عمالة فائضة أيضاً بحيث تقوم الصناعة بانتقاء العمالة وبذلك يتم النقل وتنخفض كتلة الرواتب تدريجياً حتى تصبح ضمن إمكانات وزارة الصناعة حينها لا تضطر وزارة المالية لدفع رواتب العمال لأننا لا نريد أن نرهق الموازنة بأعباء نحن في غنى عنها.
في حين يرى أمين لجنة خدمات عمال بردى أن الاستمرار في نقل العمال سيؤدي حتماً إلى وقفها عن دورة الإنتاج وإخراجها من دائرة السوق فيما لو تم الإقلاع بالعمل لاحقاً كما تسعى لذلك إدارة شركة بردى الحالية من خلال إعلان المناقصات الداخلية والخارجية لتأمين مستلزمات الإنتاج والمضي مجدداً في دورة العمل وعمليات ما بعد البيع (الصيانة) لتأمين حاجة المواطنين والتي تضم شريحة واسعة من ذوي الدخل المحدود لطبيعة أسعارها التنافسية والذين ما زالوا يثقون بمنتج بردى ويستخدمونه.
وأضاف: لدى إدارة الشركة الحالية خطة استثمارية وإنتاجية وفقاً للمعايير العلمية والحاجة السوقية والجدوى الاقتصادية تم وضعها حديثاً عبر التواصل مع عدة شركات محلية لتأمين المواد الأولية اللازمة لإتمام العملية الإنتاجية وفقاً لعروض داخلية إذ إن دعمها يمّكن الشركة وعلى مسؤوليتها من تحقيق أرباح ترفد الخزينة العامة وتؤمن كذلك ابتداء من العام 2015 رواتب عمالها من ذاتها ومن دون مساعدة الجهات المعنية إضافة إلى أن بردى تلقت عروضاً من شركتي (سنشري) الماليزية وشركة (أوزلاتد) الصينية و يمكن الاستفادة من هاتين الشركتين وإعطاء بردى القالب الأساسي مفككاً وبذلك تصبح الصناعة محلية.  بينما يرد على هذا الكلام الدكتور فلوح بأن بردى لا تملك خطة إنتاجية أو استثمارية لأنه بالأصل ليس لديها خطوط إنتاج ولم يأتهم أي موافقة أو عروض من أي شركة خارجية كما تدعي الشركة وإنما هي مجرد دراسات وليس هناك شيء فعلي على أرض الواقع مؤكداً أن بردى قبل الأزمة كانت تمتلك كامل الإمكانات المادية والفنية وتدعم بأموال طائلة من المؤسسة العامة للصناعات الهندسية ورغم ذلك بقيت خاسرة ولم تحقق أي إنتاج بل على العكس كانت خسائرها تزداد بشكل كبير سنوياً لأسباب عديدة أهمها ضعف الإدارة آنذاك وطريقة الأداء السيئة وقد قامت الهندسية بتغييرها لكن لم يساعدها الوقت بسبب الأزمة التي حصلت في سورية.
متمسكون بالشركة
أما جرادة فقد أوضح أنهم متمسكون بشركة بردى رغم الظروف والخسارة التي منيت بها حيث كان هناك طرح بنقلها إلى شركة سيرونكس لكن اتحاد العمال رفض هذا الطرح معزياً بأن بردى صناعة حقيقية وقيمة مضافة توجد فيها صناعة البراد – الغسالة – كما إننا نحضر حالياً القطع المفككة  لتركيب الغسالات وهو بمنزلة حل إسعافي إلا أن هذه الصناعة لا تحتاج إلى عمالة كبيرة بحدود من 40- 50 عاملاً بينما تملك بردى 140 عاملاً لكن هذا الوضع المترهل التي آلت إليه الشركة تتحمل مسؤوليته جميع

سيريا ديلي نيوز - تشرين


التعليقات