بين وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية الدكتور خضر أورفلي أن حجم التحديات التي واجهتها سورية خلال السنوات الثلاث الماضية وما زالت كبيرة ، ومن المعروف أن اقتصاد أي دولة يتأثر إلى حد كبير بالأوضاع الأمنية والاجتماعية والسياسية التي تمر بها، والجميع يدرك تفاصيل هذه الجوانب التي تجتاح سورية منذ بداية الأزمة.‏‏

 

وقال أورفلي في حديث لصحيفة "الثورة": من خلال النظرة الواقعية لمجريات مسار الشأن الاقتصادي في سورية، يمكننا القول: إن الاقتصاد السوري نجح في تجاوز معظم التحديات التي أوجدتها الأزمة، لكن العقوبات المفروضة على سورية وصعوبات تحويل الأموال دفعتنا للتفكير بآلية يمكن أن تحل جزءاً من المشكلة وبالتأكيد هي ليست الحل الكامل لها.‏‏

 

من هنا تم اتباع أسلوب موجود أصلاً في التجارة الدولية وهو مقابلة سلعة بسلعة أخرى، وعليه اتجهنا إلى بعض الدول الصديقة حيث نعرض عليهم بعض المنتجات المتوافرة في سورية (الفوسفات- زيت الزيتون وغيرهما) لنقابلها باحتياجات السوق الأساسية كبعض المواد الغذائية والتحويلية، وقد ساهمت هذه الآلية في تأمين العديد من السلع التي يحتاجها المواطنون في حياتهم اليومية.‏‏

 

تتم عملية إدارة ملف المقايضة من خلال لجنة عليا مشكلة على مستوى الحكومة، كما أن هناك لجنة فنية مشكلة في وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية يرأسها معاون الوزير.‏‏

 

تضع هذه اللجان الخطة المتعلقة بالمقايضة وتحدد كميات وآليات التبادل ولديها ذراع تنفيذي وهو المؤسسة العامة للتجارة الخارجية.‏‏

 

ما زال أسلوب المقايضة جديداً وهناك رغبة أكبر لتطويره بحيث نتجاوز العقبات التي تعرض حسن تنفيذه، وتحل قسماً من شكاوى الراغبين بالعمل وفقه ولاسيما منهم تجار ورجال أعمال القطاع الخاص.‏‏

 

وحول جهود وزارة الاقتصاد في الآونة الأخيرة القيام ببعض المشاريع الاستراتيجية الجديدة مثل البيت السوري للتصدير وقرية الصادرات أوضح أورفلي بأن الوزارة تنطلق في مثل هذه المشاريع من معطى رئيسي وهو أنه مازال أمامنا الكثير مما يجب فعله على صعيد بيئة الأعمال والبيئة التصديرية بهدف تحسين المناخ الذي يعمل من خلاله المصدرون والمستثمرون في سورية. فقرية الصادرات هي مشروع مبتكر جديد يقوم على إقامة تجمع لعمليات الإنهاء والتعبئة والتغليف والكشف وتدقيق المواصفات وضمان الجودة وغيرها من الخدمات اللوجستية كخدمات النقل والتمويل والاستشارات الفنية للمنتجات الزراعية، ومن ثم تصدير منتجات القرية تحت اسم تجاري سوري أصيل، وسيكون للقرية فوائد كبيرة في تخفيف التكاليف عن المتعاملين معها، وزيادة العائد بالنسبة لهم.‏‏

 

تقوم هيئة تنمية الصادرات بالتعاون مع اتحاد المصدرين السوري باستكمال إجراءات إحداث القرية حيث تم حالياً تحديد الموقع والمكان المحدد لهذا الغرض وهناك إجراءات إدارية أخرى مطلوبة.‏‏

 

أما البيت السوري فهو مشروع متعدد الجوانب (ثقافي- تجاري) يقوم بشكل أساسي على إقامة بناء بطبيعة عمرانية سورية تحوي مجموعة من الخدمات (معرض دائم- صالة بيع- مطعم مأكولات سورية- قاعات متعددة الاستخدام- مكاتب إدارية خدمية للاستثمار والسياحة والإحصاء وغيرها) بهدف تشجيع الصادرات السورية إلى بلاد مختلفة عبر هذا البيت.‏‏

 

المشروع الأول سيكون في إيران وتتم أيضاً خطوات استكمال تحديد المساهمين في المشروع من خلال هيئة تنمية وترويج الصادرات واتحاد المصدرين السوري.‏‏

 

وأخيراً ختم أورفلي بأن الكثيرين مذهولون من حجم الصمود الذي يعيشه الاقتصاد السوري وربما يأتي هذا الاستغراب من وعي المتابعين لحجم الأزمة التي تمر بها سورية، وكيف أن دولاً عاشت ظروفاً صعبة ولكن أقل من التي نواجهها ومع ذلك تدهور اقتصادها ومعيشة سكانها إلى الحدود الدنيا.‏‏

 

لكن يمكن أن نلمس العديد من المبررات، يأتي في مقدمتها الإحساس الكامل بالمسؤولية لدى المواطن السوري الذي يعود له الفضل في صمود بلده واقتصاده، حيث أثبت هذا الإنسان السوري أنه قدوة تحتذى في مجال مواجهة الصعاب والتحديات وفي مجال محبة الوطن والتفاني في سبيله.‏‏

 

كما أن صمود جيشنا وخلق حالة من التماسك اللافتة دائماً دافعاً لدى الكثيرين لكي يشعروا بالثقة والاطمئنان إلى صورة المستقبل.‏‏

 

لا يمكن بأي شكل أن ننسى أن مؤسسات الدولة السورية وقطاعاتها الإنتاجية استمرت بالعمل بكل جد فكانت هي الأخرى سبباً في حالة الاستقرار الاقتصادي إلى أكبر حد ممكن.‏‏

 

ليأتي موقف بعض الدول الصديقة ويشكل عاملاً إضافياً على الجانب الاقتصادي وليكون بدوره سبباً في دعم الاقتصاد السوري.‏‏

 

إذاً يمكن أن نخلص إلى القول: إن صمود الاقتصاد السوري في فترة الأزمة يعود إلى جملة من العوامل الداخلية والخارجية التي تفاعلت مع بعضها في ظل إدارة حكومية كفؤة تمكنت من زيادة فعالية نقاط القوة المتاحة والاعتماد عليها.‏‏

 

Syriadailynews


التعليقات