مع استمرار رئاسة الوزراء بـ(احتجاز) المؤشرات الإحصائية الرسمية في خزائن مكاتبها، وحجبها عن الرأي العام المحلي الذي له كل الحق في معرفة حقيقة الأوضاع الاقتصادية وتطورها وما قادت إليه إجراءات الحكومة من نتائج إيجابية وسلبية، تحضر التقديرات الإحصائية غير الرسمية سواء المحلية منها أو الخارجية لتحظى بالاهتمام، ولتشكل القاعدة البيانية للأبحاث والدراسات المعنية بالأزمة السورية، ويجب ألا نستغرب إذا كانت بعض الجهات العامة تعتمد عليها أيضاً.

 

بالأمس صدر متأخراً التقرير الاقتصادي العربي للعام 2013، والذي رصد بالأرقام والبيانات، المعتمدة في إنتاجها على مصادر متعددة، الأوضاع الاقتصادية للدول العربية إفرادياً وجماعياً.

 

يؤكد التقرير أن "تفاقم الاوضاع السياسية وتأثيرها على الأداء الاقتصادي في سورية أدى، إضافة إلى تأثير الحظر الأوروبي على الصادرات السورية من النفط، الى تراجع حاد في كل من الصادرات السلعية والواردات السلعية، الامر الذي نتج عنه ارتفاع العجز في الميزان التجاري ليمثل نحو 13.5%من الناتج المحلى الإجمالي خلال عام 2012 مقابل 12.1% مسجلة في العام السابق 2011".

 

وتبعاً لبيانات التقرير المتعلقة ببنود ميزان المدفوعات، فإن الصادرات السلعية السورية لم تتجاوز في العام 2012 أكثر من 3.8 مليارات دولار، بعدما كانت في العام 2011 قد سجلت نحو 10.2 مليار دولار وفي العام 2010 نحو 12.2 مليار دولار، وكذلك الأمر بالنسبة للواردات السلعية التي بلغت في العام 2012 نحو 10.7 مليارات دولار، فيما كانت قيمتها في العام 2011 نحو 17.5 مليار دولار، وفي العام 2010 نحو 15.9 مليار دولار.

 

ويشير التقرير إلى أنه في الدول العربية التي شهدت "تحولات سياسية، فقد حققت جميع دول المجموعة ارتفاعاً في الفائض المسجل في صافي التحويلات، حيث سجلت كل من اليمن ومصر وسورية وتونس زيادة في فائض صافي التحويلات بنسب بلغت 155.7% و30% و23.7% و11.1% على الترتيب، كمحصلة لتصاعد كل من صافي التحويلات الحكومية والخاصة (التي تتمثل اساسا في تحويلات العاملين بالخارج) في معظم تلك الدول.."، وحسب البيانات المنشورة فإن صافي التحويلات إلى سورية ارتفع بشكل ملحوظ خلال العام 2012 ليسجل نحو 1.035 مليار دولار مقارنة بنحو 837 مليون دولار في العام 2011 ونحو 949 مليون دولار في العام 2010.

 

وفي السياق ذاته، يقدر التقرير أن نسبة التراجع في الاحتياطيات الخارجية الرسمية لسورية وصلت إلى 67.8%، إذ أنه قدر حجم الاحتياطيات السورية بنهاية العام 2012 بنحو 5.469 مليارات دولار وتغطي مستوردات 6.1 أشهر، مقارنة بنحو 16.99مليار دولار في العام 2011 وكانت تغطي مستوردات 11.6 شهراً، ونحو 18.488 مليار دولار في العام 2010 وكانت تغطي مستوردات 13.9 شهراً.

 

وتكشف بيانات التقرير عن أن "صافي التدفق للداخل في الحساب الرأسمالي والمالي في سورية تحول الى صافي تدفق للخارج بلغ نحو 4.6 مليار دولار خلال عام 2012 نظرا لظروف استمرار الازمة السياسية التي تشهدها البلاد".

 

من المؤشرات والتقديرات الكثيرة التي تضمنها التقرير السنوي ما يتعلق بالإيرادات والانفاق العام، إذ أكدت البيانات أن إجمالي قيمة الإيرادات العامة والمنح في سورية بلغ عام 2012 نحو 9.7 مليارات دولار بنسبة تغيير قدرها -13.2% مقارنة بالعام 2011 الذي سجل نحو 11.2 مليار دولار، فيما كان الإجمالي في العام 2010 نحو 12.8 مليار دولار.

 

وفيما يتعلق بالإيرادات البترولية فإنها سجلت في سورية خلال العام ما قبل الماضي نحو 596 مليون دولار بنسبة تراجع عن العام 2011 قدرها 39.9%، فيما حافظت الإيرادات الضريبية وفق التقرير على حالها مع نسبة تراجع بسيطة، فقد كان إجمالي الإيرادات الضريبية في العام 2012 نحو 4.2 مليارات دولار وتراجعت بنسبة 8% فقط مقارنة بالعام السابق والذي سجل إيرادات ضريبية بقيمة 4.6 مليارات دولار، وفي العام 2010 كانت نحو 4.7 مليارات دولار.

 

أما فيما يتعلق بالصادرات النفطية السورية، فالتقرير يوضح أنها كانت صفراً في العام 2012 ونحو 2.9 مليار دولار في العام 2011 ونحو 6.6 مليارات دولار في العام 2010.

 

ولجهة الإنفاق العام، فالتقديرات تشير إلى ارتفاع واضح في إجمالي الإنفاق خلال السنوات السابقة من 15.4 مليار دولار في العام 2010 إلى 16.6 مليار دولار في العام 2011 فنحو 18.1 مليار دولار في العام 2012.

 

ربما يحوي التقرير على بيانات إحصائية خاصة بسورية غير دقيقة وتحتاج إلى تصحيح، إنما التقرير يوفر للاقتصاديين الحكوميين والباحثين فرصة لقراءة تأثير التحولات السياسية التي شهدتها المنطقة العربية خلال السنوات السابقة على الأوضاع الاقتصادية القطرية والعربية، وسبل الاستفادة منها في صياغة توجهات وسياسات تعكس المصلحة القطرية والعربية، لاسيما وأن تلك التحولات أفرزت تحديات اقتصادية عميقة مختلفة، فالدول التي دخلت التحولات تشهد تأثيرات اقتصادية سلبية عميقة، والدول التي لعبت دوراً ما تأجيج هذه التحولات شهدت هي الأخرى متغيرات اقتصادية قد لا تكون على المدى البعيد في مصلحتها القطرية.

 

هامش: ما سبق نشر في تقرير اقتصادي عربي، وإذا كانت تلك البيانات لا تعجب البعض في الحكومة، فعلى الأقل انشروا لنا مؤشرات تعتقدون أنها تمثل دليلاً على "التعافي المبكر".

Syriadailynews - Baladnaonline


التعليقات