يعقوب مراد صحفي وكاتب وباحث اجتماعي سوري الأصل؛ عمل في الصحافة السورية واللبنانية والأردنية والسويدية وشغل منصب مدير مكتب مجلة ألوان بدمشق. ارتبط بصداقات كثيرة بالوسط الفني والثقافي مع نجوم الفن العربي في الشرق الأوسط حتى أطلقت عليه الفنانة نبيلة النابلسي: صديق الفنانين المثالي..
والممثل عباس الحاوي أطلق عليه لقب عرّاب المحبة؛ ولكنه يفضّل لقب السوري لأنه سوري من فجر التاريخ وقبل كل الديانات. أسّس مدرسة بصحافة الندوات المباشرة حتى منتصف الثمانينيات حيث غادر إلى السويد حاملاً الوطن في روحه؛ ورغم كل سنوات الاغتراب إلا أنه مازال يردد دائما: أنا أفضل لقب السوري، ولن أنتمي إلا لسورية الأبيّة التي غادرتها منذ أكثر من ربع قرن؛ ولكنها لم تغادرني ربع يوم.
 
? المهمة اليوم أصبحت صعبة أمام إظهار صورة العربي،  فهناك تشويه مزدوج من الإعلام الأجنبي ومن العربي المقيم بالسويد؟
أمام كل هذا التشويه يبقى المثقف العربي المختص طبعاً أمام مهمة مستحيلة لتحسين صورة العربي بشكل عام وبلده بشكل خاص؛ ولهذا ليس أمامه إلا وسائل حضارية كالمحاضرات والندوات والرحلات والمناسبات وإنشاء علاقات اجتماعية وشخصية مع شخصيات سويدية لها اسم ونفوذ سياسي أو إعلامي أو فني أو حزبي من أجل التعريف بحقيقتنا الإنسانية ومد جسور تواصل؛ ودعم دورات تثقيفية ودعوة فنانين سوريين لعرض إنتاجهم الفني والكتابة بشكل مستمر باللغة العربية والسويدية.
 
? وماذا فعل يعقوب مراد بهذا الخصوص خلال ربع قرن من الزمن بالسويد؟
بما أنه قُدّر لي أن أكون بعيداً عن وطني؛ واخترت العيش في السويد لأسباب تخصني.. كان لابد أن أستفيد من إيجابيات هذا البلد ومن إيجابيات ثقافتي السورية والسويدية لتكون لي بصمة خاصة بامتياز.. ولهذا من البداية سعيت إلى تأسيس جمعية أصدقاء سورية سنة 1990. في محاولة لجمع السوريين في تجمع يتعرفون ويتواصلون من خلاله فيما بينهم؛ وكنت أول من استورد المعلبات والمأكولات والنحاسيات السورية للسويد، وأسّست مجلة الشروق التي كانت توزع مجاناً وكانت باللغة العربية والسويدية وتضم أخبار الوطن السياسية والفنية والاجتماعية، وأبواب ثابتة علمية وأدبية وفنية للرد على أسئلة المغتربين ومساعدتهم في الوقت الذي لم يكن لسورية سفارة بالسويد؛ وكنا نغطي تكاليف طباعتها وتوزيعها من خلال إعلانات التعريف بشركات السياحة والسفر والشركات السورية في سورية وبالسويد وكنا نحرص في كل عدد على التعريف بمنطقة أو مدينة في سورية؛ وعملت على إنشاء تجمع ناد وتجمع نسائي واستطعنا إيصال السيدة جانيت صليبا إلى مجلس البلدية وأصبح لنا مكانة واهتمام من الأحزاب السياسية التي أصبحت تزورنا لتشرح برامجها وتطلب الانضمام إليها، وبعد ذلك بدأتُ بتعهد حفلات لفنانين سوريين وعرب في المدن السويدية، ومازلت أذكر أول جائزة تكريم من مجلس بلدية المدينة التي أقيم فيها لما أفعله من أجل مد جسور التواصل مابين المغترب ووطنه من جهه ومابين المغترب والوطن الجديد وكان ذلك في حفلة كان نجمها المطرب جهاد الأمير الذي حصل على جائزة أيضاً والمطربة السورية الشهيرة في عالم الاغتراب جوليانا جندو، وهكذا استطعت الوصول لأكبر عدد من الجالية السورية وانضمامهم لجمعية أصدقاء سورية التي بدأت تستقطب السوريين في عموم أوروبا وبعض الشخصيات السويدية التي بدأت تتفهم وتتعاطف معنا وتساعدنا في مساعدة السوريين الذين يعانون من متاعب قانونية أو مشاكل عائلية وغيرها؛ ولعل اليزابيت وتوماس وفريدريك ودانييل الذي كرمني وأطلق عليّ اسم طارق بن زياد السوري بالسويد؛ وغيرهم من الذين سبق وكتبت قصص أعمالهم والتي ستصدر قريباً بكتاب يحمل اسم عراب المحبة
 
? ما أكبر مشكلة كانت تقلق السوري بالسويد؟
أكبر مشكلة بصراحة.. كانت مشكلة السوريين الذين ولدوا بالسويد أو غادروا سورية صغاراً مع أهلهم ولم يؤدوا خدمة العلم؛ ويرغبون بمد جسور التواصل مع الوطن وبزيارة سورية بلد الأجداد والتعرف إلى الأهل وإعادة صلة الرحم.. وهذه المشكلة تم السعي لها من خلال جهود بطريرك السريان الذي حصل على موافقة السيد الرئيس حافظ الأسد رحمه اللـه الذي قال عبارته الشهيرة: هذا وطنكم وأنا لا أمن عليكم بشيء هو بالأصل لكم.. وأصبح هناك ما يسمى بالرابطة السورية التي أصبحت جسر تواصل مابين سورية والاغتراب، وكان لهذه الخطوة أثر إيجابي بشتى النواحي في عودة المغتربين لحضن الوطن، وتسوية أوضاعهم، ودعم الاقتصاد الوطني باستقطاب رؤوس أموال السوريين المغتربين وإنشاء مشاريع تجارية وصناعية وسياحية مع إصدار القانون 10 الذي سهل الاستثمار وشهد طفرة كبيرة بالاقتصاد الوطني السوري.
 
? كيف يمكن للمثقف أن يساند وطنه في أزمته، وما دوره في تعزيز الوحدة الوطنية بين الجميع؟
الأزمة السورية أو الحرب الكونية على سورية كشفت أقنعة كثيرة؛ فثمّة شخصيات كنا نعتقد بأنها وطنية ولكنها خيّبت الآمال للأسف، وثمة شخصيات كانت مفاجئة بالوطنية بكل معنى الكلمة.. فشهدنا تضافر جهود كثيرة من أجل تنشيط الندوات والمحاضرات والمسيرات والاعتصامات وزيارة الأحزاب والمدارس والجامعات وتنظيم رحلات تضامن إلى سورية؛ وعرض وثائق وأفلام وثائقية ونشر صور ما خلّفه الإجرام الوهابي في سورية، وهبّ كل إنسان من موقعه ليكون ناشطاً سورياً من خلال صفحات التواصل الاجتماعي والانضمام إلى صفحات ومواقع لتكذيب الأخبار الكاذبة ونشر الحقائق بثلاث لغات العربية والسويدية والإنكليزية.. وأنا شخصياً منذ بداية الحرب وتحديداً في نيسان 2011 توجهنا إلى العاصمة السويدية ووقفنا بمسيرة تضامن أمام السفارة السورية وصرحت لوسائل الإعلام لما يجري في بلدي؛ وسافرت مباشرة إلى سورية وتحدثت من خلال وسائل الإعلام المرئية والمكتوبة وفضحت كيفية محاولة تجنيدي والانضمام للمعارضة، وعملت عدة لقاءات ومحاضرات توجت بحفل تكريمي في بلدي محرده.. وفي دمشق القديمة التقيت بمجموعة شباب وصبايا متحمسين وناشطين وتم تأسيس أول صفحة على الفايسبوك تحمل اسم جمعية أصدقاء سورية، ثم توالت صفحاتي الوطنية والتي حملت أسماء: جمعية أصدقاء سورية. وكلنا لأجل سورية. ومواقف مشرّفة. وسورية مهد الإنسانية. وياسمين الشام. وعرّاب المحبة. ويعقوبيات، وتمّ دمجها تحت اسم اتحاد المجموعات الوطنية والتي أصبحت تضم أكثر من عشرين ألف صديق ومجموعة ناشطة من الأدمن والمراسلين في المحافظات السورية ترصد وتنشر وتوضح الحقائق، واختيار الأنسب لنشرها والحديث عنها في مقابلاتي الإذاعية وللصحف السويدية، وأصبح للاتحاد جائزة تكريم شهرية تقدم لكل إنسان سوري له مواقف وطنية مشرّفة، وهناك تنسيق وتعاون بيننا وبين الوطن لمتابعة كل التطورات وحاليا نحضر لحملة دعم في عموم السويد لموضوع الانتخابات الرئاسية في سورية. كما أنتجت على حسابي الخاص أغنيتين للوطن والشهيد.. الأغنية الأولى كانت للوطن وتحمل عنوان: سورية حلم بتضل للمطربة هويدا يوسف؛ والأغنية الثانية للشهيد السوري وتحمل عنوان: ويبقى الوطن قنديلاً للمطربة حلا نقرور.. باختصار يا صديقتي: السوري المغترب عينه وقلبه وصلاته هذه الأيام سورية.. لذلك يشعر حين تلبسه الغربة وحيداً؛ تهبط عليه بمطرقة الحزن على سندان الشوق، فتتطاير شرارة الحب من بينهما؛ وتحرقه؛ فيهطل الحنين الغافي من عيونه.. مطراً مرّ الطعم!..
 
? كنت ممثل سورية الوحيد في مهرجان سبيطلة الدولي، ماذا عن هذا المهرجان، ولم منع الفنانون السوريون من حضوره؟
لقد تحدثت كثيرا عن هذا الموضوع؛ وباختصار شديد: تلقيت دعوتين لحضور مهرجان ربيع سبيطلة الدولي في دورته الثالثة عشرة واحدة من مدير المهرجان عدنان الهلالي والثانية من رئيس نادي ربيع سبيطلة الدولي الفنان ممدوح الأطرش الذي تحدث معي وأكد لي أن الوفد السوري سيضم الفنانة فاديا خطاب نقيبة الفنانين السوريين والموسيقي هادي بقدونس والمخرج رفعت الهادي بالإضافة إلى ممدوح الأطرش وأنا، وتمنى عليّ أن أقبل الدعوة وأحضر لنكون صوت سورية في تونس ولنحمل الياسمين الدمشقي ونرفع العلم السوري في مسيرة الزهور، ونثبت حضورنا وخاصة أن مدير المهرجان أصرّ على دعوتنا رغم اعتراض الحكومة التونسية التي لا تريد قدوم وفد سوري يمثل الحكومة السورية. ووافقت وبعثت بموافقتي.. وبعد ذلك عرفنا بأن السفارة التونسية لم تمنح الوفد السوري فيزا؛ ولكن قبل يوم من سفري اتصل بي المخرج ممدوح الأطرش وقال بأن السفارة التونسية اتصلت به وأن الفيزا بانتظاره.. وإننا سنلتقي بتونس؛ وفي الموعد المحدد وصلت تونس لتكون أول مفاجأة لي: الفنان ممدوح الأطرش تعرض لعملية خداع ولم يجد فيزا واضطر للعودة إلى دمشق؛ ووجدت نفسي وحيدا في تونس.. فقررت العودة مباشرة إلى السويد.. وبناء على اتصالات مع مدير المهرجان والمخرج ممدوح الأطرش الذي أصر أن أبقى وأشارك وفوضني كونه رئيس نادي المهرجان بأن أحل محله وأمثل الوفد السوري وأعقد مؤتمراً صحفياً وأشرح كل شيء.. وبعد اتصالي بالجهات المعنية قررت البقاء وشاركت بمسيرة الزهور حيث فوجئت بدعم الأحزاب التونسية المعارضة التي جاءت تحمل العلم السوري وكادر السفارة الفلسطينية بكامله بما فيهم السفير الفلسطيني في تونس وعباس زكي عضو الهيئة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وغيرهم وحملنا العلمين السوري والفلسطيني وكان حفل الافتتاح في مسيرة الزهور في شارع الحبيب بورقيبة أكبر شوارع العاصمة التونسية حدثاً كبيراً وانتصاراً رغم المنع المُتعمّد من أجل عدم رفع العلم السوري، ولكن ما لم يحسبوا حسابه الاختراق الذي تم تحقيقه ومشاركتي لأنني أحمل جواز سفر سويدياً، وهكذا كنت الممثل السوري الوحيد، وكانت سيريا ديلي نيوز هي الوسيلة الإعلامية السورية الوحيدة التي واكبت المهرجان بتغطية إعلامية يومية مميزة، في حين تجاهلت وسائل الإعلام السورية المهرجان.. وكل الذي تحقق بمجهود فردي وعلى نفقتي الخاصة وكان كل هدفي أن يكون لسورية حضور مميز في هذا الوقت العصيب والصعب. ويبدو أن كلامي لم يعجب مدير المهرجان خاصة تصريحاتي لوسائل الإعلام التونسية واستغرابي منع وفد فنانين وإعلاميين سوريين قادمين مع الياسمين لنشر المحبة والثقافة في حين أ، الإرهابيين والسلفيين التونسيين يدخلون بلدي سورية ليمارسوا جهاد النكاح واستغربت لماذا يحتاج العربي إلى فيزا ليدخل بلداً عربياً شقيقاً في حين الأوروبي والعربي الذي يحمل جواز سفر أوروبي يدخل كما يشاء من دون فيزا.. وتجلى ذلك في كل المضايقات التي تعرضت لها؛ وخاصة أن المهرجان كان في سبيطلة والقصرين وجبل الشعانبي معقل الإرهابيين والسلفيين حيث حملت جائزة التكريم وقلت في كلمة: جئت إلى هنا أحمل الياسمين والمحبة، وكنت أتمنى وجود الوفد السوري بكامله هنا إلا أنهم لم يحصلوا على فيزا للأسف؛ ورفعت صوتي عالياً وتابعت كلامي: وأقول للإرهابيين الذين يسمعون كلامي الآن وهم على بعد مئات أمتار فقط في هذا الجبل أنا السوري جئت إليكم بوضح النهار وسلاحي الكلمة الطيبة وشعاري المحبة في حين أنتم تتسللون لوطني خلسة كخفافيش الليل وسلاحكم القتل والخراب والاغتصاب وجهاد النكاح، وأُبشّركم أن من ذهب لوطني لن يعود، ومن سيذهب لن يعود أيضاً، فسورية مقبرة كل إرهابي ومجرم وقاتل.. فاقترب مني مدير المهرجان وهمس غاضباً بأني تجاوزت حدودي وأني سيّست المهرجان. فقلت له: أنتم الذين سيّستُم المهرجان حين تدخلت السياسة ومنعت مشاركة الفنانين السوريين، وهذا قوس النصر الذي منحني إياه المهرجان لا يستحقه إلا الجندي السوري الذي يحقق النصر.. وكلمتي التي جئت من أجلها قلتها والسلام.. وغادرت. ومازالت تفاعلات القضية مستمرة حتى الآن؛ إلا أنني لا أستطيع إلا أن أُكنّ كل الاحترام للحفاوة والتكريم وللمحبة التي غمرني بها كل التونسيين الذين التقيت بهم.
 
? في حضن الشيطان سلسلة تكتبها في الديلي نيوز، ماذا عنها..؟ الكثير يتساءل هل هي وثائقية خاصة؟!
ضمن زاوية- يعقوبيات مغترب- ينشر الآن وحصرياً سلسلة-في حضن الشيطان- في سيريا ديلي نيوز، والتي أتشرّف كوني مدير مكتبها بالسويد والدول الأسكندنافية. بعد توقُفْ صحيفة الرأي السورية التي كانت تنشر لي والتي كنت ومازلت أعتبرها بيتي الذي أحب؛.. في حضن الشيطان هي دراسة وبحث وتحقيق قمت به شخصياً بمساعدة اللوبي العربي بالسويد، وأقصد ناشطي جمعية أصدقاء سورية وأخصّ بالذكر البرفسور توماس والبروفسور فريدرك والناشطة إليزابيت؛ وأحب أن أؤكد بأن كل ما كتبته هو ما لمسته فعلاً بيدي؛ ورأيته بعيني؛ وسمعته باذني؛ وكل الشخصيات التي وردت بالرواية التقيتهم في السويد وتركيا واليونان وقبرص والدانمرك وألمانيا واستغرق ذلك وقتا طويلا حتى استطعت أن أصل لكل هذه المصادر التي أستطيع نشر بعضها بالأسماء والتواريخ والباقي يبقى بشكل سري حفاظاً على أرواح من غامر وكشف وثائق هامة، وروى ما جرى معه، وعلى فكرة أنا لست كاتب فانتازيا أو كاتباً خيالياً أجلس على طاولة وأتخيّل وأكتب.. لا أنا لم ولن أكون كذلك أبداً.. أنا كاتب اجتماعي وكل ما كتبته في حياتي قصص حقيقية عشتها وأعرف أصحابها..
 
? ما كلمتك الأخيرة؟.
تمنياتي أن نحتفل قريباً بالنصر، وعودة الأمن والأمان والسلام لوطني سورية مهد الإنسانية.. ووصيتي كتبتها: أولادي الأعزاء: لو جاء يومي الأخير، وشعرتم بأن قلبي سيتوقف عن الخفقان، ولمستم عجز الأطباء، وسلموا أمري لله، وآن الأوان أن تودعوني الوداع الأخير.. وصيتي لكم: أن تهمسوا في أذني؛ وتذكروا اسم الشام على مسامعي؛ وتدعوني أشم عبق ياسمين الشام التي زرعتها في شرفتي؛ وأعدكم بأن روحي ستعود إليّ؛ وقلبي سيخفق من جديد، لأن الشام روحي، وتذكروا دائماً بأني أحبُّ الشام وأحبكم...

سيريا ديلي نيوز - وسام حمود -الوطن


التعليقات