أوضح المدرس في كلية الاقتصاد جامعة دمشق قيس خضر أن النظرية الاقتصادية تميّز بين مفهومين للمنافسة أحدهما يسمى بالمنافسة البّناءة وهي التي عوّلت عليها بشكل خاص النظرية الاقتصادية الغربية في الترويج للمدرسة الليبرالية التي لاتزال تحكم الفكر والواقع في الاقتصاد الغربي المتطوّر والمتقدّم حتى الآن وفي الجانب الآخر ثمة منافسة تسمى بالمنافسة المدمرة والتي تشي بالاقتتال والصراع بين قوى الاقتصاد والسوق في سياق السعي لتحقيق المنفعة الخاصة وفي هذا الصراع تسحق الكثير من إمكانيات المجتمع تحت جشع الساعين لتعظيم أرباحهم الخاصة.‏

 

وفيما يخص الاقتصاد السوري فان المحلل الاقتصادي سيقف مآخوذاً بتعدد وتشعّب الأنظمة التي يمكن أن يستقرأها من السوق السورية متراوحة بين أقصى اليمين التنافسي وأقصى اليسار الاحتكاري، فاقتصاد المنافسة ليس جيداً أو سيئاً بحدّ ذاته فهو كالسكين بحدين إذا أحسن استخدامه كان حسناً وإذا أسيء استخدامه كان ضاراً.‏

وفي السوق السورية يقول خضر بحسب صحيفة "الثورة" يجب الإقرار بأن المنافسة في المفهوم الاقتصادي يجب أن تكون فضيلة بين رذيلتين فلايجب أن تكون المنافسة فوضى واقتتال تسوق إلى نشوء قوة تدميرية في بنى الاقتصاد وقد يكون في الإنتاج الزراعي غير المنظّم وغير المدروس حالة يمكن أن تقارب هذا المفهوم فكلنا نلحظ مثلاً زيادة كبيرة في إنتاج نوع معين من المحاصيل الزراعية كالحمضيات والخضروات وإنتاجها بغزارة في موسم معين وانخفاض أسعارها بشكل كبير إلى حدّ أن تترك للتلف دون جنيها وهذا بالطبع إتلاف لجزء من ثروة البلد واقتصاده.‏

 

أما الوجه الآخر السيئ للمنافسة فهو مايعرف باحتكار القلّة بوصفه تنافسياً يقوم بشكل خاص على المنافسة الظاهرية واقتسام السوق ضمنيّاً بين مجموعة من المحتكرين بما يمنع نشوء المنافسة الحقيقية والتي تعتبر من أهم الشروط الصحيّة لإقامة اقتصاد تنافسي فعال.‏

 

وحول الرؤى المستقبلية لتوجه الاقتصاد السوري في المستقبل يقول خضر إن التوجه المطلوب للاقتصاد السوري يكمن في تفعيل النظام التنافسي وأن يكون محكوماً بالانضباط المجتمعي وهذا يعني رقابة عامة أو حكومية على رأس المال الخاص الذي أثبت خلال الأزمة أنه لم يكن بشكل عام أميناً على مصلحة المجتمع السوري فقد كان شريكاً حصرياً في الأرباح وقد كان جباناً بامتياز عند وقوع الخطر والأزمة‏.

 

رأس المال السوري لم يصل بعد إلى درجة من التطور الفكري والانتمائي بحيث يعطى كل الحرية في إدارة السوق السورية ومن هنا كان لابد من إعادة الضبط الحكومي لإيقاع السوق السورية ولحدود المنافسة فيها لأن أبرز المشكلات التي واجهت الفريق الاقتصادي خلال الأزمة إنما نشأت عن تراجع القطاع العام خلال العشر سنوات الاخيرة وإطلاق يد القطاع الخاص في إدارة الاقتصاد السوري، ومن هنا لابد من أن يكون القطاع العام منافساً وفي قلب السوق مع القطاع الخاص وأن لايكتفي بدور الموجّه والمراقب فلديه بالطبع كل المؤهلات التي تؤهله وتسمح له بلعب دور أكبر.‏

 

التعليقات