سيريا ديلي نيوز

مكافحة الفســاد الاقتصادي من خلال تـقييد السـلوك التجاري المنحرف

لا شـــك أن المســـتفيد الأول من ارتفاع ســعر الصرف هم أصحاب البضائع المخزنة و الذين حاولوا عن طريق غرفة التجارة و الصناعة إقناع الحكومة و خاصة وزارة التجارة و التموين بالتراجع عن قراراتها الاســتثنائية فيما يتعلق بالتســعير المركزي للمســتوردات و المنتجات من خلال تحديد هامش ربح الجملة و المفرق ، و قراراتها فيما يتعلق بالتســعير الإداري بتحديد ســعر المســتهلك النهائي ، و أمام إصرار الجهات الرســمية على محاولة ضبط الأســعار و تحديد الأرباح في ظل ظروف الحرب الحالية و الفقر ،فقد لجأ بعضاً من كبار التجار و من خلف الســتار إلى خلط الأوراق من خلال اســتغلال موجة الهاون الأخيرة في المضاربة على رفع سـعر الليرة السـورية في الســوق السـوداء ، و بالتالي تصبح قرارات الحكومة فيما يتعلق بالتسـعير المركزي و الإداري مفرغة من مضمونها . في هذه البلاد على الرغم من صغر حجمها هناك الكثير من الفســاد الأخلاقي التجاري المنعكس على نوعية و تسـعير البضائع ، و هذا الصراع مع التجار الفاســدين لن يكون ســهلاً على الحكومة الحالية ، فالنفوذ المالي للبعض خلال العقد الماضي قد اســتطاع اختراق العديد من الفاســدين في أجهزة الدولة لتصبح العملية مزدوجة و التحالف قوي ، و من المفترض أن تقابل الحكومة هذه المراوغات التجارية في مزيد من التشــدد ، لأن المقصود من العملية إحباط الجهود الإصلاحية فيما يتعلق بالتســعير و الضرائب الحقيقية و السـعر الاسـتهلاكي ، فالتاجر الفاســد لا يريد دفع ضرائب الأرباح و لا تحديد أرباحه و لا محاســبته على جودة البضاعة بل يريد الحرية التجارية الفاســدة على مصراعيها ، و هذا ما لا يناســب الوضع الاقتصادي للبلاد أولاً و الوضع الشـرائي للمواطنين ثانياً و المشـروع الإصلاحي الحكومي ثالثاً . بالتأكيد لا يمكن إطلاقاً أن نتجاهل الاســـتغلال المروع الذي قامت به مئات من الشــركات التجارية الكبرى ناهيك عن أســماء تجارية كبرى لبرنامج الحكومة في تمويل المسـتوردات منذ ســنتين بسـعر تشــجيعي أقل من سعر الســوق ، فتحول هؤلاء من مســتوردين إلى تجار عملة و تم تهريب مئات الملايين إن لم يكن مليارات الدولارات بهذا الاســتغلال و الحرية العبثية الذي تمتع بها التاجر بالفترة الماضية فقام باســتغلالها أبشـع اســتغلال . و في هذا الوقت إن لم يكن يريد التاجر أن يســاهم في دعم الوطن من خلال تقييد ســلوكياته التجارية المنحرفة ، فلن تكون الشــدة الحكومية إلا في المعيار التصاعدي طالما أنّ هناك الكثير من التجار ما زال يتعامل بالأســلوب البراغماتي في هذا الوقت الحرج و يتناسـى مقدار اســـتفادته من القرارات الحكومية في أوقات الرخاء السـابقة . بالمقابل على المســتهلك ألا يتفاعل مع مســألة ارتفاع الأســعار المفاجىء بمزيد من الطلب ، بل عليه أن يبدأ في عملية الاســتغناء عن المنتجات التي يعمد أصحابها إلى رفعها مباشــرة كنوع من الضغط المقابل من جهة الطلب ، فعملية العرض و الطلب مازالت تعمل في الســوق السورية رغم العوامل المعطلة لوضع المنافســة الكاملة الموجودة بحكم العوامل الراهنة .

سيريا ديلي نيوز


التعليقات