نظمت جمعية العلوم الاقتصادية ندوة للحديث عن ارتفاع الأسعار في السوق ومقترحات لمواجهة لهيبها، وبيّن نائب رئيس مجلس إدارة جمعية العلوم الاقتصادية السورية غسان القلاع أن مشكلة ارتفاع الأسعار بدأت مع قرار تعليق الاستيراد، وقال: أنا مع حرية الاستيراد  ولكن حينما نطالب الحكومة بإتباع هذا النهج لابد من تفهم واقع القطع الأجنبي في البلد، وأنا فعلاً أتساءل كيف يؤمن مصرف سورية المركزي مليون يورو بالأسبوع لتمويل المستوردات؟.

 

وأشار القلاع إلى وجود قرارات أخرى لضبط الاستيراد لم تدرس كما يجب، فالتجار لجؤوا للتحايل على برنامج ترشيد الاستيراد ما أدى لتهريب المواد وبالعموم لا يعقل أن لا يمنح المستورد إجازة استيراد ثانية إلا بعد تخليص الأولى لأن هذا الأمر يعني بالدرجة الأولى نفاذ البضائع من الأسواق وكان يمكن ترشيد الاستيراد برفع الرسوم الجمركية على الكماليات، أضف إلى ذلك فإن استيراد التاجر بطبيعته مرشد نتيجة ظروف الأزمة.

 

وقال أمين سر غرفة صناعة دمشق أيمن مولوي أنه لدى تسعير وزارة التجارة الداخلية للمواد وحديثها عن التكاليف تغاضت عن واقع بأنه لا يمكن لأي منتج أن يعطي بيان تكاليف لعدم وجود إثباتات على ذلك، فسعر صهريج المازوت يختلف في كل عملية شحن، مشيراً إلى أن وزارة التجارة الداخلية تفهمت هذا الأمر حينما أعفت تجار الألبسة من بيان التكلفة وطالبتهم بالفاتورة فقط، علماً بأنه يستحيل تقديم الفاتورة في مواد أخرى، والتاجر لن يعمل إن طلب منه تقديم الفاتورة.

 

أما الحل الأمثل لتخفيض الأسعار ـ حسب مولوي ـ فهو توافر المادة والمنافسة الشريفة، مشدداً على وجود منطقية بالربح لدى التاجر حيث يلاحظ شططه في أرباح بعض المواد، إذ أن أكياس النايلون كانت تربح من 10 إلى 15 ليرة قبل الأزمة، وحالياً رفع التاجر نسبة ربحه إلى 100 ليرة ما اضطر بعض الجهات الحكومية لطلب منع استيراد النايلون كعقوبة للتاجر الذي لا يخفض سعره.

 

وقال الأستاذ في كلية الاقتصاد د. مظهر اليوسف: لحظنا قبل الأزمة صدور إجراءات وقرارات لم تكن مبنية على أرضية سليمة مثل تحرير الأسعار في عام 2001، في حين صدر قانون المنافسة بعد 7 سنوات مع أن صدوره يجب أن يسبق تحرير الأسعار، كما أن الحكومة اتخذت خلال الأزمة قرارات أشعلت نيران الأسعار وأهمها مايتعلق بسعر الصرف والمشتقات النفطية، وكانت زيادة الرواتب هي من أطلق شرارة ارتفاع الأسعار إذ كان يمكن بدلاً عن ذلك إعطاء منح شهرية للمواطنين بمعدل 25% شهرياً حتى لايستغل التاجر الأمر، لكن ماحدث أن الحكومة صارت تبرر للتجار رفع الأسعار بغرض توفير المواد بدلاً من تفكيرها بدعم الإنتاج وخاصة في المناطق الآمنة وتشجيع المنافسة دون الاصطدام مع حيتان السوق.

 

وتحدث الباحث الاقتصادي د.عبد القادر النيال عن أن الحكومة تعاملت مع الظروف الاستثنائية التي نمر بها بقرارات عادية، علماً أن الدول تلجأ بالأزمات لتجميد الدور الليبرالي، مشيراً إلى أن الارتباك الذي حصل بالسياسات الاقتصادية كان عاملاً أساسياً بارتفاع الأسعار، والتي هي مرتبطة بجملة سياسات اقتصادية تم التعامل معها بشكل مرتجل واقترح الاستمرار بسياسة ترشيد الاستيراد والحفاظ على استقرار سعر الصرف وترشيد الإنفاق الاستهلاكي وإعادة النظر بعادات الاستهلاك وتحريك عجلة الإنتاج وضبط الأسعار وتكثيف دوريات الرقابة التموينية وإدخال المزيد من المواد لقائمة التسعير.

 

ولفت عضو جمعية العلوم الاقتصادية د. نبيل مرزوق إلى أن الحكومة قامت بتدخل قوي لاستقرار سعر الصرف وهي قادرة إن أرادت على توفير السلع من خلال منافذ بيع مباشرة أو عن طريق التجار، لكن المشكلة هي بتجار الحروب وتوسع المافيات والفساد، لذا فنحن بحاجة لرؤية ونمط جديد لمعالجة المشكلة.

 

وقال: ليس عندي ثقة بتوفير مواد غذائية لأن المافيات موجودة وبالتالي لن تصل المواد للناس، ولا يبقى أمامنا حل إلا أن ندعو "الله" ليحل مشكلة ارتفاع الأسعار.

 

من جهته عضو جمعية العلوم الاقتصادية السورية د. بشار المنير  أكد أن السعر ليس مسألة اقتصادية وإنما اجتماعية، وإن استقرار الأسعار في ظل عدم استقرار السياسات الاقتصادية هو وهم بغض النظر عن الأسلوب الاقتصادي الذي يمكن اتخاذه سواء حر أم اشتراكي تدخلي، منوهاً إلى أن السياسات الاقتصادية السابقة هي التي همشت كل قطاعات الدولة، وتساءل: كيف تتطور الصناعة وقد فتحنا كل أبوابنا للاستيراد وللأسواق العالمية؟ مشدداً على أن الأسعار لن تستقر لأنها مقرونة بحل الأزمة بطرق سليمة، أما القطاع الخاص فلن يقود إعمار سورية بغياب الدولة.

 

وتحدث المستشار القانوني في جمعية حماية المستهلك د.جمال السطل عن أنه كان وراء قرار تحرير الأسعار في العام 2001 لكن تهميش القطاع العام أثر بشكل سلبي على القرار، حيث دمجت بعض المؤسسات لتخفيض النفقات، لذا فالمطلوب إعادة هيكلة قطاع التجارة الخارجية ودور القطاع العام ليبيع بالجملة والمفرق، والتركيز على أن تلعب الدولة دور منافس للقطاع الخاص لتساهم في كسر السعر، أما الاعتماد على الرقابة التموينية فهو إجراء مشكوك فيه، مشدداً على أن قانون العرض والطلب معطل حالياً لذا لابد من تشجيع سياسة التجارة الداخلية بتحديد هوامش ربح لبعض السلع والمواد

Syriadailynews - Tishreen


التعليقات