لم يكن تاريخ التجارة خلال العقود الأربعة الأخيرة رماديا من سجل جمع الأموال الأسود الذي لم تخلو الأسواق والتعاملات من هذا النشاط غير النظيف الذي يزدهر بين الفينة والأخرى بوجود أرضية خصبة تدفع المتصيدين بمدخرات الناس لتشكيل نواة لمحدثي نعمة جدد لا يتوانون عن المتاجرة بكل شيء لاسيما إذا كان في الأمر تنغيما على الوتر الاجتماعي والديني ليغدو متوسط الحال فريسة وصاحبة المصاغ مطية للكسب الحرام عبر استغلال يعيش المتورطون من خلاله على حلم ضائع لا يجنون منه إلا الخيبة وخسارة كل شيء..؟

 

في عام 1994 استفاق المجتمع على فضيحة جامعي الأموال بعد سبات دام عشر سنوات ليعود النوم والاستيقاظ على موجه جديدة عام 2004, وإذا كانت المبالغ التي "شفطها" أشباه تجار بلغ عددهم نحو600 جامع آنذاك تفوق الـ (100) مليار ليرة سورية , فإن الكلام الدائر هذه الأيام عن وجود آلاف المودعين الذين ضربوا أخماس بأسداس ليجدوا أنفسهم وقد أضاعوا الخميرة والفطيرة في أكياس جامعي الأموال الذين شمعوا الخيط مع بدء الأزمة وغادروا بحقائبهم المتخمة بمكتنزات الناس تاركين آلاف المغفلين الذين تعجز القوانين عن ضمان حقوقهم في الوقت الذي يراهن الجامعون على تفاصيل الأحداث التي تشكل الملهاة بالنسبة للضحايا الذين تعرضوا كغيرهم لخسائر وأضرار نقدية ومادية وبشرية أنستهم "حليبا رضعوه " ولم يكن هناك متسعا لتسليط الضوء على هذه القضية التي مازالت حسب متابعين ميدانيين غير ظاهرة في زحمة الأزمة ؟

 

إلى هنا يبدو التقصي صعبا إن لم يكن مستحيلا لكن ثمة من يسأل عن القانون /8/ لعام 1994 الذي من المفترض أنه وضع حداً للمشكلة ولكنه لم يحلها لاسيما أن القانون لم يحدد معياراً، يبيّن فيه متى يعد جامع الأموال مرتكباً للجرم،و هل يكون حسب كمية الأموال التي جمعها، أو حسب عدد المودعين معه؟ وهل هنالك علاقة لكمية الفائدة أو المقابل الذي يعطيه الجامع للمودع؟ وهذا خطأ فاضح كما يؤكد أحد المحامين حيث يوثق الأرشيف القضائي العديد من الدعاوى التي اقتربت من 569 ادعاءً اتضح فيما بعد أن العديد منها كيدية حيث صدر 204 حكم بالبراءة وعدم المسؤولية ؟ مما يعني أن تحويشة العمر طالما تطير مع المستثمرين وتجار السوق من جلدتنا ؟.

علي بلال قاسم - البعث


التعليقات