تردد الحديث مؤخراً عن شبهات فساد شابت بعض المناقصات لتوريد سلع غذائية معينة، ما أثار جملة من التساؤلات؛ لعل أكثرها أهمية تلك المتعلقة بالرقابة المسبقة على تلك المناقصات منبهاً من حصول أي التباسات تدخل ضمن باب الفساد.

 

مصادر حكومية بيّنت أنه من غير الواقعي أن تخضع جميع المناقصات في المؤسسات الحكومية إلى الرقابة المسبقة والآنية من جهة رقابية مركزية؛ نظراً للكم الهائل من الكوادر البشرية التي يتعين على هذه الجهة الرقابية توظيفها للتدقيق في جميع الإجراءات القانونية والمالية والفنية. مشدداً على أن عمل الجهاز المركزي للرقابة المالية (على سبيل المثال كإحدى الجهات الرقابية) ينحصر في التدقيق الخارجي ولا يتدخل في الأمور التنفيذية للمؤسسات المعنية تلافياً لعرقلة عمل تلك المؤسسات.

 

وأوضحت المصادر أنه من الأجدر العمل على تفعيل للأجهزة الرقابية على مختلف المستويات الإدارية فالمؤسسات هي الجهات المعنية بمكافحة الفساد بالدرجة الأولى. ومن غير المبرر بمكان -والكلام للمصادر- التغاضي عن الفساد الذي يعتري عمل الوزارات والمديريات ذات العلاقة، والرمي بكامل المسؤولية على كاهل الجهات الرقابية.

 

وذكرت المصادر أن معايير الرقابة الدولية الصادرة عن المنظمة الدولية لأجهزة الرقابة العليا (الأنتوساي) -والتي ينضوي الجهاز المركزي للرقابة المالية تحت عضويتها- تبنت نظرةً واقعيةً تجاه مسؤوليات المدقق الخارجي ومحدودية قدرته على كشف جميع مواطن الفساد ولاسيما أن الإمكانات المتاحة أمام الجهاز شحيحة نسبياً كما أصبح معروفاً على نطاق واسع.

 

ولفتت المصادر إلى أن الجهات العامة تملك السلطة الكاملة في تقدير احتياجاتها ووضعها ضمن دفاتر شروط بما يتناسب مع الأهداف المرجوة من هذا الإنفاق وهذا ما يعمل به في كل دول العالم. مشيرةً إلى أنه بالإمكان تمرير حالات من الفساد ضمن وثائق سليمة من الناحية القانونية كأن تقوم مجموعة من كبار الموردين لسلعة معينة بتقديم عروض مالية متفق عليها بينهم حيث ترسو المناقصة على أحدهم في كل مرة ولا يمكن كشف هذه الحالات من الفساد حتى لو كانت الأجهزة الرقابية في الدولة ممثلة ضمن اللجان المسؤولة عن المناقصة، كما يمكن أن تصبح عملية كشف الفساد أكثر صعوبة في حالات استدراج العروض حيث لا تقوم المؤسسات بتحديد سعر سري إنما تبحث عن العرض الأنسب من حيث المواصفات والجودة والسعر.

 

ومن الجدير بالذكر تأكيد المصادر أن هذه الأساليب في التقدم للمناقصات أصبحت عرفاً في السوق، من هنا لنا أن نفهم بأن نسبة حالات الفساد ليست بالقليلة إطلاقاً، من دون أن نبخس التجار الشرفاء حقهم ممن يرفضون الانخراط في مثل هذه الألاعيب.

 

ويجري العمل حالياً بمشاركة الجهاز المركزي للرقابة المالية على تعديل بعض النقاط الواردة في نظام العقود لجعله أكثر مواكبة للمتغيرات والتطورات التقنية وإبقائه قيد التقييم الدائم لمعالجة الثغرات التي قد تظهر أثناء التطبيق على أرض الواقع.

 

ودعت المصادر إلى انتهاج مقاربة أكثر شمولية في معالجة موضوع الفساد حيث إن الفساد ظاهرة اجتماعية بالدرجة الأولى ومكافحته تعتبر مسؤولية عامة تقع على عاتق المجتمع بأسره وتتطلب تضافر الجهود ابتداء من أصغر مكون في المجتمع وليس انتهاء بالجهات التنفيذية والرقابية العليا، كما شددت على ضرورة تأمين متطلبات الأجهزة الرقابية وتحصينها.

 

Syriadailynews - Alwatan


التعليقات