أكّد وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك سمير قاضي أمين أن المرحلة الاستثنائية والصعبة التي تمر بها سورية تحتاج إلى مساعي حثيثة ودؤوبة وعمل على مدار الساعة لتأمين حاجات المواطن من مواد غذائية وأساسيات وتأمينها بأسعار مناسبة.

 

ولم يخف الوزير حقيقة وجود الكثير من الصعوبات وأن الحكومة تبذل قصارى جهدها لتوفير الاحتياجات الأساسية للمواطنين، والمبالغ الضخمة التي يتم صرفها لاستيراد الحاجات الأساسية في هذه الظروف. مشيراً إلى أنه في ما يخص التشريعات والقوانين اللازمة للتماشي مع المرحلة الراهنة والمستقبل المنظور دفع بكوادر الوزارة للعمل على إعداد مشروع قانون «التموين والجودة» وأرسل إلى وزارة العدل للتدقيق فيه وتلافي أي أخطاء قانونية وتم طرحه على موقع التشاركية لإبداء الرأي. مؤكداً أن طرح المشروع لإبداء الرأي أظهر أن البعض لا تناسبه العقوبات المشددة فيه وذلك من وجهة نظره، وتمت مهاجمته بشدة لأنه سيتضرر من عقوباته كمخالفة عدم إبراز البيان الجمركي وخصوصاً أنها ستجبره على كشف سعره في الاستيراد في حين كان هناك من يرحب بإبراز بياناته وأن لا مشكلة عنده.

 

تجربة الصالات ناجحة

وعن تجربة صالات التدخل الإيجابي التي عملت عليها الحكومة عليها بشكل مكثف في الفترة الأخيرة كشف الوزير أيضاً أن الكثيرين حاولوا على سبيل المثال محاربة تجربة صالة مجمع الأمويين الاستهلاكي الذي تم افتتاحه مؤخراً وذلك بذريعة محاربتهم لما سموه «الخصخصة» عبر وضعهم العصي في العجلات «إلا أن النتائج الإيجابية لافتتاحه كانت كفيلة بإثبات صحة هذه التجربة وإيجابيتها». مشيراً إلى أن التجربة في «الأمويين» منعت عمليات الفساد التي كانت تحدث في السابق عندما كان البعض يقوم بتهريب البضاعة إلى الأبواب الخلفية وبيعها للسماسرة بهدف المتاجرة بها وبيعها بأسعار مرتفعة خارج المجمع، وكذلك الحال بالنسبة لمول «قاسيون» في مساكن برزة بدمشق وغيرها. مبيناً أن المواد الغذائية الأساسية في الصالات كالأرز والسكر وغيرها أرخص من السوق بكثير كما أن هناك أنواعاً وخيارات للمستهلك توازي أسعار السوق وله حرية الاختيار. موضحاً أنه بعد أن أصبح سعر كيلو غرام السمنة في الصالة على سبيل المثال بـ250 ليرة فإن فكرة توزيع هذه المادة على البطاقة التموينية تم إلغاؤه لأن الأسباب زالت.

 

وأضاف: تؤكد بيانات البيع اليومية في صالات التدخل الإيجابي كصالة «سندس» في شارع 29 أيار بدمشق أنها قفزت من 10 آلاف ليرة يومياً إلى 1.5 مليون ليرة يومياً «وهذا دليل على كسب ثقة المواطن نتيجة الإقبال على الشراء من الصالات بسبب أسعارها المناسبة والأقل من مثيلاتها في محال الباعة والتجار. «ونتيجة هذه الثقة أصبح المواطن يتجه إلى صالات الاستهلاكية الأمر الذي اضطر العديد من التجار والباعة العاديين إلى تخفيض أسعارهم لجذب الزبائن إليهم».

 

ضبط الأسعار بالإغراق

وعن نية الحكومة إغراق الأسواق بالسلع والمنتجات أكد وزير التجارة الداخلية أنها تأتي بهدف التحكم بالأسعار ولكيلا يبقى المجال أمام التاجر المسيء للتحكم بالأسعار، علماً أن البعض عارض هذا الأمر في حين رّحب آخرون به وهم بالتأكيد التجار الجيدون لأنهم يعملون ضمن الأصول والقوانين وبالتالي قاموا بحماية أنفسهم من المسيء الذي يتهرب من إظهار البيان الضريبي.

 

وأوضح أنه مع الاستقرار في أسعار الصرف وترقب انخفاضات أخرى، فإن الخطة التي تسير بها الحكومة حالياً يمكن اعتبارها متشعبة وذات جوانب عديدة من أولوياتها توفير المواد بأسعار رخيصة وقد تم حصر المواد التي سيتم استيرادها عبر الخط الائتماني الإيراني بالمواد الغذائية الأساسية للمواطنين، كما تم رفع الطلبات إلى الحكومة عن طريق وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية؛ وقد تم الطلب من خلالها كميات تغطي ربعاً سنوياً كاملاً من زيوت وسمون وسكر وأرز ومعلبات وغيرها واستثنينا مواد ليست ضرورية في الوقت الحالي، «أي أن إغراق السوق بالمواد الضرورية سيكون الأساس في تعزيز القوة الشرائية للمواطن».

 

ونوه الوزير بالمساعي الحكومية لزيادة المكون المحلي في السلة الاستهلاكية عبر تأمين العديد من المواد الاستهلاكية وتسعيرها بأسعار مناسبة جداً. لافتاً إلى اللغط الذي حدث عند البعض خلال الحديث عن مسألة التسعير الإداري موضحاً أن المقصود منها كان «إيجاد سلع معينة ضرورية وهي المواد الأساسية المعروفة تضاف إليها مواد أخرى كالأجبان والألبان وغيرها لتقوم الحكومة بفرض الأسعار عليها بعد أن يتم استيرادها عبر الخط الائتماني الإيراني وبيعها عبر المنافذ الحكومية».

 

الأسعار عبر «الائتماني الإيراني» لن ترتفع

وحول تخوف البعض من أن تكون أسعار المواد المستوردة عبر الخط الائتماني الإيراني أكبر من أسعار نفس المواد في حال تم استيرادها من دول أخرى أكد وزير التجارة الداخلية أن الأمر لا علاقة له بهذا الجانب لأن المادة المستوردة ستبيعها الدولة بأسعار أرخص ومناسبة للمواطنين والدولة لها الحرية في هذا الأمر. مبيناً أن بعض السلع والمواد غير موجودة في إيران وهي المسألة التي تمت معالجتها مع الجانب الإيراني قبل نحو أسبوعين وتذليلها عبر الإعلان عن المواد بغض النظر عن منشأها.

 

وأضاف إن الجانب الإيراني أكد للجانب السوري إمكانية الإعلان عن المواد الضرورية، وفي حال وجود أي مبالغ للدولة الإيرانية في مصرف موجود في الصين على سبيل المثال فإنه يمكن اعتبار هذه الأموال تابعة لاتفاقية الخط الائتماني الموقعة بين البلدين، وستقوم إيران بتمويل قيمة الصفقة الموقعة لاستيراد سلعة ما من أموالها الموجودة في ذلك المصرف في الصين.

 

البطاقة التموينية الإلكترونية

وعن التوجه لإيجاد بطاقة إلكترونية لتوزيع المواد المقننة على المواطنين أكد قاضي أمين أنها لا تزال فكرة حتى الآن بهدف التخلص من القسائم الورقية. موضحاً أنها تتضمن الكثير من الصعوبات وتحتاج إلى إمكانيات عالية. مشيراً إلى أن هناك مقترحاً آخر يتحدث عن تحويل قيمة الدعم المالي لهذه المواد إلى بطاقة صراف آلي ويحصل عليها المواطن المستفيد من صالات التدخل الإيجابي ولهذه المواد التموينية حصراً.

 

وقف إجازات استيراد البعض لن يؤثر في السوق

سحبت الحكومة قبل فترة إجازات الاستيراد من بعض التجار نظراً لعدم تطبيقهم الاتفاق بتخصيص نسبة 15% من مستورداتهم من السكر والأرز لبيعه في صالات التدخل الإيجابي، وحول ذلك أوضح قاضي أمين أن الوزارة رفعت بهذا الخصوص مقترحات إلى اللجنة الاقتصادية ليتم تحويل القيمة المالية لهذه النسبة (15%) من المستوردات إلى الوزارة لتقوم بشراء مواد مماثلة بهذه القيمة «إلا أن الحكومة لم توافق على هذا المقترح وقررت تحويل قيمة هذا القطع إلى المصرف المركزي وبحرمان المستورد من إجازة استيراده لفترة من الزمن، علماً أن إيقاف هؤلاء لم يؤثر في الكميات المتوافرة في السوق من هذه السلع».

 

وحول مطالبات البعض بضرورة العمل على تخفيض أسعار المشتقات النفطية خلال الفترة الحالية مع استقرار أسعار الصرف أكد وزير التجارة الداخلية أنه على الرغم رفع أسعار المشتقات إلا أنها لا تزال مدعومة من الدولة رغم أننا لا ننتج سوى نسبة 4% فقط من إنتاجنا السابق قبل الأزمة والكمية اللازمة المتبقية تقوم الدولة باستيرادها من الخارج، ما جعل الدعم الحكومي الحقيقي لهذه المشتقات النفطية أكبر بكثير من السابق.

 

استجرار مطاحن متنقلة

ورداً على سؤال عن احتياجات كل المحافظات السورية من الطحين بيّن الوزير أمين أن احتياجات القطر من الطحين قبل الأزمة الحالية كانت تصل إلى نحو 7 آلاف طن يومياً، وفي الوقت الحالي نقوم بتوزيع كمية تتراوح بين 4200 إلى 4500 طن يومياً إلى جميع المخابز العاملة في المحافظات. مؤكداً أن رئيس مجلس الوزراء الدكتور وائل الحلقي لا يمكن له أن يشرب قهوته الصباحية كل يوم قبل أن يتأكد من توافر كمية الطحين اليومية اللازمة لعمل المخابز. موضحاً أنه مع النقص في الطاقة الطحنية تقوم الحكومة باستيراد الكميات للازمة لسد الحاجة اليومية وتأمين المخازين، وتستهلك مخابز دمشق والمنطقة الجنوبية في الوقت الحالي 1300 طن يومياً.

 

وعن مصير العقد الموقع لطحن الأقماح السورية في دولة العراق كشف أن العقد المذكور لم يتم تنفيذه إلى الآن إذ ينص على سعر 90 دولاراً للطن الواحد، ولذلك نرى أن الطحن في مطاحن القطاع الخاص إن أمكن ذلك سيكون ذا تكلفة أقل، ولذلك عملنا على تشجيع المجتمع المحلي على هذا الأمر مهما كانت قدرة المطحنة عنده, وكشف الوزير عن دراسة حالية لعقد خارجي يهدف إلى استجرار مطحنتين متنقلتين «وفي حال نجاح هذه التجربة سيتم زيادة عدد تلك المطاحن وتعميمها على كل الأماكن الآمنة التي يمكن الطحن فيها، وهذا فيه فسح المجال أمام المجتمع المحلي للمشاركة.

 

وكشف الوزير عن إرسال طحين إلى مدينة دير الزور مؤخراً باستخدام الطائرة وبكمية 30 طناً في كل شحنة ولذلك تمت الاستعانة بإحدى مطاحن القطاع الخاص هناك لما فيه توفير لكل هذه الجهود والتكاليف الإضافية.

 

 

عبوات خاصة بصالات التدخل..

الحكومة تدخل على خط «المتة» لمنع المضاربة

كشف الوزير قاضي أمين عن أنه نتيجة لدخول مادة المتة كسلعة يومية في بيوت شريحة واسعة من المواطنين السوريين فإن اتفاقاً يجري التحضير له حالياً مع مستوردي مادة المتة لتحضير عبوات مخصصة لبيعها في صالات المؤسسة الاستهلاكية بسعر مخفض عن سعرها في السوق، مشيراً إلى أنها ستكون ذات علامة مميزة كي لا يتم تداولها للبيع خارج هذه الصالات ولكي لا يستفيد منها أي أحد في المضاربة.

 

وأشار الوزير إلى أنه ستتم المباشرة بهذا الأمر في الوقت القريب العاجل بهدف إرضاء الناس مؤكداً أن سعر هذه المادة من المنشأ في الأرجنتين عانى من ارتفاعات بلغت 6 أضعاف أسعارها السابقة، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع أسعارها في جميع دول العالم إلا أنها بقيت في سورية أرخص من جميع الدول المستهلكة لها.

Syriadailynews - Alwatan


التعليقات