متغيرات عديدة مرت بالقطاعات الاقتصادية السورية خلال العام 2013 الا ان أكثرها شداً لانتباه المواطن بالتوازي مع الغذائيات كان الذهب والقطع الأجنبي، بالنظر الى الترابط الحاصل بينهما في الظروف الحالية، وان كانت اسباب متغيرات القطع الأجنبي تخضع لعوامل عدة اغلبها غير معلن،

الا ان الذهب كان الأكثر وضوحا من غيره، فمن سعر متهاود الى ما بعد بدايات الازمة بحوالي العام الى قفزات أوصلت سعر غرامه الواحد الى 13 ألف ليرة سورية لمدة ايام قليلة، ليعاود بعدها انخفاضات بطيئة على النقيض من ارتفاعاته السريعة، وصولا اليوم الى ادنى سعر له منذ حوالي 18 شهرا والبالغ 5000 ليرة سورية للغرام من عيار 21 قيراطاً، مع الأخذ بعين الاعتبار ان ذهب الادخار من ليرات واونصات ذهبية كان سيد الموقف خلال السنة الحالية تبعا لأغراض الادخار والاكتناز من قبل المواطنين على خلفية الخسارات التي تسبب بها الدولار لمن ادخر به.‏

‏‏‏

رئيس جمعية الصاغة في دمشق غسان جزماتي وباستعراض ابرز المحطات التي مر بها الذهب خلال عام 2013 قال ان الجمعية تمكنت من مكافحة ظاهرة الذهب المزور والتي استشرت في السوق لمدة لا تتجاوز الاشهر الثلاثة مشيرا الى ان متابعة الجمعية لكل القطع الذهبية واصرارها على تحليلها وتحديد عياراتها لعبت دورا في الحد من هذه الظاهرة والقضاء عليها نهائيا في فترة قصيرة، مبينا ان الجمعية اتخذت اجراءات حمائية تكفل للمواطن حقه وتقوم على تبديل القطعة غير دقيقة العيار من محل الصائغ البائع نفسه مع ترتيب عقوبات تدريجية بحقه في حال تكرار المخالفة تأسيسا على اعتبار المخالفة الاولى غير مقصودة او وقعت دون وجود النية السيئة.‏

وبحسب جزماتي فان جمعية الصاغة قد تمكنت كذلك من اعادة ترتيب البيت الداخلي من خلال اعادة الأواصر بينها وبين الكثير من الصاغة المنقطعين عنها واقناعهم بسداد الاشتراكات المترتبة عليهم مما حقق للجمعية مبالغ بملايين الليرات السورية برأت ذمتها من خلالها تجاه الاتحاد العام للحرفيين بسداد الخسائر التي لحقت بها جراء عدم التزام الصاغة في فترة من الفترات، وفي الوقت نفسه فقد نحجت الجمعية كذلك في اعادة ما يقارب 70 ورشة صياغة الى العمل من الورشات التي أغلقت مع بدايات الازمة، وباتت الآن تعمل وتسدد اشتراكاتها ورسومها بانتظام تجاه الجمعية، بالتوازي مع لم شمل جزء مهم من الصاغة مرة اخرى ودمجهم بمجتمع الجمعية بالنظر الى ان دمشق وحدها تشتمل على 3200 صائغ يتردد منهم الآن على الجمعية وبانتظام حوالي 1500 صائغ مرخص.‏

وباستعراض المتوسط الشهري لأسعار الذهب من عيار 21 قيراط على مدار العام نجد أن متوسط السعر لشهر كانون الثاني 4355 ليرة وشهر شباط 4346 ليرة و في آذار بلغ الوسطي 4445 ليرة وفي نيسان بلغ 5235 ليرة و في أيار 5550 ليرة سورية وحزيران 6705 ليرات و تموز 8065 ليرة لينخفض في آب إلى 7975 ليرة أما في أيلول فبلغ وسطي السعر 8104 ليرات بالنظر إلى ارتفاع الدولار خلال الشهر إلى 330 ليرة ووصل في منتصف أيلول إلى 11 ألف ليرة سورية ليسجل في تشرين الأول 6633 ليرة وهو بداية الانخفاض للذهب ويواصل انخفاضه في تشرين الثاني إلى 5592 ليرة وفي كانون الأول بلغ 5205 ليرة.‏

وبحسب مواطنين وصاغة في الوقت نفسه فإن الذهب شكل ملاذاً ادخارياً آمناً في الغالبية العظمى من الأوقات خلال السنتين الماضيتين وهو توجه عكسه حجم المبيعات التي تتم يومياً في سوق صاغة دمشق بالنظر إلى شراء المواطنين فيها لكميات من الذهب تتراوح بين 4 كيلو غرامات في أدنى المستويات و18 كيلو غراماً من الذهب في أعلى المستويات، أما ما يؤكد إقبال المواطنين على الادخار والاكتناز بالذهب فهو شراؤهم لذهب الادخار من ليرات ذهبية رشادية كانت أو انكليزية بعيارها (21 و22 قيراطاً) إضافة إلى شراء الأونصات الذهبية والتي كانت مبيعاتها تصل في بعض الأحيان إلى ما ينوف على 400 أونصة، بالتوازي مع أرقام تتجاوز 700 ليرة ذهبية في بعض الأحيان.‏

ومن جانب آخر نجحت الجمعية كذلك في استصدار الصكوك التشريعية التي تتيح لها ادخال الذهب الى سورية بمعونة ومساعدة كبيرة من الاتحاد العام للجمعيات الحرفية واتحاد حرفيي دمشق، مع تحديد الرسوم المالية المقررة على إدخال الذهب والمفروضة بالمرسوم التشريعي رقم 53 لعام 2012، والقاضي بإعفاء مستوردات الذهب الخام من جميع الرسوم الجمركية مقابل استيفاء رسم مالي مقدار 100 دولار أمريكي على إدخال كل كيلو غرام من الذهب الخام، قد وجهت الإدارة العامة للجمارك مديرياتها الاقليمية المعنية للتقيد بالسماح بإدخال الذهب الخام عبر جملة من المنافذ الحدودية منها أمانة جمارك مطار دمشق الدولي ومطار حلب الدولي وجديدة يابوس، على أن يتم استيفاء الرسوم المالية المقدرة بمبلغ 100 دولار أمريكي على كل كيلو غرام من الذهب الخام مرفقة باستمارة إدخال الذهب الخام وفق جملة من الضوابط بحيث يقوم المسافر الذي يرغب بإدخال الذهب الخام بملء الاستمارة والتي تتضمن معلومات حول الذهب المدخل، إضافة إلى قيام الأمانة الجمركية المعنية بعملية الكشف على الذهب وتحديد وزنه وقيمة الرسوم المالي المتوجب دفعه على الاستمارة، حيث تطلب الأمانة الجمركية من المسافر التوجه إلى كوة المصرف التجاري السوري لدفع الرسم المالي.‏

ووفقا لجزماتي فان الأمانات الجمركية المعنية تقوم بتزويد مصرف سورية المركزي بجداول شهرية مفصلة حول عمليات إدخال الذهب الخام التي تمت عبر كل منفذ من المنافذ الحدودية والمسموح بإدخال الذهب الخام عن طريقها، مع اعتبار أجزاء الكيلو غرام من الذهب كيلو غراماً كاملاً وتعامل معاملته عند احتساب الرسم المالي على إدخال الذهب الخام.‏

وبالمقابل .. فان عمليات تصدير الذهب حسبما يقول رئيس جمعية الصاغة في دمشق لم تبدأ بعد بالرغم من ان الجمعية تتلقى وبشكل دائم استفسارات من صاغة يريدون المباشرة في تصدير الذهب، بالنظر الى ان هذه المسألة لا تتعلق بالجمعية وحدها بل هي حق لكل المواطنين ..اي ان التعليمات لم تصدر خاصة بجمعية الصاغة بل يمكن لكل مواطن ان يستورد من الذهب الكميات التي يريدها وفي حال رأت الجهات المعنية بالجمارك او المنافذ الحدودية رأياً يتعلق بهذا الذهب فسوف تبادر الى سؤال جمعية الصاغة ولا شك، معتبرا ان هذه النتيجة الايجابية في السماح بتصدير واستيراد الذهب ما كانت لتتم لولا المؤازرة والجهود التي بذلها الاتحاد العام للجمعيات الحرفية في دعم الصاغة لتحقيق مطالبهم وترجمة مقترحاتهم الى قرارات واليات عمل، وهي قرارات من شأنها دعم الاقتصاد الوطني ورفده بموارد جديدة تصب في الخزينة العامة للدولة وتدعمها، بالاضافة الى قوننة هذه العملية واغلاق الباب امام كل من قد يلجا الى تهريب الذهب الى داخل سورية بالنظر الى ان تكاليف الاستيراد باتت محددة وغير مرتفعة وبالتالي بإمكان من يريد الاستيراد ان يستورد دون ان يضطر الى التهريب وتكاليفه التي تكون مرتفعة دون شك واغلى من تكاليف الاستيراد.‏

أخيرا ..اعتبر رئيس جمعية الصاغة بدمشق ان اهم ما قامت به الجمعية خلال عام 2013 هو العمل لإطلاق الليرة الذهبية السورية العتيدة موضحا ان الجمعية اجلت ميعاد طرحها إلى بداية السنة الجديدة بعد ان كان مقررا خلال الأشهر السابقة بالارتكاز إلى مبررات موضوعية تقوم على إعداد قوالب سك هذه الليرة لدى جمعية دمشق باعتبارها جمعية مركزية تعمم سعر الذهب يوميا على كافة جمعيات الصاغة في المحافظات السورية حتى لا يكون هناك تباين في الزخارف والشعارات المنقوشة عليها وبالتالي كان لا بد لجمعية دمشق من وقت اضافي لاعداد هذه القوالب فتكون الليرة قد طرحت مع بداية العام القادم.‏

وقال جزماتي :ان مشروع الليرة الذهبية بمثابة الايقونة التي تعبر بشكل حقيقي عن ارادة السوريين في التعايش وحضارتهم وقدرتهم على النهوض باقتصادهم، مؤكدا ان هذه الليرة ستكون من عيار 21 قيراطاً وبوزن ثمانية غرامات ومعترف بها وصالحة للاستخدام والتداول في داخل سورية اضافة الى قيمتها المحفوظة خارج سورية ايضا بالنظر الى نقاء ذهبها كما هو حال الذهب السوري بكامل شرائحه.‏

مازن خيربك


التعليقات