بعد أن حقق قطاع الدواجن في سورية خلال السنوات السابقة للأزمة قفزات في الإنتاج وصلت إلى متوسط إنتاج يتراوح بين 3و 4 مليارات بيضة سنويا و 180 إلى 200 ألف طن من الفروج سنويا على مدار عشر سنوات، إذ وصل عدد المداجن إلى 12 ألف مدجنة مرخصة يضاف إليها ثلث هذا العدد مداجن منتجة غير مرخصة ويستفيد من هذا القطاع نحو 1,3مليون شخص يعملون في مختلف مراحل الإنتاج والتسويق.

 

أصبح غلاء أسعار الأعلاف ومستلزمات الإنتاج  وصعوبة تأمينها و مجمل الأضرار التي لحقت بقطاع الدواجن بسبب الأزمة الحالية التي تمر فيها البلد عناوين لمشكلات مستعصية أسهمت في خروج الكثير من مربي الدواجن  من العمل بهذا القطاع المهم والحيوي الأمر الذي أدى إلى  تراجع ملحوظ في كميات وحجم الإنتاج والتحول من مرحلة الوفرة وتحقيق الفائض للتصدير إلى مرحلة الحاجة والبحث عن الاستيراد.

 

فما الحلول والسبل المناسبة للخروج من هذا الواقع والعودة بهذا القطاع إلى سابق عهده؟

 

المدير العام للمؤسسة العامة لتربية الدواجن المهندس سراج خضر أفاد بأن حجم الإنتاج في المؤسسة من بداية العام الحالي وحتى شهر تشرين الأول بلغ 140 مليون بيضة و 1360 طناً من الفروج ، وأن المؤسسة تؤمن 25% من حاجات القطر من الصيصان إذ تبلغ حاجة القطر السنوية 20 مليون صوص تؤمن منها المؤسسة من 4-5 ملايين صوص ولاسيما في منشأة مرج السلطان التابعة لمنشأة صيدنايا المعنية بتوفير الصوص البياض.

 

وعن حجم الضرر الذي طال المؤسسة بيّن خضر أن (4 ) منشآت خرجت من الخدمة من أصل (11) منشأة وهي منشأة الحسكة والرقة وحلب والمعرة، وأن الطاقة الإنتاجية لهذه المنشآت الأربع تبلغ 40% من حجم الإنتاج لكل المنشآت إذ كانت تعمل هذه المنشآت على إنتاج 150 مليون بيضة سنوياً و 700 طن من الفروج وإنتاج 4 ملايين صوص.

 

كما أوضح أن أهم المشكلات التي يعانيها قطاع الدواجن حالياً هي مشكلات الطرق وصعوبات وارتفاع كلفة النقل و أسعار الأعلاف ومستلزمات الإنتاج وتأمين الصوص، مبيناً أنه بغية تأمين الحاجة من الصوص وكسر الحصار المفروض على البلد عملت المؤسسة على استيراد بيض التفريخ عن طريق لبنان وتم تفقيسه  في منشآت المؤسسة وأصبح عمر القطيع حالياً (20) أسبوعاً وخلال الأسابيع الأربعة القادمة سيكون هذا القطيع قد أصبح في طور الإنتاج.

 

وفيما يخص صعوبات النقل وتعرض الكثير من سيارات المؤسسة للخطف والنهب لكونها سيارات حكومية لجأت المؤسسة للاستعاضة عنها باستخدام سيارات القطاع الخاص لنقل وتأمين المواد والمنتجات.

 

وأشار خضر إلى أن هناك تنسيقاً بين المؤسسة العامة للدواجن و هيئة تخطيط الدولة بتوجيه من رئاسة الحكومة للتوسع في الإنتاج في محافظات اللاذقية وطرطوس والسويداء وتطوير لمنشآت الدواجن الحكومية التابعة للمؤسسة فيها وزيادة طاقتها الإنتاجية واستثمار الحظائر ذات التربية الأرضية وتحويلها إلى بطاريات طابقية، ما يزيد من طاقتها الإنتاجية إلى ثلاثة أضعاف وأنه تم إعداد الكثير من الدراسات بغية ذلك، ويجري حالياً البحث في آلية التمويل المناسبة لتنفيذ ذلك على أرض الواقع.

 

وأضاف: إن المؤسسة تبحث مع الجهات المعنية كيفية تخفيف الأعباء عن المربين وتسهيل تأمين مستلزمات الإنتاج اللازمة، إضافة إلى التخفيف من حلقات الوساطة بين المؤسسة والمستهلك من خلال العمل على زيادة منافذ البيع المباشر للمستهلك بغية تأمين المنتجات للمواطن بسعر التكلفة، وفي هذا السياق تتم الاستفادة من منافذ البيع التابعة للمؤسسات الاستهلاكية و منافذ الخزن والتسويق، وأن المؤسسة ملتزمة بتنفيذ العقود مع كل جهات القطاع العام من مشافٍ وإدارات محلية والمرافئ والكهرباء وغيرها من فعاليات القطاع العام.

 

وأوضح خضر أن هذا القطاع الحيوي الذي يعمل فيه قرابة  1,3 مليون شخص، أي حوالي  5% من سكان القطر حيث يرتبط به الكثير من المهن والمصالح من العمالة ومواد البناء والتجهيزات وشاحنات النقل والمسالخ والتحويلات المالية، يحتاج تقديم القروض وتأمين الأعلاف وتأمين البنية التحتية ولاسيما الطاقة الكهربائية وفق الأسعار الزراعية عادّاً أن هذا من شأنه أن  يسهم في عودة المربين للعملية الإنتاجية واستعادة هذا القطاع دوره الحيوي والفاعل.

 

وعن استيراد الفروج يرى خضر أنه ستكون هناك آثار سلبية تصيب القطاع وكل العمليات والمصالح المرتبطة به التي تستفيد منها قطاعات واسعة من الناس، وهنا تظهر أهمية قطاع الدواجن كعملية إنتاجية (صناعة) وليس فقط تجارية، عادّاً أن الاستيراد، إذا كان يشكل حلاً في الوقت الحالي، فلابد من التعامل معه على أنه مؤقت والاستمرار في تنمية ودعم قطاع الدواجن عبر كل الإمكانات المتاحة.

 

الدكتور مجد أيوب- مدير الاقتصاد الزراعي في وزارة الزراعة يرى أن دعم قطاع الدواجن  عبر تأمين الأعلاف الكافية ومستلزمات الإنتاج للمربين و الأسعار المناسبة وتوفير صوص التفقيس أصبح ضرورياً، مبيناً أن وزارة  الزراعة تعمل على التحضير لعقد ورشة عمل للبحث في مختلف هذه القضايا، كما أكد أيوب أنه  لابد أيضاً من  إعادة تنظيم العمل في هذا القطاع  عبر إحداث اتحاد نوعي لمربي الدواجن للإشراف على صناعة الدواجن وتصريف الإنتاج بصورة علمية وتنفيذ التوجيهات البيطرية لمكافحة الأوبئة ومواجهة الأمراض التي يتعرض لها هذا القطاع  ومعالجة مشكلة تذبذب أسعار الفروج والبيض.

 

وأن الوزارة  كانت قد رفعت هذا المشروع  لرئاسة مجلس الوزارء التي تريثت في دراسة الموضوع بناء على طلب من الاتحاد العام للفلاحين الذي طالب بأن تكون مثل هذه الاتحادات بإشرافه وأنه يعمل على إعادة بلورة قانون تنظيم جديد للفلاحين يسمح بإحداث مثل هذه الاتحادات النوعية.

 

من جانبه، أشار رئيس غرف اتحاد الزراعة محمد كشتو إلى أن حجم التراجع الذي أصاب هذا القطاع كبير، فقد تراجعت كمية البيض التي يعمل الاتحاد على تصديرها من 12 ألف صندوق يومياً إلى 200 صندوق في اليوم حالياً.

 

ويرى كشتو أنه من الأسباب المهمة التي أدت إلى خروج الكثير من المربين من هذا القطاع عامل التمويل ولاسيما أن نسبة 85 % هم من المربين الصغار الذين يعتمدون في الحصول على مصادر تمويلهم على وسطاء أو من خلال الديون ولاسيما أن معظمهم يعمل في تربية الفروج لأن دورة الإنتاج قصيرة ولا تتجاوز 45 يوماً.

 

كما بين أن تطوير تقانات الإنتاج ودعم مدخلات الإنتاج والإعفاء من الضرائب والرسوم المفروضة عليه تسهم في خفض تكاليف إنتاج الفروج مبينا أن تنمية قطاع إنتاج لحم الدواجن وبيض المائدة ضرورة تفرضها اعتبارات المحافظة على الإنماء المتوازن بين قطاعات الاقتصاد المختلفة ولاسيما أن الدولة تسعى لتحقيق الأمن الغذائي والاعتماد على الذات.

 

وعن مسألة استيراد الفروج أفاد كشتو أنه لا مانع من استيراد الفروج خلال المرحلة الحالية لسد حاجة السوق لكن الخطورة في أن نتحول إلى مسألة الاستيراد بشكل دائم. ولابد من الإشارة إلى أن الكثير من المهتمين بهذا القطاع يشاطرون كشتو تخوفه من الآثار السلبية لعملية استيراد الفروج ولاسيما بكميات كبيرة ولمدة طويلة على المربي والمنتج الوطني على حد سواء، إذ سيكون لهذا لقرار، منعكساته المدمرة على قطاع الدواجن في سورية ولاسيما لجهة خروج المنتج المحلي من العملية الإنتاجية بشكل شبه كامل وتالياً عزوف قسم كبير وجديد من مربي الفروج والأمات عن التربية، وإن مشروع قرار السماح باستيراد كميات محددة ولفترة مؤقتة، شهر على سبيل المثال لا الحصر، سيجعل من الصعوبة بمكان على العملية الإنتاجية المحلية الإقلاع من جديد بالطاقة نفسها قبل عام ونصف العام تقريباً، وهذا وحده سيكون كفيلاً بإعادة هذا القطاع الاقتصادي الحيوي أشواطاً إلى الوراء، وإنه لابد من التعامل مع ملف كهذا بحذر شديد لما له من أهمية كبيرة على صحة الإنسان والحيوان معاً، ولاسيما أن المربي السوري مازال يستخدم مواد هرمونية بسيطة وبجرعات قليلة غير محظورة، وعليه، فإنه في حال تم السماح باستيراد كميات من لحوم الفروج المجمدة، فإن الفريق الفني الذي سيتم تكليفه بإتمام عملية الاستيراد سيجد صعوبة بالغة في التأكد من خلو المنتج المستورد من الأثر المتبقي للهرمونات المضرة والمحظورة، فضلاً عن أن المنتج المستورد المبرد الرخيص- كما تشير التأكيدات الصادرة عن وزارة الاقتصاد والتجارة- يعني إدارة الظهر للمنتج الوطني.

Syriadailynews - Tishreen


التعليقات